برية السواحرة: أراض شاسعة سرقها الاحتلال الإسرائيلي وضيعها الإهمال

برية السواحرة: أراض شاسعة سرقها الاحتلال الإسرائيلي وضيعها الإهمال

القدس المحتلة

محمد عبيدات

avata
محمد عبيدات
31 مارس 2017
+ الخط -
ربما تتسع المساحات الشاسعة من الأراضي القاحلة في برية السواحرة، جنوب شرقي مدينة القدس المحتلة، لستة مدن متلاصقة، لكبر حجمها وامتدادها من القدس حتى البحر الميت، لكنها ضاعت بسبب إهمال السلطة الفلسطينية من جانب، وسرقة الاحتلال الإسرائيلي من جانب آخر تحت ذرائع وضع اليد.

تبلغ مساحة تلك الأراضي حوالي 180 ألف دونم، تسيطر سلطات الاحتلال الإسرائيلي على ألفين منها، فيما تضع اليد على البقية من خلال الذرائع الأمنية، ومخططات استعمارية بحتة، كطريق نسيج الحياة، وجدار حاضنة المستعمرات، كما تم بناء مستعمرتي "كيدار أ" و"كيدار ب" على 400 دونم منها، ومعسكر "البقيعة" الذي يستخدم لتدريب الجنود والذي يلتهم آلاف الدونمات، ويعد الأضخم في الضفة الغربية المحتلة.

ويقول رئيس بلدية السواحرة، يونس جعفر، لـ"العربي الجديد"، إن البلدة تقع على ستة أحواض طبيعية، بحسب السجل البريطاني، قسمت مع احتلال الضفة والقدس إلى ثلاث بلدات، وهي السواحرة الشرقية، وجبل المكبر، والشيخ سعد، وسيطرت سلطات الاحتلال على الحوض الأكبر منها، وهو برية السواحرة، وصودر ضمن أوامر عسكرية بغرض عسكري، ما يشكل خرقا للقانون الدولي.

غالبية الأراضي في تلك المساحات الشاسعة مصادرة، ويؤكد رئيس البلدية أن ما نسبته 75% من إهمال السلطة الفلسطينية والجهات الرسمية للأراضي تسبب في ضياعها، إضافة إلى قلة مشاريع دعم وتعزيز صمود التجمعات السكانية هناك، سواء البدوية المتاخمة للمستعمرات أو أصحاب الأرض الأصليين.

تحاول بلدية السواحرة أن تعزز صمود السكان هناك، والمحافظة على الأرض، ومنع الاحتلال من سرقتها، ويلفت جعفر إلى أنه لن يتم التنازل عن تلك الأراضي، مهما تعددت طرق الاحتلال في السيطرة عليها ومصادرتها.

عاش أهالي السواحرة سنوات طوال في برية السواحرة، وتركوا العيش فيها لمواكبة الحضارة في أراضيهم المجاورة لها، فالطريق إلى تلك الأراضي وعرة وصعبة، كما أن الاحتلال الإسرائيلي يمنع تعبيد الطرق أو شقها هناك.

يمنع الاحتلال أهالي البلدة من استصلاح أراضيهم وإدخال الآليات إليها، ويمنعهم من البناء فيها، وحتى زراعة الأشجار، كما يحرمهم من كافة مقومات الحياة الأساسية فيها، ويعيش من تبقى فيها ضمن الحياة البدائية وبعض ألواح الطاقة الشمسية التي تزودهم بالكهرباء الخفيفة والضعيفة.

في ذكرى يوم الأرض، "العربي الجديد" قام بجولة موسعة في تلك المساحات الشاسعة والضخمة من الأراضي المهملة، فيها أكثر من 135 بئرا لتجميع المياه، ومدرسة منع الاحتلال من إكمال سقفها وأخطرها بالهدم، ومحميتان رعويتان تم تجريفهما في وقت سابق من هذا العام على مساحة 500 دونم.

ورغم قساوة الحياة هناك، يمكن ملاحظة التجمعات البدوية المتناثرة على سفوح الجبال وبين المنحدرات والأودية، يعيشون في بيوت من صفائح الحديد، وعلى شبكة مياه مددتها لهم بلدية السواحرة بامتداد تسعة كيلومترات، من أجل تعزيز صمودهم ومحاولة تكييفهم مع الحياة القاحلة هناك، حتى لا تضيع الأراضي بشكل نهائي.

