الزلزال المدمّر.. باكستان وأفغانستان تحاولان النهوض

الزلزال المدمّر.. باكستان وأفغانستان تحاولان النهوض

إسلام آباد

صبغة الله صابر

avata
صبغة الله صابر
28 أكتوبر 2015
+ الخط -

بعد مرور أكثر من 24 ساعة على الزلزال العنيف الذي ضرب مناطق شاسعة في باكستان وأفغانستان والهند، أشارت مصادر رسمية باكستانية إلى أنّ الحصيلة الأخيرة لضحايا الزلزال وصلت إلى 280 قتيلاً وأكثر من 1700 جريح، في حين تحدّثت مصادر غير رسمية عن أكثر من 300 قتيل بالإضافة إلى آلاف الجرحى.

وفي أفغانستان المجاورة، ارتفع عدد ضحايا الزلزال إلى 100 قتيل و500 جريح، والحصيلة مرشّحة للارتفاع. وكانت مصادر في الحكومة المحليّة في إقليم بدخشان (شمال البلاد) قد أشارت إلى أنّ الزلزال دمّر في الإقليم أكثر من 1500 منزل، وما زال تحت ركامها قتلى وجرحى.

في باكستان

مع ساعات الصباح الأولى من يوم أمس الثلاثاء، توجّهت القيادة السياسية الباكستانية نحو المناطق المتضررة في شمال غرب باكستان، فزار رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف منطقة سوات التي تعدّ من أكثر المناطق تضرراً من جرّاء الزلزال العنيف. ورافق شريف في هذه الزيارة عدد من الوزراء والمسؤولين. وبعدما اطّلع على عمليات الإغاثة لفترة وجيزة، طالب المعنيّين ببذل كل ما يمكن لمساعدة المتضررين. وأكد شريف في تصريحات له، على أن حكومته تعمل بالتنسيق مع إدارة الكوارث والحكومة المحلية في إقليم خيبربختونخوا، لتخصيص تعويضات مالية لكلّ الذين تضرروا مادياً أو بشرياً، غير أنّ العمل في الوقت الراهن يتركز كله على إنقاذ المتضررين وإيصال المساعدات الأولية لهم.

من جهته، زار زعيم حركة الإنصاف عمران خان الذي يقود الحكومة المحلية في خيبربختونخوا المصابين في أحد مستشفيات مدينة بشاور، قبل أن يتوجّه مع رئيس الحكومة المحلية بروز ختك إلى مدن شانكله وسوات ودير ويزور مصابين في عدد من المستشفيات هناك. ولفت خان إلى أن الحكومة الإقليمية تعمل بالتنسيق مع الحكومة المحلية والجيش، لتقديم كل ما تحتاج إليه المناطق المنكوبة.

زيارات المسؤولين هذه لم تغيّر كثيراً في سير عمليات الإغاثة، إلا إنها حالت دون إيصالها إلى بعض المناطق. يقول أحمد الله أحد شيوخ القبائل في سوات إن "المساعدات لم تصل إلى كثير من المناطق حتى مساء يوم الإثنين بسبب الظلام وعدم توفّر الوسائل. لكن مع طلوع فجر الثلاثاء، بدأت عمليات الإغاثة في معظم المناطق المتضررة. لكن زيارات المسؤولين أدت إلى إغلاق الطرقات، لتعرقل عمليات الإغاثة والإسعاف". ويناشد الزعيم القبلي جميع المسؤولين "بالابتعاد عن الزيارات الروتينية في الوقت الراهن والاهتمام بإيصال المساعدات والإغاثات الأولية إلى المتضررين"، مشيراً إلى أن زيارة عمران خان لأحد مستشفيات بشاور عطلت جميع الأعمال فيه لساعات.

اقرأ أيضاً: باكستان تعالج مرضى السرطان الأفغان

في حين تدّعي الحكومة أن هيئات الإغاثة التابعة لها بلغت جميع المناطق المنكوبة، ما زال سكان بعض المناطق يشتكون من عدم وصول فرق الإغاثة إليهم. ويخبر تواب خان وهو أحد سكان منطقة تورغر المجاروة لسوات، أن فرق الإغاثة لم تصل إلى بعض أحياء منطقة تورغر، حيث دُمرت عشرات المنازل، والناس أخرجوا بأنفسهم ذويهم المصابين من تحت الأنقاض.

