سيف الدين الشيباني: زهرة الأمل لرعاية أيتام يعانون التهميش

سيف الدين الشيباني: زهرة الأمل لرعاية أيتام يعانون التهميش

08 يوليو 2015
في الجمعية متخصصون في علم النفس يتابعون الأطفال(العربي الجديد)
+ الخط -
تهتمّ جمعيّة زهرة الأمل لرعاية الأيتام في تونس بتحسين واقع هؤلاء المهملين والمهمّشين وكفالتهم ورعايتهم، وسط نقص في الجمعيات التي تُعنى بهم. عنها، يتحدّث رئيسها سيف الدين الشيباني لـ "العربي الجديد".

منذ تأسيسها في يونيو/ حزيران 2011، تعمل جمعيّة زهرة الأمل لرعاية الأيتام في تونس على تقديم الدعم والإحاطة باليتامى وفق احتياجات كل واحد منهم. هي جمعية خيرية تكفل نحو 400 يتيم حالياً من 18 محافظة تونسيّة، كذلك تعِدّ برامج وأنشطة أخرى في باقي المحافظات، وذلك بحسب الحالات المسجلة بالتنسيق مع جمعيات أخرى تنشط في البلاد.

تجدر الإشارة إلى نقص كبير في عدد الجمعيات العاملة في مجال كفالة اليتيم. ومعدّل الجمعيات في تونس هو جمعيّة واحدة لكل ألف مواطن، بينما في البلدان المتطوّرة تسجّل 50 جمعية لكل ألف مواطن. يُضاف إلى ذلك أن هذه الجمعيات حديثة العهد، فثلثها أنشئ بعد الثورة.

- ما هي أهداف جمعية زهرة الأمل؟
تسعى الجمعية إلى تجذير ثقافة العمل الخيري لا سيما وأنها لا تكتفي برعاية الأيتام وكفالتهم من الجانب المادي فقط، بل تعمل على تأهيلهم نفسياً وتربوياً حتى يسهل اندماجهم في الحياة الاجتماعية. ونحن اخترنا أن نهتم برعاية الأيتام وألا نقدم مساعدات ظرفية لهم أو للعائلات. اعتمدنا المتابعة المستمرة لليتيم منذ تكفله، فتأخذ الجمعية على عاتقها مساعدته سواء من الناحية الاجتماعية أو الصحية أو النفسية. وبعض الذين اهتمت بهم، يتابعون دراستهم الجامعية وهم متميزون. هذا هو دور المجتمع المدني في مساعدة هذه الفئات المهددة وجعلها ناجحة في الحياة.

- ما هي المساعدات التي تقدّمونها؟
تُعنى الجمعية بفئات عمرية مختلفة وتهتم بكل حاجيات اليتيم المادية والدراسية والصحية وغيرها، من خلال توزيع مساعدات عينية ومالية وتقديم دروس دعم وتدخلات صحية وأيضاً ترفيهية.
والبرنامج الرئيسي هو برنامج كفالة وبمقتضاه يقدّم الكافل 800 دينار تونسي (410 دولارات أميركية) في السنة، توزّع على شكل 50 ديناراً شهرياً بالإضافة إلى منحة قيمتها 100 دينار (51 دولاراً) في عيد الفطر ومع العودة إلى الدراسة. تجدر الإشارة إلى أننا لا نملك داراً للأيتام، بل نكفلهم في منازلهم. وفي الوقت نفسه، نسعى إلى توسيع مقرّنا لدعم الإحاطة بالأيتام.

- ما هي أبرز برامج الجمعيّة؟
وضعت الجمعية تقريباً عشرة برامج أساسية مهتمّة بها، وفق قدراتها وإمكاناتها. وأبرزها برنامج المتابعة والدراسة التي تكرّس لها طاقات بشرية كبيرة، تهتم أساساً بجانب الاستثمار في المستقبل. وهو ما جعل الجمعية تتميز في هذا المجال عبر الاطلاع على بعض التجارب في أوروبا لتطوير الأفكار والبرامج. وهو ما يعني الاهتمام بمستقبل هؤلاء اليتامى وليس فقط بحالة ظرفية لمدة معيّنة فقط. إلى ذلك، ثمّة بعض الحالات الصعبة، لكن الجمعية تجتهد وتتعامل مع كل حالة وفق ظروفها واحتياجاتها.
وثمّة شرط تحفيزي وهو أن يكون اليتيم متابعاً لدراسته أو منتسباً إلى أحد مراكز التدريب، حتى تتمكّن الجمعية من مساعدته والتكفل ببعض احتياجاته ومتابعة دراسته وتدريبه.
يُذكر أن الطفل، حتى ولو توفي والداه، من المهم جداً أن يبقى في كنف عائلته الأصلية لا عائلته الحاضنة وإن كثرت مزايا الأخيرة. الأفضل أن تكفله عائلته الأصلية، والجمعية تقوم بمتابعة مثل هذه الأمور.

