تونسيّات "صغيرات على الحجاب"

تونسيّات "صغيرات على الحجاب"

27 اغسطس 2015
الظاهرة تنتشر (عن جمعية نور البيان)
+ الخط -

مع اقتراب بداية العام الدراسي في تونس، يعود الجدال حول ارتداء الحجاب في المدارس. وكان رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي قد أعلن بمناسبة عيد المرأة في 13 أغسطس/آب الجاري، أنه "لم يعد مقبولاً في مجتمع كان سباقاً في تعليم الفتيات إجبارهن على ارتداء الحجاب في عمر الأربع سنوات أو خلال المرحلة الابتدائية"، مشيراً إلى أن "الأمر منافٍ لمجلة حقوق الطفل وأبسط قواعد التربية العصرية".

موقف رئيس الجمهورية رحّب به البعض، وخصوصاً أن ظاهرة تحجيب الفتيات في عمر مبكر تعد أمراً غريباً في تونس، علماً أنه لا يوجد قانون يمنع ارتداء الحجاب في المدارس.
في المقابل، يرى آخرون الأمر بمثابة تعدٍّ صريح على حرية الأشخاص في اختيار اللباس. كريمة بن فرج، وهي والدة رحمة (4 سنوات)، لا تمانع ارتداء ابنتها الحجاب، وقد استغربت المواقف الداعية إلى منعه في رياض الأطفال والمدارس، لافتة إلى أن الأمر يتعلق بالحرية الشخصية وحرية التصرف مع الأبناء. تضيف أنها ظنت أن "مسألة منع الحجاب قد انتهت مع النظام السابق".

أما بسمة شافعي، وهي موظفة، فترى بدورها أن ارتداء الحجاب منذ الصغر يدفع الفتيات إلى الالتزام بتطبيق الشريعة، ولا داعي للانتظار طالما أنه لا ضرر من ارتداء الحجاب باكراً. وتلفت إلى أنها تتمسك بارتداء ابنتها للحجاب.
في السياق، يشير رئيس "النقابة الوطنية للإطارات الدينية"، فاضل عاشور، في حديث لـ "العربي الجديد"، إلى "ضرورة تطبيق القانون، وخصوصاً في الكتاتيب ورياض الأطفال المخالفة، التي تقبل اللباس الغريب عن المجتمع التونسي"، مشيراً إلى أن "الفتاة مطالبة بارتداء الحجاب في سن البلوغ بحسب الشرع، ولا يجب فرضه على الفتيات صغيرات السن".
من جهته، يقول رئيس "الجمعية التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان" معز الشريف إنه لا يوجد قانون يمنع ارتداء الحجاب في المدارس، لكن هناك قوانين تنظم المؤسسات التي تعنى بالأطفال. ويلفت إلى أن ظاهرة ارتداء الحجاب انتشرت في مدارس ومعاهد وجامعات تونس أخيراً، بعدما كان الأمر محظوراً. والملفت أن الظاهرة انتشرت أيضاً بين الفتيات اللواتي تتراوح أعمارهن ما بين ثلاث وأربع سنوات. وفي وقت يرى البعض أن هذه الظاهرة جيدة، يحذر آخرون من خطورتها.

توضح رئيسة غرفة رياض الأطفال نبيهة كمون التليلي لـ "العربي الجديد" أننا "حذرنا أكثر من مرة من إجبار الفتيات الصغيرات على ارتداء الحجاب"، لافتة إلى أنه "لا بد للكبار من احترام حقوق الأطفال". وتشير إلى أن حرية ارتداء الملابس لا تعني فرض الأهالي على أطفالهم ارتداء الحجاب. لكن إذا بلغ الشخص درجة من النضج والوعي، له حينها حرية الاختيار. وتلفت إلى أنه "لا بد من تكثيف الرقابة في بعض رياض الأطفال التي تنشر أفكاراً غريبة عن المجتمع".

وتقول منيرة منصور إنها اضطرت إلى تغيير المدرسة التي كانت قد سجّلت ابنتها فيها لأنها تفرض ارتداء الحجاب على الفتيات، وتمنع الاختلاط، بالإضافة إلى أمور أخرى تخبرها عنها ابنتها التي لم تتجاوز الأربع سنوات، لافتة إلى أن هذه الأمور "ليست من عاداتنا". في الوقت نفسه، تشير إلى أن إجبار الفتيات على ارتداء الحجاب أو النقاب قبل البلوغ، يعد بمثابة تعد على براءة الأطفال، مشيرة إلى أنها ليست ضد فكرة ارتداء الحجاب في حال اختارت الفتاة ذلك حين تبلغ درجة من النضج والوعي.
هؤلاء الرافضون للحجاب، أعربوا أيضاً عن رفضهم انتشار الرياض القرآنية، الأمر الذي أثار جدلاً كبيراً أيضاً في البلاد، وخصوصاً أن غالبيتها لا تطبق المعايير الرسمية التي تحدّدها وزارة المرأة.

يُشار إلى أن وزارة شؤون المرأة والأسرة والطفولة أعلنت عن شروعها إعداد نص قانوني، يتضمن أحكاماً تصل للسجن لكل من يحتفظ بمدارس قرآنية لا تطبق المعايير الرسمية في البلاد.
بدورها، أعربت وزيرة المرأة، سميرة مرعي فريعة، عن رفضها لأسلوب تدريس المدارس القرآنية، واتهمت بعضها بتدريس مناهج أفغانية وإيرانية وتدريب الأطفال على ثقافة الموت. كما تجدر الإشارة إلى أن كثيرين يستبعدون إحياء المنشور 108 الذي سنّه الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة لحظر الحجاب.
وكان النائب عن حركة "نداء تونس" عبد العزيز القطي قد نفى أن يكون هناك توجه حكومي للتضييق على الحريات الدينية، مشيراً إلى أن الحريات مضمونة في دستور البلاد الجديد، وتحت رقابة قوية من المجتمع المدني.

اقرأ أيضاً: ألقاب عنصريّة في تونس