300 "ساحر" في فلسطين يجنون الملايين

11 يناير 2015
الشعوذة لا تفرق في أعمار ممارسيها (Getty)
+ الخط -
تتواجد ظاهرة الشعوذة في مناطق عدة في فلسطين المحتلة، وخصوصاً في مدينة نابلس شمال الضفة الغربيَّة. حيث يمتهن بعض أبناء طائفة السامريين الشعوذة، ويعملون في مكاتب معروفة على جانبي شارع الجامعة في نابلس منذ عشرات السنين. وقد توارث السامريون الشعوذة عن آبائهم وأجدادهم، ويتواجدون أيضاً في محافظات الضفة الغربية، وأريحا ورام الله والخليل وبيت لحم وطولكرم.
ويعتقد بعض الفلسطينيين، لاسيما المقيمون في القرى، أنّ الحجابة والسحر والشعوذة، هي منقذهم الوحيد في حل مشاكلهم الخاصة، من مشاكل الزواج إلى العلاجات بالأعشاب إلى إيجاد العمل. يقول البعض أنهم استفادوا، ولكن تؤكد الأغلبية أنهم تعرضوا لعمليات نصب واحتيال يصل بعضها إلى 10 آلاف دولار.

مدمنة خدمات الشعوذة
وقد التقت "العربي الجديد" الشابة "منال" صدفةً في مكتب أحد السامريين في مدينة نابلس، وهي فلسطينية من مواليد الكويت. وقالت منال: "أتردد إلى محلات الفتّاحة والسحر منذ عشر سنوات، لكنني لم أحصل على ما أريد. لم أتزوج حتى اللحظة، وأفتّش عن عمل منذ سنوات، ولم أجد عملاً رغم أنني دفعت كل ما كان لدي من أموال".
وتكمل المتخرجة الجامعية: "بدأت حكايتي عندما كنت أدرس في الجامعة، حيث وقعت في غرام شاب، تزوج من أخرى كانت صديقتي. فقررت الذهاب إلى سيدة تعمل في السحر والشعوذة من مدينة نابلس، وأعطيتها مبلغ 280 دولاراً، وطلبت منها أن تعمل على أن يطلق من أحبه زوجته ويعود إلي. وقالت المشعوذة بأنه "سيطلقها بعد أسبوع ويعود إليك في الأسبوع المقبل"، صدقتها ودفعت ما يعادل 1200 دولار، لكنها قالت لي بأنَّ "زوجة حبيبك قامت بسحر آخر عند مشعوذة أخرى، وهذا السحر بحاجة إلى فك، ليعاود الارتباط بك"". وتضيف منال: "ذهبتُ إلى فتّاح آخر طلب مني 1400 دولار، كأجرة تعبه وسهره على حد قوله". وتتابع: "صرفت كل ما لدي من دولارات عند الفتّاحين دون جدوى".

"دفاعا عن المهنة"..
هنا، في شارع جامعة النجاح في نابلس، نرى المكاتب منتشرة على جانبي الشارع، جميعها مكتوب عليه اسم الكاهن وعمله في فك السحر وحل المشاكل.
ويقول الكاهن "ع.س" لـ "العربي الجديد": "مهنتنا عبارة عن تنجيم وفتاحة وليست شعوذة، ولدينا من الكتب ما يصل عمرها إلى مئات السنين نستخدمها في العمل". وعن عدد الزائرين يقول الكاهن: "يأتي إلى مكتبي عشرات الزائرين أسبوعيّاً، ونطلب على كل عملٍ ما بين 800 دولار وأحياناً يصل المبلغ إلى 2000 دولار. وبعد الانتهاء نطلب "هبة" أو هدية من الزبون، وهو غير ملزم بها".
وتقول الشابة "ع.ش" 29 عاماً، والتي تعمل في "الفتاحة" بطريقة سرية في أحد مخيمات مدينة نابلس، لـ "العربي الجديد": "أعمل في الفتاحة منذ نحو سبع سنوات ولا أطلب الكثير من المال مقابل خدماتي، فهي لا تتعدى 100 دولار، وفي بعض الأحيان أقدم عملي خدمة لبعض الفتيات اللاتي لا يمتلكن الأموال".
وفي مدينة رام الله، تقول امرأة تقصد فلسطين للتنجيم متحدثة إلى "العربي الجديد": "أنا قادمة من الولايات المتحدة الأميركية لزيارة سيدة مغربية تعيش في رام الله. أكدت لي هذه الفتاحة أنها تستطيع أن تعالجني، لأنني متزوجة منذ عدة سنوات ولم أنجب اطفالاً. دفعتُ حتّى الآن ما يقارب 14 ألف دولار، غير الهدايا، ولم أصل الى نتيجة".
وحسب أرقام توصلت إليها "العربي الجديد" طيلة أيام في زيارة المشعوذين، أنه يوجد أكثر من 300 مشعوذ ينتشرون في الأراضي الفلسطينية.
الخبير الاقتصادي والمدير العام للتخطيط الاستراتيجي ورسم السياسات في المجلس التشريعي الفلسطيني، الدكتور هيثم دراغمة يقول لـ "العربي الجديد": "إن السلطة الفلسطينية لا تمنح تراخيص لمكاتب الشعوذة في الأراضي الفلسطينية، كما أنّنا لا نستطيع منع المشعوذين من مزاولة عملهم". ويؤكد أنَّ قانون الجنايات الفلسطيني يفرض على المشعوذ غرامة مالية مقدارها 140 دولاراً. إلا أنه عادة لا يتم تطبيقه.
دلالات
المساهمون