29 سبتمبر 2024
"السترات الصفراء" بين الشعب والمؤسسة
كتبت امرأة فرنسية تعمل في مجال التجميل، في مايو/ أيار هذا العام (2018) نداء على الإنترنت، تطالب فيه بخفض سعر المحروقات، بعد أن حللت السعر، وبينت أن أكثر من نصف المبلغ هو إضافة من الدولة (taxes) إلى السعر. بعد شهور، أصبح هذا النداء ثاني أكثر النداءات توقيعاً على موقع (change.org)، حين نشره سائقو الشاحنات الفرنسيون في احتجاجهم على زيادات إضافية على أسعار المحروقات، كان مقرراً لها أن تفرض مع بداية العام المقبل، لخدمة برنامج التحول البيئي الذي تعتمده الحكومة الفرنسية، ويتطلب التخفيف من استخدام الوقود الأحفوري. شكل ذلك النداء نقطة انطلاق حركة السترات الصفراء الشعبية، فقد جعل الموقعون عليه أنفسهم مرئيين بالنزول إلى ميدان الفعل، عبر ما سميت عمليات الحلزون، أي إقامة الحواجز وإعاقة الحركة على الطرقات السريعة في فرنسا، لتصبح الحركة بسرعة الحلزون، بغرض لفت النظر إلى مطالبهم التي لا تقتصر على خفض أسعار الوقود، بل تشمل أيضا القدرة الشرائية والعدالة الاجتماعية بمعنى واسع.
كشف المسار الذي اختطه الرئيس إيمانويل ماكرون، منذ البداية، انحيازاً لصالح الأقوياء في المجتمع، حين أقر قانون عمل يتساهل مع "الباترونات"، لكي يشجع هؤلاء على توفير فرص عمل. وحين لم ينخفض عدد العاطلين من العمل، أنحى باللائمة على العاطلين أنفسهم. ثم ألغى الضريبة على الثروة غير العقارية، لكي لا تهرب الرساميل إلى "الجنات الضريبية" خارج فرنسا، ما جعل الفرنسيين يلقبونه رئيس الأغنياء أو رئيس الأغنياء جداً، الصفة التي تكتسب قوةً زائدةً لأنها جاءت على لسان سلفه فرانسوا هولاند الذي يوصف أصلاً بأنه اشتراكي خائن.
لم تكن قضية أسعار المحروقات، إذن، سوى شرارة غضبٍ متراكمٍ لدى الناس الذين اختاروا ماكرون في ربيع 2017، يأساً من الأحزاب المكرّسة بوصفه شاباً يدخل المشهد السياسي من خارج هذه الأحزاب، وعلى الضد منها، حتى أنه أسّس، في غضون أشهر قليلة، حركة الجمهورية إلى الأمام على أنها حزبٌ ضد الحزب، وحصد غالبية مقاعد الجمعية الوطنية، على الرغم من حداثة عهده، فأدخل إلى المشهد السياسي الفرنسي وجوها جديدة وشابة، تبحث لفرنسا عن طريق أرحب خارج قنوات الأحزاب المكرسة.
غير أن المؤسسة سرعان ما امتصت إلى آلياتها حزب ماكرون الذي يجد نفسه اليوم مرفوضاً للسبب نفسه الذي جعله مقبولاً في البداية: النزوع المضاد للمؤسسة والأمل بطريق مبتكر، يتجاوز ثقلها ونفوذها الضعيف. هنا يمكن البحث عن مكمن غيظ السترات الصفراء، وهذا ما يعطي حركتهم طعماً فوضوياً "أناركياً"، فالاحتجاج على "قساوة" المؤسسة وصممها تجاه الشارع قابل للتجذّر، وصولاً إلى رفض المؤسسة نفسها، وما ينطوي عليه هذا من طاقةٍ عنفيةٍ لم تكن خافية في الحركات الثلاث لأصحاب السترات الصفراء، سيما الأخيرة منها (يوم السبت 2 ديسمبر/ كانون الأول الجاري)، التي تسببت بأضرار مادية، تصل قيمتها التقديرية من ثلاثة إلى أربعة ملايين يورو.
