سيول جدة كارثة تتكرّر سنوياً... فساد أم إهمال؟

سيول جدة كارثة تتكرّر سنوياً... فساد أم إهمال؟

22 نوفمبر 2017
جدة غرقت مجدداً (تويتر)
+ الخط -
لقي طفل من الجنسية الصومالية، مصرعه إثر تعرُّضه لصعق كهربائي أثناء هطول الأمطار في جدة، مساء الثلاثاء، وتناقل رواد مواقع التواصل الاجتماعي صورةً صادمة للطفل إلى جانب عمود إنارة.

وكشفت غرفة عمليات الأمن عن تلقيها بلاغاً يفيد بمقتل وافد من الجنسية البنغالية صعقاً بالكهرباء في حي الربوة، بسبب الأمطار، وأن عدد بلاغات حالات الصعق بلغ سبع حالات في المجمل، بحسب وسائل إعلام سعودية، اليوم الأربعاء.

وأعلن رئيس هيئة مكافحة الفساد "نزاهة"، خالد المحيسن، تشكيل فرق ميدانية لبحث أسباب القصور الذي كشفت عنه الأمطار التي ألحقت أضراراً بممتلكات عامة وخاصة، وفق حساب الهيئة على "تويتر".
وقال وكيل أمانة جدة للمشاريع، محمد الغامدي، في مداخلة هاتفية لبرنامج تلفزيوني محلي، إن شبكة تصريف مياه الأمطار تغطي فقط 18 في المائة من المدينة، وأن الشبكات القائمة كلها قديمة، ويزيد عمرها على 40 عاماً.

وأوضح أن "لجنة مشكَّلة من أجل الموضوع رفعت تقارير للوزارة منذ ثلاث سنوات، وتمت ترسية عقد مخطط شامل لمدينة جدة، ومن ثم عمل مشاريع بالأولوية قبل أسبوعين".

وليست الواقعة الأخيرة جديدة على سكان المدينة الساحلية، الذين يطالبون بمعرفة الأسباب التي تؤدّي إلى غرق جدة، فترد الجهات الرسمية في محافظة جدة وإمارة مكة المكرمة بأن الأزمة لن تتكرر، لكنها تكررت وتتكرر.



وتطلّ كارثة سيول جدة 2009 برأسها سنوياً مع كل أمطار تغرق العاصمة التجارية للسعودية، لتترك أسئلة لا حصر لها حول مصير المتسببين في الكارثة بعد مرور ثماني سنوات عليها، والوعود الواهية التي تقدمها الجهات الرسمية كل عام لسكان المدينة حول إنهاء معاناتهم مع السيول.

وكانت "لجنة مكافحة الفساد" قد أعادت فتح ملف سيول 2009، في سياق سعيها للوصول إلى المسؤولين عن الكارثة السنوية التي يعتبر كثيرون أن غياب التخطيط هو السبب الأساس فيها.
وتأسست لجنة بغرض إيجاد حلول إبان عهد الملك الراحل عبد الله، والتزمت اللجنة حينها بإعداد تقرير مفصل عن أسباب الغرق السنوي بمياه الأمطار، بيد أن النتائج لم تعلن، ولم تتخذ قرارات لإيجاد حل للأزمة التي تحل بالمدينة كل عام.





وتفتقر مدينة جدة، كغيرها من المدن السعودية، إلى البنية التحتية الجيدة، كذلك يفتقر عدد كبير من أحيائها إلى شبكات الصرف الصحي، ما يتسبب في مشكلات عدة كونها مدينة ذات كثافة سكانية عالية، فضلاً عن تهالك الشبكات القائمة.
وتفاقمت أزمة جدة في السنتين الماضيتين بسبب تعثر سداد مستحقات مقاولي إنشاء الشبكات الجديدة، ما أسفر عن تأخر إنهائها.
لكن الأزمة الحقيقية في جدة تتمثل في المناطق السكنية التي ظهرت في المدينة خلال العقدين الأخيرين من دون تخطيط، والتي بُنيت بسببها منازل في مجاري أودية غير قابلة للسكن، ما جعلها عرضة للسيول، وهو ما يفسّر غرق آلاف المنازل كل عام، من دون أن تقوم أمانة جدة أو وزارة الإسكان بالبحث عن حلول حتى لا يتكرّر المشهد.



ونقضت المحكمة السعودية العليا 54 حكماً صادراً قبل سنتين بإدانة عدد من المسؤولين في كارثة سيول 2009، ليبدأ التحقيق مجدداً، وبحسب مطلعين على القضية فإن هيئة مكافحة الفساد أحالت القضية إلى المحاكم لشبهة الفساد، لكن تعليق بعض الأحكام الصادرة ضد عدد من المسؤولين وضع علامات استفهام حول الخطوة ومبرراتها، على الرغم من أن كثيرين اعتبروا الأحكام مخففة ولا تليق بحجم الكارثة.
وحكم على بعض المتهمين بالسجن ما بين 4 إلى 7 سنوات، وغرامات بين 100 ألف و500 ألف ريال، على الرغم من أن الكارثة راح ضحيتها المئات وتسببت في خسائر بالمليارات.

وتشي المعطيات الجديدة بأن المقصود من إعادة التحقيق مع المتورطين في القضية هو استعادة الأموال منهم لتصرف على إيجاد حل جذري للأزمة السنوية، والتي تتطلب مبالغ هائلة.
وينتظر أن يحاكم مسؤولون سابقون في أمانة مدينة جدة، بينهم وزير الاقتصاد السابق ومحافظ المدينة لخمس سنوات، عادل فقيه، والذي يقترن اسمه بكثير من الاتهامات التي يكرر إنكارها جملة وتفصيلاً.
وتسلمت السعودية في وقت سابق، عبر البوليس الدولي "الإنتربول"، الأمين العام المساعد السابق لمدينة جدة، والذي هرب إلى الخارج عقب اتهامه بالضلوع في تهم فساد.

وعلى الرغم من اعتماد الحكومة السعودية أكثر من ملياري ريال لإنهاء أزمة تصريف المياه، إلا أن محللين يرون أن المدينة تحتاج إلى أكثر من 15 مليار ريال لإعادة تأسيس شبكة الصرف الصحي، وتغيير الخطوط القائمة، لوقف نزيف الخسائر السنوية التي تقدر بخمسة مليارات ريال.

دلالات

المساهمون