اقرأ أيضاً: نفايات تُعيل أسراً تونسيّة فقيرة

- هل من متابعة نفسيّة لهؤلاء الصغار؟
على المستوى النفسي، تضمّ الجمعية متطوعين متخصصين في علم النفس. هؤلاء يقومون بمتابعة الأطفال، لتوجيه بعضهم إلى المصحات والفرق المختصة إذا تطلب الأمر ذلك، أو التعامل معهم من خلال متابعة في الجمعية.
ونحن نعدّ حالياً دراسة تبيّن الفرق ما بين الطفل اليتيم والطفل الذي لم يخسر والدَيه. وبدأت تظهر لنا بعض المؤشرات التي نتمنّى أن تتوضح أكثر في المستقبل وفق المتابعة المستمرة.
على سبيل المثال، ثمّة طفل تعرّض إلى صدمة كبيرة عندما توفي والده. هو كان متميزاً في الدراسة، لكن علاماته تراجعت من دون أن يظهر على تصرفاته أي تغيّر. وخلال الحديث معه، اكتشفنا أنّه تأثر كثيراً بسبب وفاة والده. وبعد المتابعة، عاد ليتفوق دراسياً. ومثل هذه الحالات توثَّق في سريّة تحفظ خصوصيات الأفراد. وهذا يساعدنا في إعداد دراسة علمية دقيقة وفق عمل ميداني يومي تحت إشراف متخصص. إلى ذلك، ثمّة برنامج لدراسة إنشاء دار أيتام كبيرة، بالتعاون مع جمعيات خيرية أخرى.

- هل يتوفّر لديكم برنامج يهتمّ بعائلة اليتيم؟
بالإضافة إلى الاهتمام بالأيتام، نحن اعتمدنا برنامج التواصل المستمرّ مع عائلات هؤلاء الأيتام، بهدف إرساء الثقة، إذ من الصعب إرساء الثقة بين الطرفين والنفاذ إلى خصوصيات كل عائلة. ونطبّق ذلك وفق قدراتنا البشرية والمالية واحتياجات كل يتيم، وتقييم واقع العائلة ومقدرة الجمعية التي تهتم بالمراقبة الاجتماعية والنفسية والصحية لليتيم وللعائلة على حدّ السواء.
كذلك تهتم الجمعية بالأم الأرملة، من خلال إدراج برامج تدريبية للأرامل وتعليمهن بعض الحرف والمهن، حتى تتمكن كل واحدة من العمل لتوفير مداخيل ذاتية ولا تعوّل فقط على المساعدات والهبات. ونعدّ أيضاً بعض مشاريع تنموية لعدد من الأرامل لتدريبهن ورعايتهن الصحية والنفسية بالإضافة إلى الإنصات والتوجيه.

- هل تهتم الجمعية بأطفال الشوارع الأيتام؟
في المؤتمر الثاني للطفل اليتيم، تحدّثنا عن أطفال الشوارع وأكدنا أنّ الطفل اليتيم من أكثر الأطفال عرضة لذلك. لذا اهتممنا بهذه الظاهرة، وقدّمنا مقترحات لوزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة المرأة.
المشكلة ليست في غياب القوانين التي تحمي الأطفال، إنما في تطبيق هذه القوانين، لا سيما مع ارتفاع أعداد أطفال الشوارع الذين يحتاجون إلى الاهتمام والرعاية ودراسة علمية تحيط بحجم الظاهرة ككل.

- ما هي المشكلات التي تواجهونها؟
ككلّ الجمعيات، ما يعيق العمل الميداني أو البحث العلمي هو قلة الموارد المالية لدعم عمل الجمعيات الخيرية. ونحن نحاول البحث عن حلول لهذه المشكلة حتى نوسّع مجال اهتمامنا وبرامجنا. وكما سبق وأشرت، ما من دار رعاية للجمعية حتى تستطيع التكفل بالأطفال فاقدي السند العائلي. هي تهتم وتكفل الأيتام في بيوتهم عبر ما تقدمه لهم من مساعدات.
وقد ناقشنا موضوع أطفال الشوارع مع جمعية أخرى مهتمة أكثر بملف هؤلاء وتفكر في إقامة مركز لإيوائهم. وظاهرة أطفال الشوارع هي من أكثر الظواهر خطورة على الأطفال، بسبب استغلالهم جنسياً أو تجنيدهم في الإرهاب.

رئيس الجمعيّة

سيف الدين الشيباني، رئيس جمعيّة زهرة الأمل لرعاية الأيتام في تونس، حاصل على درجة الماجستير في الإعلامية المطبقة في التصرّف من المعهد الأعلى للتصرّف. والرجل البالغ من العمر 36 عاماً، من محافظة تطاوين في الجنوب التونسي، وهو يُدرّس اليوم علوم الإعلامية والبرمجيات. لم ينشط سابقاً في جمعية أخرى، لكنه ترأس مؤتمرات عديدة وأياما دراسية نظمتها هذه الجمعية، من قبيل المؤتمر المغاربي للطفل اليتيم، والورشة الإقليمية لتطوير جمعيات المجتمع المدني.

اقرأ أيضاً: أطفال جواسيس.. ضحيّة الجماعات المتطرّفة في تونس