حدث في باريس عنف وتخريب تسبب بهما مخرّبون (casseurs) ينأى أصحاب السترات الصفراء بأنفسهم عنهم، ولكن شارك في التخريب أيضاً أصحاب سترات صفر غاضبون. في مثل هذه الحالات، يتم رفع لحظة العنف من سياقها، والنظر إليها فعلا جرميا لا سياسيا. هذا منطق السلطات، أينما كانت، في مواجهة الحراك الشعبي. حتى في فرنسا الديمقراطية التي تسمح بظهور المحتجين على التلفزيونات، ويأخذون المساحة الكافية لعرض أفكارهم، والمحاججة ضد سياسات الحكومة (وليس لإعلان التوبة وحمد السلطة كما هو الحال لدينا)، تجد الذين يتحدّثون باسم الحكومة يستهلون حديثهم بتحية رجال الأمن، والتأسف على إصاباتهم، وكأن مصابي المتظاهرين غرباء، وتجد الرئيس يتجه مع وزير داخليته إلى مصافحة رجال الأمن، وكأن المتظاهرين أعداء (ولكن لا يصل الأمر إلى تفسير الوضع بالإحالة إلى مؤامرة كما الحال عندنا دائماً). إذا كان في كل حركة شعبية جينات أناركية، فإن في كل سلطة جينات تقديس المؤسسة، وهذه الجينات في تغذيةٍ متبادلة.
تكشف المطالب التي يقدمها أصحاب السترات الصفراء عن عمق الاحتجاج الذي يضج به عمال فرنسا ومتقاعدوها وفقراؤها أو من يُنسبون إلى "فرنسا الأخرى". المطلب الأول، من 42 مطلباً، يكشف جذرية المحتجين وهويتهم الاقتصادية/ الاجتماعية: صفر مشردين. ويضيفون بجوار هذا الطلب كلمة (عاجل).
لا يمكن ألا يعجب المراقب بهذا الحضور وهذه الفاعلية الشعبية التي تمثلها حركة السترات الصفراء في فرنسا. ليست الانتخابات نهاية المشاركة السياسية، ليست محطة يكون فيها الناخبون ذاتاً سياسية، ثم يتحولون إلى موضوع سلبي لسياسة المُنتَخبين. حتى الأحزاب المعارضة ليست قنوات قدرية للتعبير عن السخط وعدم الرضى الشعبي، أي ليس سخط الناس وعدم رضاهم مادة خام للاستثمار السياسي من الأحزاب المعارضة. يخرج الشعب الفرنسي عن الأطر، ويتكلم من خارجها، عبر ممثلين ذاتيين يتكلمون بقوة كفاءتهم والتزامهم بالآخرين. ربما كان الفرنسيون من أكثر الشعوب التي تروي حكاية الصراع الذي لا ينتهي بين الشعب والمؤسسة، والتي تتحسّس قصورات الديمقراطية، وتلامس حدودها وتضيق بها، وصولاً إلى البحث عن حلول ولو في نقيضها: "الحكم العسكري"، كما طالب بعض عناصر السترات الصفراء.
مشكلة الحكومة الفرنسية اليوم أن العناد الذي أبدته، منذ بداية الاحتجاجات في 17 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وهو غرور غذّاه نجاح الحكومة في تحدّي حركتين احتجاجيتين كبيرتين من قبل، هما حركة الاحتجاج ضد تعديل قانون العمل، وحركة إضرابات عمال السكك الحديدية، أوصل الحكومة الفرنسية أمام الحركة الصفراء إلى مأزقٍ باتت فيه غير قادرة على الاستمرار في مسارها السابق، وغير قادرةٍ على إقناع الحراك بالتعديلات الطفيفة التي أعلنها رئيس الحكومة، إدوار فيليب، أخيرا. وتعلم الحكومة أن تقديم تراجع كبير لاحتواء الحراك سوف يقود إلى إضعافها أو حتى سقوطها، لأنه يسقط المشروع الذي شكلت على أساسه.
التعالي الرئاسي والعناد الحكومي الذي راهن على الخفوت الذاتي للحركة بفعل الإهمال، على غرار ما فعلت مع حركتي الاحتجاج السابقتين، يدلان على ضعفٍ في التمييز بين حركة الإطارات المؤسسة (أحزاب ونقابات) والحركة الشعبية (grassroot)، الأمر الذي أدى إلى مزيدٍ من التجذر في الحركة. من حركةٍ إلى أخرى من حركات السبوت الثلاث (17، 24 نوفمبر/ تشرين الثاني، 2 ديسمبر/ كانون الأول) تراجعت أعداد المشاركين، ولكن مع حصول اصطفاء "طبيعي" لصالح العناصر الأكثر جذريةً مع تجذر العناصر المعتدلة في الحركة التي تحظى بدعم أكثر من 70% من الشعب الفرنسي حسب الاستطلاعات. لم يعد من السهل التوصل إلى تسويةٍ تحفظ ماء وجه حكومة ماكرون. فبعد ثلاثة أسابيع من الصمم الحكومي، وصل الأمر إلى أن يرفض قسم مهم من الحراك الأصفر الحوار مع الحكومة على حلول وسط، تحت طائلة التهديد بقتل المحاورين.
