السلطة التشريعية

بعد فشلهِ في المحطات الثلاث الأولى لأجندته، يبدو أنّ الرئيس التونسي قيس سعيّد سيكون إقصائياً ما استطاع ليفشل، من دون أن يهزمهُ أحد، ويضيع على البلاد عاماً آخرَ مِقدارهُ أعوام. إنّه يًسطّحُ كلّ فعل سياسي، ويجعلُهُ باهتاً بلا روح. إنّه يُفقّرُ السياسة.

تتجنب واشنطن وضع الطرفين الصيني والروسي في خانة واحدة، تفاديا لإقامة حلف عسكري واستراتيجي بينهما، في حال إظهار عداء أميركي من المستوى نفسه نحوهما. علماً أن المسؤولين الأميركيين صرّحوا إن تهديد بكين تايوان عسكرياً سيؤدي إلى تدخل عسكري أميركي.

من يتابع ما يجري اليوم في تونس، يتهيأ له أن البلاد على أهبة الدخول في حرب أهلية، وليست بصدد وضع دستور جديد، حيث تخضع تونس لمزاج فردي فرضه الرئيس قيس سعيّد منذ انقلابه على السلطة قبل عام، ساعياً لتغيير كلّ شيء بشكل فردي، وبطريقة فيها كثير من العجرفة.

لا يتوقف الأمر عند حدود عدمية نتائج الانتخابات العربية، كونها لا تقدم أو تؤخر في ميزان القوى الداخلي الراجح لصالح من لديه السلاح. المحصلة النهائية لهذه العملية الديمقراطية نتائج غير ديمقراطية، وتسفر عن تعقيدات جديدة، وتحدث استدارة إلى الخلف بالضرورة.

يظل الصراع السياسي محتدما في تونس على أصعدة مختلفة، والأوضاع مرشّحة لمزيد الاحتقان، إذا لم يجر الاتجاه نحو مبادراتٍ وطنية للحل، أصبحت لازمة في اللحظة الراهنة أكثر من أي وقت مضى، وقبل أن تتعقد الأمور بما لا تحتمله البلاد.

يدفع المجتمع الليبي بقوة التوجه نحو تجديد الأجسام التي فشلت في كل توافق تدخل فيه، بدليل تسجيل ما يقارب 2.8 مليون مواطن من الشعب في سجل الانتخابات التي عن طريقها تتجدّد السلطة التشريعية في البلاد، وتنتهي معها معضلة "التوافق" والاستعصاء المصاحب لها.