خلع الحجاب لتثبيت الحاكم

خلع الحجاب لتثبيت الحاكم

17 ابريل 2015
تزداد الدعوات لمحاربة التدين (فرانس برس)
+ الخط -
كثيرون صدمتهم دعوة صحافي مصري، نساء مصر إلى ما يسميه "تظاهرة خلع الحجاب في ميدان التحرير".

الصحافي ينتمي إلى أسرة ثرية، وعمل في فرنسا لسنوات في منصب حكومي مرموق، كما تولى رئاسة مهرجان القاهرة السينمائي بضع سنوات، وهو يدّعي حرصه على تحرير المرأة، وواثق من استجابتها لدعوته، لأن هدفه الأسمى تخليصها من تلك "الخرقة" التي تضعها على رأسها.

ولا أشك في أن للدعوة "الموتورة"، أغراضاً أخرى لا علاقة لها بحقوق النساء، أهمها العداء للمظاهر الإسلامية، والكيد لتيار الإسلام السياسي برعاية نظام انقلب عسكريا على شرعيتهم، وكأن هذا التيار كان يحكم في عقود ماضية انتشر فيها الحجاب.

باتت الدعوات لمحاربة التديّن نفسه باعتباره تخلّفا ورجعية، واضحة في الآونة الأخيرة لدى هؤلاء الذين يزعمون التحرر والتنوير، وإن كنت أرى بعض التديّن في مصر شكلياً أو مصطنعاً، إلا أن تصحيح هذا "العور" لا يكون بالتبرؤ من الدين.

تعالوا نناقش الأمر مجتمعياً. هل الجدل حول الحجاب جديد؟ وهل يستدعي أن تخصص له وسائل الإعلام مساحات للنقاش؟ أم أن القصة مقصودة للإلهاء عن أمور أخرى يتم التعمية عليها بهذا الهراء؟

وكأن كل مشكلات النساء في مصر ستنتهي بخلعهن الحجاب علنا في ميدان التحرير، لكن هل سيسمح لهن بالتظاهر في الميدان المحاصر بالآليات العسكرية؟ هل سيسمح لهن بتنظيم تظاهرة في ظل قانون يمنع التظاهر؟ ربما، فبعض التظاهرات أقيمت بتنظيم أو رضا النظام. لكن ماذا إن هتفت إحداهن ضد قمع وفساد وفشل النظام القائم؟ هل سيطالب صاحب الدعوة ومن يوافقونه بحمايتها؟

يكرّر صاحب الدعوة أن كثيرات ارتدين الحجاب غصبا. ربما، فهل درس أسباب إجبارهن؟ هل عمل على إنهاء هذه الأسباب؟ هل يعرف أن القانون المصري لا يعاقب الأب أو الأخ أو الزوج الذي يعتدي على سيدة بالضرب، إلا في أمور نادرة؟

ثم أين حرية المرأة؟ أليس من حقها كحرّة أن تختار بين التحجّب والتبرّج؟ أليست مطالبتها بتلك الطريقة، واعتماد الأمر كحدث إعلامي، يشبه إلى حد ما إجبار العائلة لها على الحجاب؟

أزعم أن الأم عادة، هي الأكثر رغبة في ارتداء ابنتها الحجاب، وفي الواقع فإن فرص الفتاة المحجبة في الزواج أكبر، وفرص التحرّش بغير المحجبات أكبر، وهو يوفر على الأسرة الكثير من مصروفات تزين النساء والفتيات.

والثابت أن تغيير عادة مجتمعية باتت مستقرة أمر لا يتم على هذا النحو التافه ولا بهذا الابتذال والتسطيح، والحقيقة أن الدعوة جزء من دعوات مشبوهة يقودها الحاكم العسكري بإصرار مفضوح لتغيير هوية المجتمع، بدلا من تصحيح مفاهيمه وتحسين أوضاع مواطنيه.

المساهمون