قصّتان لـ "أدولفو بيوي كاساريس"

قصّتان لـ "أدولفو بيوي كاساريس"

09 مارس 2015
+ الخط -
أحد أصدقاء مورفيوس*

تزوّجتُ بامرأةٍ مُطلّقة. أتذكّر أنها في فترة الخطوبة كانت تُصرّ على سؤالي عمّا إذا كنت أنام في أيّ ساعةٍ كانت بغضِّ النظر عن التوقيت.
- في الليل فقط. كنتُ أجيبها.
- وخلال النهار، أبداً؟
- لا، أبداً. إلا إذا لم يكن عندي ما أفعله، فإنيّ أستلقي لبرهةٍ بعد الغداء.
- لكن خارج الليل وفترة القيلولة، ألا يأخذكُ النوم أبداً؟
- كيف يخطر هذا في بالك؟ - قلتُ لها- إنّ حيوان المَرْمُوط وحده ينام مثلما تقولين.
- إنّك مُخطئٌ جداً. ردّتْ بانفعالٍ.
ورغم إلحاحيَ الشديد، فإنها لم تشأ أن تُوضّح لي لماذا ردّتْ عليّ بتلك الطريقة. كما قال أحد الكتّاب، لا أذكر اسمه، إنّ الحبّ لا يقوم فحسب على تبادل القُبل، والمعاشرة الزوجيّة، بل أيضًا على التحدّث حول الأمور كلّها. ولذلك جاء اليوم الذي حدّثتني فيه زوجتي عن زوجها الأوّل.
- كان ينام حينما يشاء، في أيّ لحظة. لم أستطع لومه على شيء أبدًا.
وربما لأنّي كنتُ ساهيًا بعض الشيء، سألتها:
- أكان شخصاً مثاليًا؟
- بل يمكنني أن أقول لك: العكسُ تمامًا.
- لماذا إذاً لم يكن في مقدورك لومه على شيء؟
- لأنه كان يغفو على الفور.
- أكان يتظاهر بالنوم؟
- لو كانت المسألة هكذا، لوجدتُ لها علاجًا. لقد كان يستغرق في نومٍ عميق.
- لا أعرف كيف احتملتِ...
- كنت أصبر على كلّ شيء. المرّة الأولى التي حصل فيها هذا، لم يكن في وسعي تصديقه. بدا نائمًا في دَعةٍ، وبين الفينة والأخرى كان يشخرُ قليلًا. هززتُه حتى أيقظتُه. نهرتُهُ: كيف تنام وأنا أخاطبُك؟ وكانت كلّ إجابته أنْ نام من جديد. في يومٍ آخر، حكى لي أنّه في الأحلام دائماً تحصل معه أمور حُلوة جدّاً. ألا تحلمُ بأشياء بغيضة قَطّ؟، سألتُه. قلّما يحدث هذا؛ لكن حيندئذٍ أصحو. دائماً يبقى لديّ هذا المخرجُ. ولكي أطرد عنّي الأفكار المقيتة، فإني أنفضُ بدني كما يفعل كلبٌ عندما يتبلّل.
- أنا لا أعرف كيف كنتِ تحتملينه.
- ولا أنا أعرف. احتملته لغاية ذلك اليوم الذي دخل فيه لصوصٌ البيتَ. ما أنْ سمعهم هو، حتّى نام بسرعة. وبينما كان يغطّ في النوم، نهبوا كلّ محتويات البيت، واعتدوا عليّ. بعد ذلك، حانِقةً قلتُ له إنّي بتُّ متعبة، وإنّي سأسعى في طلب الطّلاق. قبل أن أنتهي من كلامي، كان قد نام.

* مورفيوس في الميثولوجيا الإغريقيّة هو أحد أبناء هيبنوس إله النوم.


إنقاذ

كان يرقد في السرير حيث رقد دائمًا إلى جوار زوجته. ما زال يشغل القسم الأيسر من الفراش، كما لو أنّ المرأة كانت ما تزال تشغل قسمه الأيمن. فحقيقةً، على الرغم من أنها ميّتة، بشكلٍ مّا كانت تشغله، إذ إنّها في كلّ ليلة، ربّما في المنامات، كانت تبكي إلى جانبه، تداعبه، وتقول له إنها تعِسة بدونه، وإنها تنتظره بلهفةٍ.
وإذا لم تقلْ ذلك فكانت تقول:
- لا تنسَ أنّ زوجتك تنتظرك. ذراعايَ مفتوحتان لاستقبالك.
وأيضًا:
- الموت ليس فظيعًا؛ الفظيعُ أنّنا مُفترقِان. لا تتأخّرْ.
بعد وقتٍ طويل، جاء اليوم الذي عرف الأرملُ فيه صبيّةً في أحد النوادي. الصبيّة رافقته إلى بيته، ومكثت لتعيش معه. أوّل إجراء اتّخذته الصبيّة كان أنِ استبدلت بالفراش القديم آخرَ جديداً. المرأة الميّتة لم تتمادَ في زياراتها.

الترجمة عن الإسبانية كاميران حاج محمود

المساهمون