"عشرون جولة ولا دولة: صرخة طرابلسية ضد العنف

"عشرون جولة ولا دولة: صرخة طرابلسية ضد العنف

19 مارس 2014
تحرك الشباب الطرابلسي رفضاً للعنف المتكرر
+ الخط -

لم يعد هناك مكانٌ للحُبّ في طرابلس، قتل الرّصاص المتبادل بين جبل محسن (الموالية للنّظام السّوري) وباب التّبانة (المعارضة للنظام) كلّ المشاعر، إلا الخوف، اندلعت عشرون جولة من العنف في "عاصمة لبنان الثانية"، وانتهت دون معالجة أسباب اشتعالها.  

أنشأ شبابٌ وشابات طرابلسيّون حملة باسم "تريفوليوشين" (ثورة طرابلس)، كصرخةٍ رافضةٍ للأحداث التي تشهدها مدينتهم، وتم اطلاق الحملة مساء الإثنين، باعتصامين رمزيّين في كل من بيروت وطرابلس، وأعادت الكرّة مساء أمس الثلاثاء عبر اعتصامين آخرين في المدينتين المذكورتين.
لم يكن الحضور كبيراً، ربما لأنه لا طائفة ولا حزب خلف المعتصمين.. توجه القائمون على الحملة مباشرةً لأهل مدينتهم، تجمعهم سوياً المعاناة من القتل المستمر. طلبوا أن تُعلن المدينة الإغلاق العام.
تجاوب جزء من أصحاب المحال التّجاريّة والمهن الحرّة وأغلقوا مؤسساتهم ومحالهم ومكاتبهم اليوم الأربعاء، "احتجاجاً على ما تمرّ به المدينة من أعمال عنف واشتباكات لا طائل لأهل المدينة في إيقافها".

في بيانها الأوّل، والذي نشر على صفحتها على "فيسبوك" التي حصدت أكثر من ألف معجب في يومين، أعلنت الحملة عن عدم رضاها عن أداء الأجهزة الأمنية "دون استثناءات أو تمييز"، مؤكدةً أن "الضّرر الواقع جرّاء الاشتباكات لا يطال حياة الأبرياء في مناطق العنف وحسب، إنّما يطال الأرزاق والحياة اليوميّة في كلّ المدينة.

يقول مؤسس صفحة "تريفوليوشين" على "فيسبوك" عمر السّيّد لـ"العربي الجديد" إن "الحملة بدأت حين قرّر مع مجموعة من أصدقائه النّزول للشّارع احتجاجا على الاشتباكات المتكررة، ثمّ تطوّرت الفكرة، فكانت الصّفحة".

يعرف السيّد جيداً أن تغيير الواقع في طرابلس ليس سهلاً في ظلّ تسيير الأحداث من قبل جهات عدّة وفقاً لحسابات سياسيّة "الأفكار كثيرة والإمكانات قليلة لكننا لن نيأس ولن نتوقف. سنتواصل مع الجميع للقيام بتحركات من شأنها أن توصل صوتنا".
ويضيف: "نريد تشجيع الناس في المدينة للنزول إلى الشارع وطرح أفكارهم لتطوير المدينة وتحريك العجلة الاقتصادية فيها بطريقة سلميّة، ما سيؤمّن فرص عمل للشبان الذين يتم استغلالهم في المعارك. لا حدود لما نطمح إليه".

تتطلّع الحملة إلى أن تكون بداية لـ"موقف حازم من لغة القتل والدّمار اليوميّ الذي تشهده المدينة، وأخذ المبادرة إلى حيّز التّنفيذ تجنّباً لجولات قد لا يعرف عددها"، كما تقول في بيانها. وفي هذا السّياق، أعلنت أنّها ستستمرّ بالتّحركات الرّافضة لواقع العنف المفروض على المدينة دون رغبة منها، عبر سلسلة تظاهرات واعتصامات وإضرابات يتمّ الإعلان عنها في حينها.

ويبدو أنّ "تريفوليوشن" جادّة في مبادرتها، فقد أرسلت كتاباً إلى محافظ الشّمال ناصيف قالوش، تُعلمه فيه عن استمرارها في تحرّكاتها بعد انتهاء الجولة العشرين من الاشتباكات.

ووقع جرّاء الاشتباكات الأخيرة في طرابلس أكثر من 12 قتيلاً و71 جريحاً بينهم عسكريّون وأطفال، فيما نزحت العديد من العائلات من منازلها إلى أمكنة أكثر أمناً. وفي هذا الإطار، رفعت الحملة شعار "عشرين جولة وما في دولة"، فنشرت صوراً لشباب يحملون أوراقاً كُتب عليها الشّعار.

يرفض عمر "السّياسات المتّبعة، والتي كلّفت المدينة الكثير"، ويأمل "بإعادة اللُّحمة إلى النّسيج الطّرابلسيّ كما كان قديماً"... أمرٌ ليس من السّهل تحقيقه، خصوصاً وأنّ المدينة باتت "ورقةً إقليميّة بناءً على حساباتٍ طائفيّة".

المساهمون