وكانت وحدات الجيش الباكستاني قد انتشرت منذ مساء الإثنين في معظم المناطق المنكوبة بفعل الزلزال، ونقلت مصابين إلى المستشفيات بواسطة المروحيات. كذلك تمكنت من فتح الطرقات التي أغلقت في شمال غرب البلاد وشمال شرقها، وبالتحديد في مدن شترال وجلجت وهنزة، نتيجة الانهيارات الأرضية وتصدّع الجسور. بالتالي، راحت سيارات الإسعاف تتحرك نحو تلك المناطق. وفي بيان له، أفاد الجيش بأن قائده الجنرال راحيل شريف يشرف بنفسه على سير العمليات، وقد أجرى لقاءات عدة مع مسؤولي وحدات الجيش في كل من سوات ودير وجلجت، لوضع خطة مناسبة حتى تبلغ عمليات الإسعاف والإغاثة جميع المناطق من دون استثناء. كذلك، أعلن إرسال الاحتياجات الأولية من أودية وغيرها من المستلزمات إلى بعض المناطق المنكوبة عبر المروحيات، بالإضافة إلى نصب مستشفيات ميدانية فيها.

على الرغم من كل الجهود التي يحاول المعنيّون بذلها، إلا أنّ الواقع يقول بأنّ سكان بعض المناطق المتضررة بلا مأوى بعدما دُمّرت منازلهم، وذلك في حين يشهد شمال غرب البلاد وشمال شرقها موجة من البرد القارس بسبب هطول الأمطار والثلوج. يخبر جان ولي أحد سكان تورغر الذي تزوّج قبل أسبوع فقط، أن بيته انهار بصورة كاملة ودمّرت محتوياته. بالتالي، بقي هو وأسرته المكوّنة من عشرة أفراد بلا مأوى، في حين يخضع أخوه للعلاج في مستشفى في مدينة بشاور.

من جهته، يحكي الطبيب فرهاد علي الذي يعمل في مستشفى ريدي ليدنك في مدينة بشاور، أن امرأة تدعى زرمينة فقدت زوجها وثلاثة من أبنائها، بعد سقوط سقف منزلها الطيني في مدينة كوهات المجاورة للمناطق القبلية ومدينة بشاور. يضيف أنّ المرأة خضعت لعمليات جراحية دقيقة في الرأس، ووضعها مستقرّ، لكنها لا تعرف ما الذي حل بزوجها وأبنائها.

أما مجاهد، من سكان منطقة دير العليا، فهو لم يكن في المنزل وقت الزلزال. وعندما وصل، وجد أنّ أحد جدرانه سقط على عائلته، وهو ما أدى إلى إصابة أمه وأحد أبنائه. يشكر الرجل ربّه على نجاة أسرته، قائلاً إن الأموال تأتي وتذهب.

وتعليقاً على حجم الخسائر، يقول العضو السابق في مجلس الشيوخ الباكستاني زاهد خان وهو أحد قياديي حزب عوامي القومي البشتوني، إن "الحجم الحقيقي للخسائر سيتضح بعد يوم أو يومين، إذ إن أعمال الإغاثة الحقيقية بدأت صباح الثلاثاء، لأن فرق الجيش كانت مشغولة ليل الإثنين - الثلاثاء بفتح الطرقات. ونحن نعرف أن الأحياء في شمال غرب باكستان تقع في مناطق جبلية وعرة يصعب الوصول إليها". ويلفت زاهد إلى أنه تلقى بُعيد وقوع الزلزال، اتصالات من سكان مناطق الشمال الغربي، وبالتحديد سوات ودير وشانكلة، إذ هو من هناك. يضيف أنهم كانوا يشكون من عدم وصول فرق الإسعاف لإخراج الجرحى والقتلى من تحت الأنقاض.

