هيئة الحقيقة والكرامة: قانون المصالحة إرباك للعدالة الانتقالية بتونس

هيئة الحقيقة والكرامة: قانون المصالحة إرباك للعدالة الانتقالية بتونس

19 يوليو 2016
الهيئة لم تنجز إلا ربع الملفات التي تلقتها (فيسبوك)
+ الخط -


غيّرت هيئة الحقيقة والكرامة التونسية من موقفها تجاه قانون المصالحة؛ فبعد تصريحات سابقة رافضة للمشروع جملة وتفصيلاً باعتباره تجاوزاً لصلاحياتها، قالت رئيسة الهيئة، سهام بن سدرين، أمس الإثنين، في استماع لدى لجنة التشريع العام، إنّ الإشكال لا يكمن في المبادرة التي اعتبرت دوافعها إيجابية بل في وسائل تنفيذها المتضاربة مع المنظومة التشريعية بأكملها.

وبدا الاستماع لهيئة الحقيقة والكرامة فرصة لنواب الائتلاف الحاكم باستثناء حركة "النهضة"، لجلد الهيئة واعتبار التقصير الذي قامت به في معالجة الملفات وانغماسها في خلافاتها الداخلية هو الذي جعل خلق آلية جديدة للعدالة الانتقالية أمراً ضرورياً، بالإضافة إلى انتقاد نسق سير عملها.

ووجّه النائب عن نداء تونس، حاتم الفرجاني، عدة انتقادات لموقف الهيئة من مشروع قانون المصالحة، مستغرباً أن "ترفض أطرافٌ المصالحة مع رجال أعمال وكبار موظفين، في حين لم يرفضوا سابقاً المصالحة مع الإرهابيين في إطار ما يعرف بالعفو التشريعي العام" على حد تعبيره. وأضاف الفرجاني أن عدة دول ركزت أكثر من آلية لتحقيق المصالحة ولم تحتكر هيئة أو لجنة واحدة هذا المسار، بل كلفت أكثر من جهة لأن الأهم ممن يتولى قيادة مسار العدالة الانتقالية هو تحقيق المصالحة ورأب الشرخ الحاصل في المجتمع.

وقال الفرجاني، إن الهيئة لم تنجز إلا ربع الملفات التي تلقتها، وهو ما يبين صعوبة أو استحالة إنجازها، في ما تبقى في الفترة الزمنية.



ونفت رئيسة الهيئة، سهام بن سدرين، أن تكون الهيئة قد قصّرت في عملها أو أبطأت فيه، مؤكدة أن الوقت المتبقي كاف لاستكمال عملها ومعالجة كل الملفات التي وردت عليها، وأن هذا المشروع على الرغم من دوافعه الإيجابية يصل إلى مفعول عكسي فهو يربك مسار العدالة الانتقالية، بعدم توفير الأمن القانوني لوجود بنود تتضارب مع المنظومة التشريعية بأكملها، ونتيجته إرباك للمسار الذي من المفترض أنه يحظى بإجماع وطني وأن الهيئة هي الجهة المخولة للقيام بهذا المسار".

وشددت رئيسة الهيئة على أن "هذا القانون يتضارب والدستور وتوجد عديد المراجع التي تفيد بذلك منها قرار الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين نهاية عام 2015 الذي جاء فيه، إن بنود المشروع من شأنها خلق تضارب مع الدستور، وإنها بنود غير دستورية، إلى جانب مخاوف المجتمع المدني من أن المشروع لا يؤدي إلى الصلح الاقتصادي بل إلى تشجيع الفساد".

وقالت بن سدرين إن "المقرر العام للأمم المتحدة المكلف العدالة الانتقالية وجّه رسالة إلى الحكومة التونسية ورئاسة الجمهورية يقول فيها، إن الثقة في مؤسسات الدولة تكمن في مسار متكامل ومتناغم وهو مسار العدالة الانتقالية والثقة لا تمنح من فوق بل عبر مسار كشف الحقيقة وتحديد المسؤوليات وجبر الضرر للضحايا وضمان عدم التكرار بإصلاح المؤسسات".

ورحّبت بن سدرين بـ"استعداد رئاسة الجمهورية لتعديل مبادرتها حول المصالحة وفق ما جاء في الاستشارة التي تقدمت بها لجنة البندقية"، معتبرة أن "الاستعداد لإصلاح المشروع هو ضمان للحوار الجدي بين مؤسسات الدولة".

وأضافت رئيسة الهيئة "لسنا ضد الحوار بل نطالب به، ولا ننازع النوايا الإيجابية لرئاسة الجمهورية وسعيها لتحسين المناخ الاقتصادي والدفع بالدورة الاقتصادية والمبادرة تسعى لهذا الهدف".