مكاتب مقاولات في بيوت المغاربة

مكاتب مقاولات في بيوت المغاربة

15 اغسطس 2016
تجربة طموحة (العربي الجديد)
+ الخط -
وسط ارتفاع أسعار العقارات في طنجة، الشراء وبدلات الإيجار على حدّ سواء، يضطر شباب مغاربة كثر إلى تخصيص مساحات معينة من منازلهم وتحويلها إلى مكاتب خاصة. فيها، يعقدون لقاءاتهم واجتماعاتهم وينجزون مشاريعهم. ويصنّف هؤلاء الشباب مقاولين ذاتيين ناشئين، وقد أطلقوا شركاتهم الخاصة برأسمال فردي صغير.

عبد العظيم الحافظي، مقاول شاب أسّس شركة للشؤون التكنولوجية قبل مدّة، يحكي عن تجربته في مكتبه البيتيّ قبل أن ينتقل أخيراً منه. يقول: "بدأت شركتي في المنزل، واستفدت من مساحة معينة لإطلاق عملي. لكنّ المشكلة تكمن في أنّ المكاتب البيتية لا تمنح مصداقية، لا تؤمّن مدخلاً صحيحاً إلى سوق العمل، ولا تساعد في بناء علاقات عامة". يضيف: "رأسمال المقاول الناشئ هو العلاقات والخروج لإثبات نفسه في السوق. في البيت نظلّ نبني أحلاماً ونهدم أخرى، بعيداً عن الواقع". ويشدّد على أنّ "المكتب في البيت يبقى مرحلة انتقالية".



استطاع الحافظي أخيراً استئجار مكتب صغير، ويقول: "أسّست مقاولتي بألف يورو تقريباً، واستأجرت مكتباً في مبنى تكنوبارك بهدف توسيع أعمالي وإنقاذاً لها بعد عودتي من المملكة العربية السعودية". ويشير إلى أنّه استأجره بقيمة 250 يورو شهرياً، فيما بدلات الإيجار خارج هذا المركز قد تكون أقلّ. لكنّ هذا المكان مميّز، ويتضمّن ما يُسمّى ببرنامج المصاحبة المعنوية والمادية والقانونية. كأننا في بيئة حاضنة لمشاريعنا الخاصة". يضيف أنّ "امتيازات كثيرة تُقدّم لنا. وبعد عام ونصف العام، ننتقل إلى مكتب أوسع مساحة وأغلى سعراً نسبياً، حتى نعطي فرصة للمقاولين الشباب الجدد".

من جهته، يعمل حمزة البخاري في مجال التصوير الفوتوغرافي. أخيراً، فتح مكتبه الخاص في منزله، موضحاً أنّ "بدلات الإيجار مكلفة جداً، وأنا غير قادر على إيجاد مكان مناسب، إذ ما زالت في بداية مشروعي الخاص". أمّا هاجر، فتعمل في مجال صنع حلويات الأفراح، من منزلها أيضاً. تقول إنّ "العائق الوحيد أمام فتح محلّ خاص بي، هو المصاريف الكبيرة".

وبهدف إيجاد حلّ للمقاولين الجدد، من أمثال الحافظي والبخاري وهاجر، صادقت الحكومة المغربية العام الماضي على قانون "المقاول الذاتي" الذي يُعرّف بأنّه "كل شخص يزاول بصفة فردية نشاطاً صناعياً أو تجارياً أو حرفياً، أو يقدّم خدمات لا يتجاوز رقم أعمالها السنوي 500 ألف درهم (50 ألف يورو) بالنسبة إلى الأنشطة الصناعية أو التجارية أو الحرفية، و200 ألف درهم (20 ألف يورو) إذا كان هذا النشاط خدماتياً".

وبموجب هذا المشروع، "تُقدّم امتيازات خاصة للمقاول الذاتي، تخصّ النظام الجبائي ونظام التغطية الاجتماعية، فضلاً عن منحه إمكانية توطين نشاطه في محلّ سكناه، أو في أحد المحلات التي تشغلها بصفة مشتركة مقاولات عدة". كذلك حدّد القانون مختلف الالتزامات التي يجب على المقاول الذاتي احترامها، من قبيل "التسجيل في السجل الوطني، والإدلاء بتصاريح رقم الأعمال المحصل عليها، وأداء مبلغ الضريبة المستحقة والاشتراكات الاجتماعية، واحترام التدابير الخاصة بحماية البيئة وقواعد الصحة والسلامة العامة". ويتيح القانون في حالة عدم التوفّر على مقرّ مهني، "إمكانية توطين نشاطه في محلّ السكن أو في مقرّ مشترك بين مقاولات عدّة".

في سياق متصل، يقول المدير الجهوي لوكالة التشغيل "أنابك" إنّ "الوكالة تواكب الشباب المقاولين الذاتيين قبل استئناف مشاريعهم وبعدها، وتركّز على توجيههم في المسائل القانونية وفي إعداد دراسة جدوى لمشاريعهم الخاصة ودراية المخاطر المتعلقة بها". بالنسبة إليه، فإنّ "كثيرين هم الشباب المقاولون الذين يلجأون إلى استخدام منازلهم كمكاتب خاصة، لأنّ بدلات الإيجار في المدن مرتفعة والمقاول يبدأ عادة بإمكانيات بسيطة. كذلك، قليلاً ما يلجأ هؤلاء المقاولون إلى المصارف لدعم مشاريعهم التي تتطلب بدورها ضمانات وشروطاً على قروضها المقدّمة".

دلالات

المساهمون