"غبقة" الكويت للتسويق

"غبقة" الكويت للتسويق

06 يونيو 2017
الحلويات أساس الغبقة (ياسر الزيات/ فرانس برس)
+ الخط -
تعدّ الغبقة الرمضانية، وهي وجبة يتناولها المواطنون بعد صلاة التراويح في شهر رمضان، عادة اجتماعية قديمة توارثها الكويتيون منذ زمن طويل، وما زالوا يحافظون عليها بل ويتمسكون بها. هذه العادة تطوّرت مع مرور الزمن، وكان الهدف منها لمّ شمل العائلات والأقارب وسكّان الحي الواحد، لتستغلّها الشركات والمؤسسات في التسويق.

يقول المؤرّخ الكويتي، عبد العزيز العويد، إن "أصل كلمة الغبقة يعود إلى الكلمة العربية الفصيحة الغبوق، وتطلق على شرب لبن الناقة وأكل التمر أو تناول وجبة العشاء في الليل".
ويوضح المواطن غانم المطيري لـ "العربي الجديد" أنّه "في كلّ عام، نعدّ غبقة واحدة في الشهر، وغالباً ما تكون في منتصف الشهر، بهدف لمّ شمل العائلة والقبيلة، وتعزيز الأواصر الاجتماعية، وبحث الأمور المستقبلية". يضيف: "الغبقة عادة اجتماعيّة تساهم في تعزيز العلاقات العامة، وتسمح للراغبين في الحصول على مناصب أو خوض الانتخابات بكافة أشكالها، في تعريف أنفسهم للمجتمع المحيط بهم، وهذا أمر جيد".

بدوره، يوضح الباحث السياسي والكاتب عبد الملك التميمي لـ "العربي الجديد" أن "الغبقة تحوّلت اليوم من مجرّد عادة اجتماعيّة إلى فعالية سياسية، يستغلّها الطامحون للوصول إلى مناصب متقدمة، وذلك من خلال دعوة أبناء مجتمعاتهم المحلية". يضيف أنّها باتت عبارة عن فعالية لحشد الناس، إذ تعمد الأحزاب والتيارات السياسية والمدنية والشركات والمؤسسات التجارية إلى المشاركة فيها.


من جهتها، تقول مديرة العلاقات العامة في شركة "راكمسكو"، وديان المقلد، لـ "العربي الجديد": "تعدّ الغبقة فرصة للشركات والمؤسسات للتواصل وتعزيز العلاقات العامة والتعرف على المزيد من العملاء وتلبية احتياجاتهم بشكل أكبر".

تقول إنجي عادل، وهي مصرية مسيحية تقيم في الكويت، لـ "العربي الجديد": "كل عام، تقيم جاليتنا غبقة بالتعاون مع السفارة المصرية، يحضرها السفير المصري والقنصل ومسؤولون في الخارجية الكويتية وعدد من المشاهير والفنانين المصريين المتواجدين في الكويت". تضيف: "بالنسبة إلينا، الغبقة عادة ثقافية في البلد الذي نقيم فيه ونحبه، كما نحب بلدنا الأصلي. هذه المناسبة فرصة لتعزيز الصداقة بين أفراد الجالية المصرية من مختلف الديانات، إضافة إلى تعزيز الصداقة أيضاً مع المجتمع الكويتي نفسه".

أما ياسر أحمد، وهو مدير أحد الفنادق الكويتية، فيقول لـ "العربي الجديد" إن حجز قاعات الفنادق في شهر رمضان يصل إلى نسبة 100في المائة، بسبب الإقبال الشديد من الشركات لإقامة "الغبقة". يضيف أن الإقبال يزداد في منتصف شهر رمضان، ويختفي نهائياً في الأيّام العشرة الأخيرة بسبب انشغال الناس بالتحضير للعيد. وتطلب الشركات تزيين القاعات بما يتناسب وشهر رمضان، وإفساح المجال لفرقة موسيقية كويتية شعبية أو عربية، في حال كان معظم عمال الشركة من الدول العربية. ويوضح أنّ الطعام غالباً ما يكون مشابهاً للإفطار والسحور، لكن الفرق أن الغبقة مناسبة تكثر فيها الحلويات على حساب الأصناف الأخرى.

أم أسامة، وهي مديرة مدرسة وربة منزل، توضح لـ "العربي الجديد" أن هناك غبقات رجالية تُعقد في الديوانيّات ومجالس الرجال، وهناك غبقات نسائية تعدها نساء العائلة. وغالباً ما تشمل حلويات عربية كالقطايف واللقيمات والحلويات الفرنسية وغيرها. فالمدعوون يكونون قد تناولوا وجبة الإفطار قبل ساعات، وسيتناولون وجبة السحور بعد ساعات. تضيف أن النساء يتفنّن في عرض الأطباق التي أعددنها، لافتة إلى أن أن هناك فساتين سهرة مخصصة للغبقات، خصوصاً أنّها مناسبة فرح مثل الأعياد. ولا تعقد العائلات أكثر من غبقة واحدة في الشهر.

سفارات أجنبية
لا يقتصر تنظيم الغبقات على العائلات الكويتية والسياسيين الطامحين والشركات والمؤسسات، بل يمتد إلى سفارات الدول الأجنبية والكنائس والجاليات العربية وغير العربية في الكويت. على سبيل المثال، تنظّم الكنيسة الإنجيلية الوطنية، وهي التي ينتمي إليها غالبيّة المسيحيين الذين يحملون الجنسية الكويتية، غبقة سنوية في مقرها، يحضرها الوزراء ووجهاء المجتمع والمنظمات المدنية.

دلالات