في أفغانستان

أما في أفغانستان، فلم يختلف الحال كثيراً في ما يتعلق بأعمال الإغاثة. لكن حجم الخسائر البشرية، أقل من تلك المسجلة في باكستان. وقد أشارت مصادر رسمية إلى أن حصيلة الضحايا تخطت 100 قتيل و500 جريح، لكنها تخشى من ارتفاع الحصيلة. أعمال الإسعاف ما زالت متواصلة، وقد انطلقت في بعض مناطق الشمال فجر أمس.

في هذا السياق، يؤكد رئيس هيئة مواجهة الكوارث في أفغانستان ويس أحمد برمك أن 14 إقليماً أفغانياً تضررت بفعل الزلزال، وأن نحو أربعة آلاف منزل انهارت جزئياً أو كلياً. ويوضح أنّ أعمال الإغاثة انطلقت في جميع المناطق المتضررة، إلا أن الحالة الأمنية تحول دون الوصول إلى بعض تلك المناطق. ويشير إلى أن الحكومة تعتزم صرف تعويضات مالية للمتضررين.

إلى ذلك، يُعدّ إقليم بدخشان (شمال) من أكثر الأقاليم الأفغانية تضرراً، إذ إنه مركز الزلزال العنيف. ويؤكد القائم بأعمال حاكم الإقليم شاه ولي الله أديب، أن "الزلزال هزّ جميع مناطق الإقليم، لكن الضرر الأكبر طاول مديرية وردوج وجرم ويمكان، حيث دمّر نحو 1500 منزل. وقد يكون حجم الدمار أكثر". أما في شرق البلاد، فالأضرار الأكبر طاولت إقليمَي كنر ونورستان وبعض مناطق ننجرهار. وفي إقليم كنر وحده قُتل 46 أفغانياً وأصيب أكثر من 150 بجروح، بحسب ما يقول مسؤول إدارة مواجهة الكوارث في كنر غلام علي ثبات.

في السياق، يشير أحد الموظفين في مستشفى "صحت عامة" المركزي في مدينة جلال أباد محمد صابر، إلى أن المستشفى استقبل حتى مساء الثلاثاء، مئات الجرحى من الأقاليم الشرقية الثلاثة كنر ونورستان وننجرهار. وقد توفي 11 شخصاً منهم.

وكان الرئيس الأفغاني محمد أشرف غني قد توجّه بكلمة إلى الشعب مساء الإثنين، عبّر فيها عن قلقه العميق إزاء الخسائر البشرية والمادية التي لحقت بأبناء الشعب الأفغاني. وقد تضمّنت كلمة غني شكراً للولايات المتحدة الأميركية والهند لعرضهمها مساعدة أفغانستان في هذا الوقت العصيب.

تجدر الإشارة إلى أنّ بعض الهيئات الإغاثية العالمية بدأت بالتنسيق مع هيئة الهلال الأحمر الأفغاني، بمساعدة المتضررين في أفغانستان من جرّاء الزلزال العنيف.

اقرأ أيضاً: زلزال مدمّر يقتل المئات في باكستان وأفغانستان والهند

ذات صلة

الصورة

مجتمع

فجر الحادث المروع الذي وقع بمحافظة البصرة، جنوبي العراق، أمس الثلاثاء، وأودى بحياة 6 أطفال وأصاب 14 آخرين، موجة غضب شعبية واسعة في البلاد..
الصورة
الطبيبة الفلسطينية أميرة العسولي (إكس)

مجتمع

خاطرت الطبيبة الفلسطينية أميرة العسولي، في قطاع غزة، بحياتها لإنقاذ جريح رغم رصاص الاحتلال الكثيف أمام مجمع ناصر الطبي المحاصر في خانيونس، جنوبي قطاع غزة.
الصورة
عائلة غنام في عزمارين السورية تعيش ألم الزلزال (عامر السيد علي/ العربي الجديد)

مجتمع

مضى عام على كارثة الزلزال الذي ضرب شمال غرب سورية والجنوب التركي، وخلف معاناة لدى الناجين منه، خاصة العوائل التي فقدت أفراداً منها.
الصورة
نازحان في غزة (العربي الجديد)

مجتمع

يحاول النازح الفلسطيني أبو أحمد أبو القمبز من حي الشجاعية شرق مدينة غزة التخفيف من آلام صديقه الجديد أبو مصطفى سالم، الناجي الوحيد من مجزرة إسرائيلية.