نور التميمي.. الفلسطينية التي دافعت عن حرمة بيتها

نور التميمي.. الفلسطينية التي دافعت عن حرمة بيتها

02 يناير 2018
اشترطت محكمة عوفر دفع كفالة مالية للإفراج عنها (تويتر)
+ الخط -
لا زالت اللحظات الصعبة لاعتقال الفتاة الفلسطينية نور ناجي التميمي (21 سنة)، من قرية النبي صالح، شمال غرب رام الله، وسط الضفة الغربية، عالقة في أذهان أفراد عائلتها، حينما اعتقلتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في 20 من ديسمبر/ كانون الأول 2017، بعد خمسة أيام فقط على محاولتها وابنة عمها عهد باسم التميمي (16 عاما)، ووالدة عهد ناريمان، منع جنود الاحتلال من استخدام ساحة منازلهن مصيدة للإيقاع بشبان القرية، خلال مواجهات شهدتها القرية احتجاجا على قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.

وعطلت نيابة الاحتلال اليوم الثلاثاء، قرارا أصدره قضاة محكمة عوفر الإسرائيلية، بالإفراج عن نور التميمي، وقال ناجي التميمي، والد نور لـ"العربي الجديد": "كنا ننتظر الإفراج عن نور في الثانية ظهرا (توقيت محلي)، لكن نيابة الاحتلال قامت بالاستئناف على قرار الإفراج قبل نحو ساعة من المدة التي منحتها المحكمة للنيابة من أجل الاستئناف"، لافتا إلى أنه من المفترض أن تعقد لها جلسة استئناف في محكمة عوفر، يوم غد الأربعاء.

وروى والد نور، وهو رئيس مجلس قروي بالنبي صالح، لـ"العربي الجديد"، لحظات اعتقال ابنته نور على أيدي قوة من جيش الاحتلال: "فجر العشرين من الشهر الماضي، تم اعتقال نور من المنزل، بعد حصار ودهم له، كان التعامل مع نور بقسوة وبكلمات عنيفة، اعتقلت خلال وقت قصير، ومن ثم نقلت بواسطة المركبات العسكرية إلى مركز شرطة بنيامين الإسرائيلي الواقع شرق رام الله".

في اليوم الأول من اعتقال نور، حققت قوات الاحتلال معها حول تهم منسوبة لها معتمدة على شريط فيديو تم بثّه أثناء فعاليات المقاومة الشعبية في النبي صالح في الخامس عشر من الشهر الماضي، حينما حاولت فيه نور وعهد وناريمان طرد جنود الاحتلال من ساحة منازلهن التي استخدمها الجنود درعاً واقياً لاستهداف شبان القرية، وأصيب خلال ذلك الطفل محمد فضل التميمي (15 عاما)، برصاصة مطاطية معدنية اخترقت وجهه واستقرت بمنطقة الدماغ، وأجريت له عملية صعبة وكادت الإصابة تودي بحياته، ومكث بعدها عدة أيام في المستشفى إلى أن استقرت حالته الصحية، يوضح والد نور.

ويشدد التميمي على أن ابنته "نور وابنة عمها عهد وناريمان، خرجن ليدافعن عن منازلهن الواقعة ضمن ساحة واحدة مشتركة، ومنع استهداف الشبان من المنازل، لقد أدركن مدى الخطر الذي سيلحق بالشبان والذين هم من أقربائهن، فحاولن طرد الجنود من ساحة المنازل لكن الجنود رفضوا، وتطورت المواجهة من الكلمات إلى الاشتباك بالأيدي من أجل إجبارهم على الانصراف من ساحة المنازل".



نور، الفتاة الفلسطينية الطموحة، والطالبة في جامعة القدس الفلسطينية بسنتها الثانية بتخصص الصحافة والإعلام، اختارت تخصصها هذا لتفضح الاحتلال وجرائمه وانتهاكاته بحق الفلسطينيين، وخاصة في بلدتها التي تشهد منذ نحو تسع سنوات فعاليات مقاومة شعبية ضد الاحتلال.