أما مشكلة الحركة الصفراء اليوم فهي التوتر بين الشعبية والتأطير، بين الطاقة الحرّة والمؤسسة. سوف تجد الحركة نفسها مجبرةً على الدخول في الأطر، وانتخاب ممثلين وتخويلهم، أي مجبرة على إيجاد "مؤسستها"، وهذا تحول لن يكون سهلاً على الحركة، وسيكون، إذا ما نجحت الحركة في إنجازه، بداية لخط انقسام وصراع جديد داخل الحركة نفسها بين "مؤسستها" و"شعبها". هذا قانون كل الحركات الشعبية إلى اليوم، ولا يبدو أن التاريخ يحمل له حلاً في المدى المنظور.
يؤكد الشعب الفرنسي مراراً أنه ينطوي على طاقةٍ ثوريةٍ متجددة وعنيفة، لم ينس أصحاب السترات الصفراء أن يذكّروا الحكام بها: "لقد قطعنا رؤوساً لأسباب أقل من هذه".
كشف المسار الذي اختطه الرئيس إيمانويل ماكرون، منذ البداية، انحيازاً لصالح الأقوياء في المجتمع، حين أقر قانون عمل يتساهل مع "الباترونات"، لكي يشجع هؤلاء على توفير فرص عمل. وحين لم ينخفض عدد العاطلين من العمل، أنحى باللائمة على العاطلين أنفسهم. ثم ألغى الضريبة على الثروة غير العقارية، لكي لا تهرب الرساميل إلى "الجنات الضريبية" خارج فرنسا، ما جعل الفرنسيين يلقبونه رئيس الأغنياء أو رئيس الأغنياء جداً، الصفة التي تكتسب قوةً زائدةً لأنها جاءت على لسان سلفه فرانسوا هولاند الذي يوصف أصلاً بأنه اشتراكي خائن.
لم تكن قضية أسعار المحروقات، إذن، سوى شرارة غضبٍ متراكمٍ لدى الناس الذين اختاروا ماكرون في ربيع 2017، يأساً من الأحزاب المكرّسة بوصفه شاباً يدخل المشهد السياسي من خارج هذه الأحزاب، وعلى الضد منها، حتى أنه أسّس، في غضون أشهر قليلة، حركة الجمهورية إلى الأمام على أنها حزبٌ ضد الحزب، وحصد غالبية مقاعد الجمعية الوطنية، على الرغم من حداثة عهده، فأدخل إلى المشهد السياسي الفرنسي وجوها جديدة وشابة، تبحث لفرنسا عن طريق أرحب خارج قنوات الأحزاب المكرسة.
غير أن المؤسسة سرعان ما امتصت إلى آلياتها حزب ماكرون الذي يجد نفسه اليوم مرفوضاً للسبب نفسه الذي جعله مقبولاً في البداية: النزوع المضاد للمؤسسة والأمل بطريق مبتكر، يتجاوز ثقلها ونفوذها الضعيف. هنا يمكن البحث عن مكمن غيظ السترات الصفراء، وهذا ما يعطي حركتهم طعماً فوضوياً "أناركياً"، فالاحتجاج على "قساوة" المؤسسة وصممها تجاه الشارع قابل للتجذّر، وصولاً إلى رفض المؤسسة نفسها، وما ينطوي عليه هذا من طاقةٍ عنفيةٍ لم تكن خافية في الحركات الثلاث لأصحاب السترات الصفراء، سيما الأخيرة منها (يوم السبت 2 ديسمبر/ كانون الأول الجاري)، التي تسببت بأضرار مادية، تصل قيمتها التقديرية من ثلاثة إلى أربعة ملايين يورو.
حدث في باريس عنف وتخريب تسبب بهما مخرّبون (casseurs) ينأى أصحاب السترات الصفراء بأنفسهم عنهم، ولكن شارك في التخريب أيضاً أصحاب سترات صفر غاضبون. في مثل هذه الحالات، يتم رفع لحظة العنف من سياقها، والنظر إليها فعلا جرميا لا سياسيا. هذا منطق السلطات، أينما كانت، في مواجهة الحراك الشعبي. حتى في فرنسا الديمقراطية التي تسمح بظهور المحتجين على التلفزيونات، ويأخذون المساحة الكافية لعرض أفكارهم، والمحاججة ضد سياسات الحكومة (وليس لإعلان التوبة وحمد السلطة كما هو الحال لدينا)، تجد الذين يتحدّثون باسم الحكومة يستهلون حديثهم بتحية رجال الأمن، والتأسف على إصاباتهم، وكأن مصابي المتظاهرين غرباء، وتجد الرئيس يتجه مع وزير داخليته إلى مصافحة رجال الأمن، وكأن المتظاهرين أعداء (ولكن لا يصل الأمر إلى تفسير الوضع بالإحالة إلى مؤامرة كما الحال عندنا دائماً). إذا كان في كل حركة شعبية جينات أناركية، فإن في كل سلطة جينات تقديس المؤسسة، وهذه الجينات في تغذيةٍ متبادلة.
