حكم المرشد العسكري

حكم المرشد العسكري

04 نوفمبر 2014
+ الخط -

(1)

عندما يستغل عبد الفتاح السيسي مذبحة الشيخ زويد، ليصدر قراراً بقانون أن تتحول مرافق الدولة إلى منشآت عسكرية، وأن تصبح، من الناحية العملية والفعلية، أي مظاهرة بجوارها تعرض أصحابها، ولو كانوا طلاباً أو طالبات، للمحاكمات العسكرية، فلعلكم الآن تفهمون لماذا نقول دوماً، وسنظل نقول (يسقط.... يسقط.... حكم العسكر).

(2)

مكتب إرشاد السيسي مكون، إلى جانب القادة العسكريين الرسميين، من عشرات الخبراء العسكريين الإستراتيجيين الذين جمعوا الفشل عبر سنوات، لم يشارك أحد منهم في حرب مجيدة، ولا جرب انتصاراً، ولا شارك في الحياة المدنية إلا قامعاً أو مزدرياً أو موتوراً، يظهرون في كل الفضائيات والإذاعات، بدعاءٍ بالويل والثبور على الحياة المدنية، وعلى قيم الحرية والديمقراطية، وعلى ثورة 25 يناير ومكتسباتها.

(3)

هؤلاء هم مكتب الإرشاد الذي لا يستعين السيسي إلا به، وإلا فليقل لنا مؤيدو السيسي من هم مستشاروه. كان هؤلاء المؤيدون كلما خرج الرئيس محمد مرسي بقرار يطالبون بمعرفة من هم مستشاروه في هذا القرار، وإلا استنتجوا أنه خرج من مكتب الإرشاد، فأصبح كل قرار للرئيس متهم عندهم بأنه خارج من مكتب الإرشاد لجماعة الإخوان المسلمين، وأصبح الإعلان الدستوري بالضرورة من مكتب الإرشاد.

(4)

وأسألهم: ماذا تقولون الآن في الرئيس الذي يصدر، كل يوم، تقريباً، حزمة قراراتٍ، يدمر بها الحياة المدنية؟ ويستغل كوارث هو المسؤول الأول عنها بطبيعة منصبه، هكذا كانوا يقولون عن مرسي، ليعصف، يوماً وراء يوم، بما تبقى من الحياة المدنية، ويدوسها ببيادته وبيادات مكتب الإرشاد العسكري الذي يرجع إليه.

(5)

وأسال الذين وصفوا الإعلان الدستوري للرئيس مرسي بأنه استبدادي، وصادر من مكتب الإرشاد، ما رأيكم الآن في حالة (السيلان) التشريعي التي أصابت المتوالين على الحكم بعد 3 يوليو، في فترتها الأولى (السيسي تحت مسمى عدلي منصور)، وفي فترتها الثانية (السيسي صريحاً)، مئات القوانين أشبه بالإعلانات الدستورية، وعشرات منها أكثر استبداداً بكثير من الإعلان الدستوري (المؤقت) الذي أصدره الرئيس مرسي، فلماذا لم تسائلوا السيسي عن حالة (السيلان) التشريعي؟ ألا تسألونه لماذا وإلى متى؟ لماذا لم تسائلوه عن أي من هذه المئات من التشريعات؟ لماذا لم تطالبوه بإعلان أسماء مستشاريه الذين رجع إليهم في كل قانون من هذه القوانين!

(7)

أيام الادعاء بحكم المرشد وادعاءات (أخونة) البلاد، كان هناك رئيس ومعارضة، وحياة سياسية، وإعلام له منابره المختلفة، وحريات واسعة تسمح بمهاجمة الرئيس ليل نهار، وأحزاب على الطريق الصحيح للنمو، لأن الحكم كان، ببساطة، مدنياً، ولأن الرئيس كان رئيساً مدنياً يؤمن بالحريات ويؤمنها، أما الأيام الحالية، أيام الحكم المباشر لمكتب الإرشاد العسكري، فإن (عسكرة) الدولة وصلت إلى أن يصبح 18 محافظاً من الألوية العسكريين، وصلت إلى أن يتم التلاعب بالقوانين، لكي تتيح محاكمات طلاب الجامعة وطالباتها أمام المحاكم العسكرية، وصلت إلى أن يتم تهجير أهلنا في أجزاء من سيناء، وترهيب أهالي مناطق كثيرة بالطائرات من فوقهم، والدبابات من أمامهم ووراءهم، فمن يستطيع أن يقيم في تلك المناطق، ويأمن على حياته وحياة أولاده وأسرته.

(8)

وصل الأمر، تحت حكم مكتب الإرشاد العسكري، أن تنتقل العدالة في مصر من عدالة القانون إلى عدالة الأباتشي، ومن القاضي الذي يفترض أن يسهر الليالي، يدرس الأدلة والقرائن، ويوازن بين مرافعات الدفاع والنيابة، ولا يحكم إلا بغلبة الظن، في كل حالة وعلى كل متهم على حدة، فإن شك، فإنه يحمل الشك على أنه لصالح المتهم، يتلاشى هذا كله لتصبح حياة الناس رهينة بمزاج قائد الأباتشي المتشوق لاستخدام سلاحه، أو بقائد الدبابة الذي يقصف مناطق (الإرهابيين المحتملين)، والذي يده على الزر، فحياة الناس معلقة بضغطة منه، يرى أن هذه المنطقة أماناً، فيؤمنها إلى حين، ويرى في ذلك البيت خطراً محتملاً، فيزيله من الدنيا بمن فيه، ويحكم عليهم بالإعدام. والشك غالباً ليس في صالح المتهم، فالمصطلح المفضل الآن (التصفية)!

avata
avata
يحيى حسن عمر (مصر)
يحيى حسن عمر (مصر)