محكمة حقوق الإنسان الأوروبية تمنع التجسس على بريد الموظفين

محكمة حقوق الإنسان الأوروبية تمنع تجسس الشركات على بريد موظفيها الإلكتروني

05 سبتمبر 2017
قضاة المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان (Mateusz Wlodarczyk /Getty)
+ الخط -
بعد التداول، قرّر القضاة السبعة عشر في الغرفة الكبرى، وهي أعلى سلطة في المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، الثلاثاء، منع أصحاب الشركات من التجسس على الرسائل الإلكترونية الخاصة بموظفيهم، تمهيداً لصرفهم.


ومن المفترض أن يشكّل القرار سابقة ستقتدي بها الدول الـ47 الأعضاء في مجلس أوروبا، كذلك سيجبر بعض الدول على تعديل قوانينها لتجنّب ملاحقتها من قبل المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.


واعتبرت الغرفة الكبرى لدى المحكمة الأوروبية في قرارها، أن "تعليمات رب العمل لا يمكن أن تلغي حق التصرف بالحياة الخاصة اجتماعياً في مكان العمل"، واعتبر مصدر في مجلس أوروبا أن هذا القرار يتجاوب مع قلق المواطنين "في الوقت الذي أصبح الجميع متصلين بالإنترنت، وحيث الفصل بين الحياة الخاصة والحياة المهنية يزداد صعوبة يوماً بعد يوم".



ويأتي هذا القرار نتيجة إصرار مهندس من رومانيا في الثامنة والأربعين من العمر، يدعى بوغدان ميهاي باربولشكو، على متابعة هذه القضية.


وصرف المهندس الروماني من عمله في 13 يوليو/ تموز 2007، لأنه استخدم شبكة الإنترنت التابعة للشركة لأغراض شخصية بما يتعارض مع النظام الداخلي للمؤسسة. ولإثبات ذلك قدّم صاحب العمل النصوص الكاملة في 45 صفحة لرسائل إلكترونية كتبها المهندس لشقيق له، ولخطيبته، بين الخامس والثاني عشر من يونيو/ حزيران 2007، واعتبرت المحاكم الرومانية أن تصرف الشركة منطقي، وأن مراقبة الرسائل الإلكترونية كانت السبيل الوحيد لإثبات وجود خرق لنظام العمل.



وفي البداية، وافقت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، في يناير/ كانون الثاني 2016، على قرار القضاء الروماني. إلا أن المهندس باربولشكو، استأنف حكم المحكمة الأوروبية، ومقرها في مدينة ستراسبورغ الفرنسية، فوافقت على إعادة النظر في قرارها.


الخوف من القمع

وانقسمت الغرفة الكبرى إزاء المسألة، وفي النهاية اعتبر 11 قاضياً أن حق باربولشكو في احترام حياته الخاصة قد انتهك من قبل ربّ عمله، بخلاف ما قررته المحكمة سابقاً. في حين رأى ستة قضاة عكس ذلك.


وجاء في القرار أن باربولشكو "لم يبلغ بطبيعة الرقابة التي تقوم بها الشركة، ولا بتمكنها من الاطلاع على مضمون رسائله الإلكترونية"، إلا أن المحكمة حرصت على التوضيح أن هذا القرار الأخير الذي صدر الثلاثاء "لا يعني أنه لا يحق لأصحاب العمل ضمن شروط معينة مراقبة اتصالات موظفيهم، أو أنهم لا يستطيعون صرفهم لاستخدام الإنترنت لأغراض خاصة".



وأوضح القرار أن هذه الرقابة يجب أن تتنبه إلى ضرورة وجود "توازن عادل" بين احترام الحياة الخاصة للموظف، وحق الشركة في اتخاذ إجراءات تضمن حسن سير العمل.
وكان القضاة قد استمعوا في 30 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016 إلى حجج قدمتها الحكومة الفرنسية بهذا الخصوص مع الكونفدرالية الأوروبية للنقابات، ودافعت فرنسا عن هذا التوازن الذي وضعته اللجنة الوطنية للمعلوماتية والحريات، والذي يفرض إعلام الموظفين به، والتشاور معهم بشأنه.


وفي فرنسا يعتبر كشف المراسلات الخاصة للموظفين جرماً، واعتبرت يومها الكونفدرالية الأوروبية للنقابات أنه "بدون قواعد فإن مراقبة الإنترنت في مكان العمل يمكن أن تدفع أرباب العمل المشككين إلى التصرف بطريقة تسلطية".


وحقق المهندس الروماني باربولشكو نصراً معنوياً بعد عشرة أعوام من الكفاح. إلا أنه لن يحصل على تعويض، فقد اعتبر قضاة الغرفة الكبرى أن "الإشارة إلى وجود خرق تشكل تعويضاً كافياً" له.




(فرانس برس)