ويوضح جعفر أنه لولا تلك التجمعات البدوية، وأصحاب الأرض الأصليين، لا سيما الملاصقين للمستعمرات، لشاهدنا مستعمرات أكبر على آلاف الدونمات من أراضي برية السواحرة.





في البرية أيضا، ثمة تجمعات بدوية متاخمة لسياج مستعمرة "كيدار"، هناك قابلنا المسن أبو نايف الهذالين، والذي يعرقل صموده هناك توسع المستعمرة، ويصر على البقاء رغم صعوبة الحياة والطريق الوعرة التي تقوده إلى التجمع الذي يعيش فيها.

الهذالين أكد لـ"العربي الجديد"، أنه باق هناك ولا يفكر بالرحيل وسيبقى صامدا وعائلته رغم تهديد الاحتلال له بالترحيل، وسيبقى للنهاية هناك رغم أنها بلاد صحراوية تفتقر لكافة مقومات الحياة.

الموقف ذاته يصر عليه أحد أبناء بلدة السواحرة، محمد نايف، الذي قابلناه وهو يقوم ببناء منزل من صفائح الحديد، برفقة أحد أبنائه، تحدث عن صعوبة الطريق والحياة ومنع الاحتلال لمحاولة إدخال المواد إلى هناك.

نايف يبحث عن دعم من الجهات الرسمية لتعزيز صموده، لأنه يرفض فكرة الترحيل عن تلك الأرض، ويحاول قدر الإمكان التمسك بما بين يديه حتى لا تضيع الأرض، خصوصا أنها لا تبعد كثيرا عن مستعمرات الاحتلال.

أما أبو بكر قرشان، وهو بدوي يعيش في أراض يملكها أحد أبناء السواحرة منذ أكثر من عشرين عاما، فيقول لـ"العربي الجديد"، إنه يسكن فيها طيلة تلك السنوات، لمساعدة أصحاب الأرض الأصليين للمحافظة عليها من سرقة الاحتلال.

تحدث قرشان عن منع الاحتلال لهم من أي زيادة في مباني السكن، بينما يسمح للمستعمرين بالبناء في كل شيء، فيما يطلب أيضا مساعدته لمواجهة صعوبة الحياة والأرض القاحلة وظروف الطبيعة.

يعتمد السكان هناك على تربية المواشي، وهو المشهد اللافت بكثرة، ويفتقرون هذه السنة للأراضي الرعوية، بسبب قلة الأمطار، ويشتكون من إهمالهم من قبل الجهات الرسمية وعدم تعزيز صمودهم، في الوقت الذي تلاحقهم فيه سلطات الاحتلال وتدمر مراعيهم، وتحاول تهجيرهم بشتى الطرق والوسائل المتاحة.


ذات صلة

الصورة

مجتمع

اتسعت حركة الاحتجاج بين طلاب جامعات أميركية ضد سياسة دعم الاحتلال الإسرائيلي في حربه على قطاع غزة التي تنتهجها إدارة جو بايدن
الصورة

مجتمع

استشهدت فلسطينية حامل وتم إنقاذ جنينها، فيما أصيب آخرون، السبت، بقصف إسرائيلي استهدف منزلاً وأرضاً زراعية في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة
الصورة
مطالبة بإنهاء الإبادة الجماعية في قطاع غزة (حسن مراد/ Getty)

مجتمع

يسعى أساتذة في تونس إلى تعويض غياب العملية التعليمية الجامعية بالنسبة للطلاب الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي، من خلال مبادرة تعليمية عبر منصات خاصة.
الصورة
مجمع الشفاء الطبي في شمال قطاع غزة بعد تدميره - 16 إبريل 2024 (حمزة قريقع/ الأناضول)

مجتمع

حذّرت وزارة الصحة في قطاع غزة من أنّ أكثر من 730 ألف فلسطيني في شمال القطاع يفتقرون إلى خدمات صحية حقيقية، وسط الحرب الإسرائيلية المتواصلة لليوم 195.