حماية التظاهرات السلمية دفعت السوريين إلى حمل السلاح

حماية التظاهرات السلمية دفعت السوريين إلى حمل السلاح

14 مارس 2018
تشكل الجيش الحر بعد 3سنوات من الثورة (بهاء الحلبي/الأناضول)
+ الخط -

دخلت الثورة السورية عامها الثامن، ومرت خلال تلك السنوات بعدّة مراحل، بدأت بالمطالبة بإصلاحات اقتصادية واجتماعية، وتصاعدت إلى المطالبة بإسقاط النظام، قبل أن تتطوّر لاحقا إلى حمل السلاح وظهور المعارضة المسلحة، فما الذي دفع المتظاهرين إلى حمل السلاح؟

يستعرض "العربي الجديد" شهادات ناشطين ومتظاهرين يحاولون تفسير أسباب حمل السلاح في مواجهة قوات النظام بعد أشهر من التظاهرات الثورية السلمية.

عند انطلاق تظاهرات الثورة السورية في 18 مارس/آذار 2011، كان الشاب حسام عيّاش (29 سنة)، أحد المشاركين في تظاهرة بحي العباسية، وسط مدينة درعا، للمطالبة بالحرية والمساواة، وتم قنصه داخل التظاهرة، ليكون أول قتيل مدني في الثورة.


رأفت، شاب سوري آخر كان مشاركا في التظاهرة، يروي لـ"العربي الجديد"، وقائع ذلك اليوم قائلا: "بعد صلاة الجمعة، خرجت تظاهرة تنادي بالحرية، وكان حسام من أوائل المشاركين ويتقدم الصفوف. قامت قوات الأمن بإطلاق الأعيرة النارية لتفريق التظاهرة، ما أدّى لسقوط حسام عيّاش كأول شهيد في الثورة، وتبعه ثلاثة آخرون هم أيهم الحريري، ومحمود قطيش الجوابرة ومؤمن منذر المسالمة".

وأضاف: "كلنا نعرف أن عناصر الأمن دمويون، ولكن لم نكن نتوقّع إطلاق الرصاص الحي بشكلٍ مباشر على المتظاهرين المدنيين".

يقول الناشط عدنان الزعبي، المقيم في أوروبا، إن "المظاهرات في درعا استمرّت سلمية لفترة طويلة. السيناريو كان يتكرّر يوميا، يخرج متظاهرون فتقوم قوات الأمن بإطلاق النار عليهم، فيسقط شهداء وجرحى، ويتم تصوير ما حدث وبثّه عبر وسائل الإعلام دون أي رد فعلٍ من المجتمع الدولي، ما دفع بعض المتظاهرين إلى حمل السلاح لحماية المظاهرات ومجابهة قوات الأمن".

ويشرح الزعبي أن "المتظاهرين كانوا مختلفين حول اللجوء إلى السلاح، لذا فإن المظاهرات استمرّت سلمية حتى بعد تأسيس الجيش الحر، في حين اختار بعض المتظاهرين حمل السلاح والوقوف في محيط التظاهرات لحمايتها".

أما في حلب، فكان المشهد مختلفاً تماماً، حيث تعتبر المدينة من المدن المتأخّرة نسبياً في الانخراط بالثورة بسبب القبضة الأمنية الشرسة للنظام فيها، كونها تعتبر العاصمة الاقتصادية والخزان المالي الذي يموّل عمليات النظام العسكرية في المدن الأخرى.


يقول المصوّر عبد الله السيد، لـ"العربي الجديد": "كانت أولى المظاهرات في حي صلاح الدين، وامتدّت إلى أحياء بستان القصر والسكري وتل الزرازير القريبة، لكن قوات النظام استخدمت ضد التظاهرات أعنف وسائل القمع لمنع ظهور أي حراك داخل حلب".

وفي منتصف 2012، وبعد خروج مناطق واسعة في ريف حلب عن سيطرة النظام، قام الجيش السوري الحر، وعلى رأسه "لواء التوحيد"، بدخول مدينة حلب، على أثر استمرار النظام بقمع التظاهرات.

في حمص، وفي الأسابيع الأولى لاندلاع الثورة السورية، شاهد الناشط محمد العلي إطلاق قوات الأمن الرصاص على تظاهرة، ما أسفر عن مقتل أول طفل في الشارع الواصل بين ساحة مركز المدينة وطريق الشام "الكورنيش"، وقامت مجموعة من "الشبيحة" بسحل الطفل القتيل حتى باب المستشفى الوطني، وبقي اسم الطفل واسم عائلته مجهولان حتى اليوم.

يضيف العلي: "بعد عدّة أسابيعٍ من التظاهرات، ورغم استمرار قوات الأمن بالتصدّي لها وإيقاع قتلى في صفوف المتظاهرين، زادت التظاهرات، حتّى جاءت (الجمعة العظيمة) التي قتلت قوات النظام فيها 20 مدنياً وجرحت قرابة مائة آخرين في حي بابا عمرو، ما دفع بعض الشبّان في الحي إلى حمل السلاح من أجل حماية المظاهرات في الجمعة التالية، ثم بدأت تحدث انشقاقات في صفوف الجيش".

بعد الجمعة العظيمة بأيام، قامت دبابات النظام باقتحام حي بابا عمرو، وحينها انشقّت مجموعة من القوات المهاجمة وبقيت في الحي لحماية المظاهرات وحماية المدنيين من أي هجوم للنظام، ولاحقا تشكّلت "كتيبة الفاروق" في حمص، وتشكّل بعدها "الجيش الحر" الذي بدأ بالسيطرة على أحياء أخرى.