تكشف المطالب التي يقدمها أصحاب السترات الصفراء عن عمق الاحتجاج الذي يضج به عمال فرنسا ومتقاعدوها وفقراؤها أو من يُنسبون إلى "فرنسا الأخرى". المطلب الأول، من 42 مطلباً، يكشف جذرية المحتجين وهويتهم الاقتصادية/ الاجتماعية: صفر مشردين. ويضيفون بجوار هذا الطلب كلمة (عاجل).
لا يمكن ألا يعجب المراقب بهذا الحضور وهذه الفاعلية الشعبية التي تمثلها حركة السترات الصفراء في فرنسا. ليست الانتخابات نهاية المشاركة السياسية، ليست محطة يكون فيها الناخبون ذاتاً سياسية، ثم يتحولون إلى موضوع سلبي لسياسة المُنتَخبين. حتى الأحزاب المعارضة ليست قنوات قدرية للتعبير عن السخط وعدم الرضى الشعبي، أي ليس سخط الناس وعدم رضاهم مادة خام للاستثمار السياسي من الأحزاب المعارضة. يخرج الشعب الفرنسي عن الأطر، ويتكلم من خارجها، عبر ممثلين ذاتيين يتكلمون بقوة كفاءتهم والتزامهم بالآخرين. ربما كان الفرنسيون من أكثر الشعوب التي تروي حكاية الصراع الذي لا ينتهي بين الشعب والمؤسسة، والتي تتحسّس قصورات الديمقراطية، وتلامس حدودها وتضيق بها، وصولاً إلى البحث عن حلول ولو في نقيضها: "الحكم العسكري"، كما طالب بعض عناصر السترات الصفراء.
مشكلة الحكومة الفرنسية اليوم أن العناد الذي أبدته، منذ بداية الاحتجاجات في 17 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وهو غرور غذّاه نجاح الحكومة في تحدّي حركتين احتجاجيتين كبيرتين من قبل، هما حركة الاحتجاج ضد تعديل قانون العمل، وحركة إضرابات عمال السكك الحديدية، أوصل الحكومة الفرنسية أمام الحركة الصفراء إلى مأزقٍ باتت فيه غير قادرة على الاستمرار في مسارها السابق، وغير قادرةٍ على إقناع الحراك بالتعديلات الطفيفة التي أعلنها رئيس الحكومة، إدوار فيليب، أخيرا. وتعلم الحكومة أن تقديم تراجع كبير لاحتواء الحراك سوف يقود إلى إضعافها أو حتى سقوطها، لأنه يسقط المشروع الذي شكلت على أساسه.
التعالي الرئاسي والعناد الحكومي الذي راهن على الخفوت الذاتي للحركة بفعل الإهمال، على غرار ما فعلت مع حركتي الاحتجاج السابقتين، يدلان على ضعفٍ في التمييز بين حركة الإطارات المؤسسة (أحزاب ونقابات) والحركة الشعبية (grassroot)، الأمر الذي أدى إلى مزيدٍ من التجذر في الحركة. من حركةٍ إلى أخرى من حركات السبوت الثلاث (17، 24 نوفمبر/ تشرين الثاني، 2 ديسمبر/ كانون الأول) تراجعت أعداد المشاركين، ولكن مع حصول اصطفاء "طبيعي" لصالح العناصر الأكثر جذريةً مع تجذر العناصر المعتدلة في الحركة التي تحظى بدعم أكثر من 70% من الشعب الفرنسي حسب الاستطلاعات. لم يعد من السهل التوصل إلى تسويةٍ تحفظ ماء وجه حكومة ماكرون. فبعد ثلاثة أسابيع من الصمم الحكومي، وصل الأمر إلى أن يرفض قسم مهم من الحراك الأصفر الحوار مع الحكومة على حلول وسط، تحت طائلة التهديد بقتل المحاورين.
أما مشكلة الحركة الصفراء اليوم فهي التوتر بين الشعبية والتأطير، بين الطاقة الحرّة والمؤسسة. سوف تجد الحركة نفسها مجبرةً على الدخول في الأطر، وانتخاب ممثلين وتخويلهم، أي مجبرة على إيجاد "مؤسستها"، وهذا تحول لن يكون سهلاً على الحركة، وسيكون، إذا ما نجحت الحركة في إنجازه، بداية لخط انقسام وصراع جديد داخل الحركة نفسها بين "مؤسستها" و"شعبها". هذا قانون كل الحركات الشعبية إلى اليوم، ولا يبدو أن التاريخ يحمل له حلاً في المدى المنظور.
يؤكد الشعب الفرنسي مراراً أنه ينطوي على طاقةٍ ثوريةٍ متجددة وعنيفة، لم ينس أصحاب السترات الصفراء أن يذكّروا الحكام بها: "لقد قطعنا رؤوساً لأسباب أقل من هذه".