"المضمدون" أطباء الفقراء في العراق

"المضمدون" أطباء الفقراء في العراق

10 ديسمبر 2018
عيادات المضمدين تقدم خدمات طبية غير مرخصة في العراق(فيسبوك)
+ الخط -
تتعدى مهمة المساعد الطبي المعروف في العراق باسم "المضمد"، حقن الإبر أو تضميد الجروح  وتنظيفها. ولم تعد دكاكينهم المنتشرة في الأحياء السكنية مقتصرة على القرى والمدن النائية بل انتشرت بكل مناطق العراق تماشياً مع اتساع دوائر الفقر بالبلاد.

وتبدو دكاكين المضمدين للوهلة الأولى كأنّها مستشفى مصغّر، يعالج شتى أنواع الأمراض والحالات المستعصية. فالمضمد بات يصرف الأدوية الموجودة في دكانه أو عيادته المصغرة، يجبّر الكسور ويخيط الجروح ويشخص الأمراض، وهناك من يعتقد أن خبرة هؤلاء تجعلهم أفضل من الأطباء الجدد في العراق.

ويروي أبو مازن، ذو الستين عاماً، قصته مع عيادة أحد المضمدين في بغداد، والتي انتهت بفشل كلوي توفي ابنه على إثرها. وقال خلال حديثه مع "العربي الجديد": "لم يستجب ولدي للعلاج في المستشفيات الحكومية، وكان يعاني من حصى في كليتيه، وذاق أنواع الألم والمعاناة بلا نتيجة". وتابع "فقدنا الأمل من شفائه، ولجأنا إلى عيادات المضمدين التي نصحنا بها كثير من المرضى، مؤكدين لنا سرعة الاستجابة للعلاج، ورخص ثمنه".

وأضاف أبو مازن "بدأنا بمراجعة عيادة مضمد بمنطقتنا بأطراف بغداد، فكان يجري الفحوصات لولدي، ويصرف له العلاج من داخل العيادة"، مبينا "كان ولدي كل يوم يستعيد عافيته ويستمر لعدة أيام، ومن ثم يعود الألم له ونعود به إلى عيادة المضمد".
وأكد "كان ولدي يفضل عيادة المضمد على المستشفى، ويشعر بالشفاء كلما ذهبنا إلى العيادة، لكننا علمنا بعد حين أنّ العلاج الذي يأخذه هو مجرد مسكن آلام، وعندما ينتهي مفعوله يعود الألم". وقال: "استمررنا على هذه الحالة نحو ستة أشهر، بعدها توفى ولدي بسبب فشل كلوي".


وأشار "كان علاج المضمد هو السبب بوفاة ولدي، ونحن نتحمل المسؤولية أيضا كوننا اعتمدنا عليه رغم علمنا بأنّه ليس طبيبا"، مؤكدا أنّ "عيادات المضمدين تقتل كل يوم الكثير من المرضى، إذ إنهم لا يتورعون عن معالجة أي مرض حتى المستعصي، كما أنّهم يجرون عمليات بسيطة في عيادات تفتقر لإجراءات النظافة".

وانتشرت عيادات المضمدين غير المرخصة في بغداد والمحافظات العراقية منذ عام 2003، مستغلين الظرف المادي الصعب للمواطنين، الذين لا يملكون القدرة على مراجعة عيادات الأطباء والمستشفيات.

وقال عضو نقابة الأطباء العراقيين، نجم عبد الله، لـ"العربي الجديد"، إنّ "عيادات المضمدين غير مرخصة لإجراء الفحوصات، وأغلبها لم تحصل على أي موافقة من قبل وزارة الصحة بممارسة مهام التضميد"، مبينا أنّ "المضمدين تمادوا في مسؤوليتهم، وبدأوا يجرون الفحوصات والعمليات ويصرفون الأدوية، لأجل تحقيق مكاسب مادية".

وأكد أنّ "وزارة الصحة فاشلة منذ عدّة سنوات، ولم تقم بواجباتها إزاء هذه العيادات"، مشيرا إلى "وقوع عشرات الوفيات التي تسبب بها المضمدون، ولم تتخذ بحقهم أي إجراءات".

وتؤكد وزارة الصحة أنّ عيادات المضمدين مرخصة لممارسة مهنة التضميد، لكنّهم (المضمدين) يتحايلون على الوزارة ويمارسون بالخفاء، مهنة الطب وبيع الأدوية.

وقال مسؤول في الوزارة لـ"العربي الجديد"، إنّ "فرقنا الرقابية تتابع عمل عيادات المضمدين، وتمنعهم من تجاوز حدود مهنتهم، مؤكدا أنّ "عمليات متابعة العيادات مستمرة". ودعا المواطنين إلى "التبليغ عن أي عيادة للتضميد تبيع الأدوية أو تجري الفحوصات الطبية".

المساهمون