فعاليات المقاومة الشعبية التي تشهدها قرية النبي صالح، انخرط فيها أطفال القرية، وكل واحد منهم له قصة كقصة نور وعهد، فتعرضوا للاعتقال أو الإصابة، وهم يطمحون كبقية أطفال العالم إلى حياة هادئة وكريمة، لكن الاحتلال ينغص عليهم حلمهم البسيط، وهو الأمر الذي دفع بنور للتفكير بكيفية المساهمة في دحر الاحتلال، يشير والد نور.

الفتاة نور التميمي، وبرغم ما يعانيه أهالي النبي صالح من اقتحامات ومواجهات متواصلة على مدار السنوات الأخيرة، لكنها تحب الرياضة والمسرح، وشاركت بتأسيس مسرح بقريتها، ومثلت بمسرحيتين هما "النبي صالح والشيطان" التي تصور حياة الفلسطيني ومقاومته للاحتلال، أما الثانية فتتحدث عن أهمية المياه في حياة الفلسطينيين.

يماطل الاحتلال في الإفراج عنها (تويتر)

ويصفها والدها بأنها شعلة العائلة المكونة من سبعة أفراد بمن فيهم الوالدان في التفاعل والعمل والتحمل للمسؤولية، وتتمتع بشخصية قوية سواء كان ذلك في داخل البيت أو خارجه، فهي مصرة على تحقيق طموحاتها، وخاصة بتخصص الصحافة والإعلام الذي أحبته.

اعتقال نور وما تعانيه العائلة ليس جديداً، فقد اعتقل والدها عدة مرات وأمضى نحو خمس سنوات، واعتقلت والدتها السيدة بشرى التميمي لمدة قصيرة، واعتقل كذلك شقيقها عنان لفترات قصيرة، وتعرضت العائلة جميعها لإصابات بالاختناق بالغاز المسيل للدموع، الذي تستهدف به قوات الاحتلال أهالي القرية، علاوة على استشهاد عمها رشدي في سبعينيات القرن الماضي، واستشهاد ابن عمتها رشدي التميمي في العام 2012، والذي سمي على اسم خاله، واستشهدت عمتها باسمة التميمي خلال التنكيل بها أثناء محاكمة أبنائها سعيد ونزار، في العام 1993.

ومنذ العام 1967 وحتى اليوم، استشهد 20 فلسطينيا من أهالي النبي صالح، وتعرض الكثير من أبنائها للاعتقال، وبقي من المعتقلين فيها حاليا ثمانية أسرى، بينهم طفل وأربع نساء، ضمن مسلسل الاعتداءات والمصادرات للأراضي لأهالي النبي صالح البالغ عدد سكانها 650 نسمة وتعيش فيها فقط عائلة التميمي التي تعود أصولها إلى مدينة الخليل، جنوب الضفة الغربية.

وتنتظر عائلة نور حاليا الإفراج عنها، بعد المماطلة، إذ طالبت نيابة الاحتلال الإسرائيلي، مساء أول أمس الأحد، بتمديد اعتقالها لما يسميه الاحتلال "شيكا مفتوحا" ويبلغ عدد أيامه "مائة ويوما"، من أجل استكمال محاكمتها، رغم التزام عائلتها بشروط الإفراج عنها يوم الخميس الماضي، إلى أن تم إصدار قرار، مساء أمس الإثنين، بالإفراج عنها، ومنحت المحكمة نيابة الاحتلال مدة 20 ساعة لإمكانية الاستئناف على الحكم.

واشترطت محكمة عوفر الإسرائيلية للإفراج عن نور دفع كفالة مالية قدرها خمسة آلاف شيقل بالعملة الإسرائيلية، وعشرة آلاف شيقل غير مدفوعة، وضمان المحامية أن تعود إلى جلسات المحاكمة، وحضورها كل يوم جمعة إلى مركز شرطة إسرائيلي للتوقيع.

واعتقلت قوات الاحتلال نور التميمي في 20 من الشهر الماضي، وسبق ذلك بيوم اعتقال ابنة عمها عهد ووالدة عهد، ناريمان، وتم تأجيل محاكمة عهد ووالدتها حتى يوم الإثنين المقبل، بعد تقديم لائحتي اتهام بحقهما.