العراق وغرق مركب الأسد

العراق وغرق مركب الأسد

26 سبتمبر 2014
+ الخط -

يغيب شعار "العراق أولاً" عن معظم الساسة العراقيين الذين يحتلون مناصب عليا في حكوماتنا المتعاقبة، فيضعون الأجندة الخارجية وقراراتها قبل كل ما من شأنه أن يرفع مستوى الكسب الوطني ويعود بالنفع على الوطن والشعب المتآلف قسرآ مع الموت الإرهابي، والأزمات الشاملة والرعب الميليشياوي.

القصف الجوي والصاروخي على مقرات داعش وأخواته، في سورية والعراق، يزيد من ثقوب المركب السوري المهدّد بالغرق، في بحرٍ متلاطم من أمواج رفضٍ عاتية، من شعبٍ يُذبح منذ نحو أربع سنوات، وليس له من مجير.

قرار دول التحالف، الذي دخل حيّز التنفيذ، يشير، صراحةً، إلى إنهاء وجود داعش في العراق وسورية، ويصعد الهمس من تحت الطاولة، ليفصح عن رغبة أميركا ومعظم دول التحالف في إنهاء الأزمة الكونية في سورية، بإسقاط نظام بشار الأسد، كونه يماثل داعش في أساليب القتل وتوليد الإرهاب، وهو مركز استقطاب ونموّ للميليشيات التي تمزّق مجتمعات الشرق الأوسط.

العراق اكتوى كثيراً بنار العبث السوري بأمنه وأرواح أبنائه، ابتداءً من عام 2003 إلى انطلاق الثورة السورية الشعبية عام 2011، ولأن العراقيين يعملون من دون استحضار للذاكرة، وتساوقاً مع الأجندة الآمرة، فقد ذهبت بعض ميليشيا الأحزاب العراقية للدفاع عن نظام مرفوض من غالبية أبناء شعبه ومحيطه العربي، ما ضاعف من رصيد الخسائر العراقية، أو في ردات الفعل الانتقامية التي جاءتنا باحتلال داعش عدداً من مدننا المهمة، وتشريد نحو مليون ونصف مليون عراقي من أمكنتهم الأصلية.

بالأمس، كان اسم العراق يتردّد في نشرات الأخبار على نحو يشي بالإحراج. يقول الوزير السوري، وليد المعلم: وصلت إلينا رسالة إشعار من أميركا بواسطة العراق، تخبرنا بالضربات الجوية وموعدها!

وهنا إشارة لزيارة مبعوث الجعفري، فالح الفياض، لسورية، في حين نفى وزير خارجية أميركا أنه بعث رسالة عبر العراق، وهو ما تكرر نفيه من مسؤولين أميركيين آخرين، باعتبار أن النظام السوري مستثنى من التحالف.

القراءات والأحداث تشير، بوضوح تام، إلى تغييرات مهمة ستحصل في المنطقة، منها تغيير نظام الأسد بعد الموافقات السياسية والمالية التي أقرها الكونغرس الأميركي. العراق هو مركز الأحداث ومحركها، وسيكون في قلب العاصفة، ومحط رهانها.

ضعوا مصلحة العراق أمام أعينكم، ولا تغرقوا برمي حبل الإنقاذ لنظام مستبدٍ يتهاوى، نظام انتهت صلاحية وجوده وطنياً وعربياً ودولياً، ويشارف على الغرق، بعدما ازدادت ثقوب مركب سلطته الدموية.

avata
avata
فلاح المشعل (العراق)
فلاح المشعل (العراق)