معلمو الأردن.. انتهاكات للأجور وتلاعب بالعقود

معلمو الأردن.. انتهاكات للأجور وتلاعب بالعقود

10 يونيو 2022
شكاوى المعلمات في الأردن أكثر من المعلمين (خليل مزرعاوي/ فرانس برس)
+ الخط -

يتعرض كثير من المعلمين والمعلمات في قطاع التعليم الخاص بالأردن إلى جملة انتهاكات عمالية، في مقدمها حق حصولهم على الحد الأدنى للأجور، والتلاعب في عقود عملهم
وتفيد دائرة الإحصاءات العامة بأن عدد المعلمين والمعلمات الذين ضمتهم المدارس في العام الدراسي 2020 - 2021 بلغ 130.089، وأن المعلمات شكلن نسبة 89.2 في المائة من معلمي المدارس الخاصة (33.893 معلمة في مقابل 4117 معلماً). 
وكانت مجموعة من المعلمات قد أطلقت في مارس/ آذار عام 2015 حملة "قم مع المعلم" بدعم من اللجنة "الأردنية للإنصاف بالأجور"، بهدف نشر التوعية بالحقوق العمالية وإشكاليات العقود المبرمة مع المؤسسات التعليمية، بعدما واجهت المعلمات تحديداً تجارب سيئة وانتهاكات لحقوقهن في العمل. وعملت الحملة مع وزارتي التربية والعمل لإلزام المدارس الخاصة تحويل الرواتب الشهرية المستحقة إلى الحسابات البنكية للمعلمين أو المحافظ الإلكترونية كشرط لتجديد تراخيص المؤسسات التعليمية، لكن مدارس خاصة عدة تمتنع اليوم عن تطبيق القانون، وتستمر في تسليم رواتب المعلمات من تحت الطاولة. 

طلاب وشباب
التحديثات الحية

تقول منسقة لجنة الشكاوى في الحملة مها أبو ملوح لـ"العربي الجديد": "أحصت حملة قم مع المعلم عدد المدارس التي تمنح المعلمين والمعلمات علاوات، وسلمتها نسخ العقود، وحوّلت الرواتب إلى حسابات بنكية، فتبين أن نسبة 56 في المائة من المدارس لا تحوّل الرواتب على البنوك، وأن قيمة 51 في المائة من الرواتب لا تتجاوز الحد الأدنى للأجور، أي 260 ديناراً (366 دولاراً). 
تضيف: "كشف الإحصاء أيضاً أن 65 في المائة من المعلمين والمعلمات يعملون وفق عقود، لكن 75 في المائة منهم لم يحصلوا على نسخ عقودهم، وأن 80 في المائة من العاملين في المدارس الخاصة لا يمنحون علاوات التعليم". 
وتشير مها إلى أن هناك "مدارس تنفذ مهمات تدريس من دون الحصول على تراخيص، ما ينعكس سلباً على أوضاع المعلمين، ووزارة التربية والتعليم تتعاون مع الحملة في تفتيش المدارس المخالفة، استناداً إلى الشكاوى المقدمة".  

مخالفات
وفي 26 إبريل/ نيسان الماضي، اجتمع مسؤولون في الحملة مع مسؤولين عن التعليم الخاص في وزارة التربية، وقدموا قائمة بأسماء 100 مدرسة مخالفة لقرار إلزامية تحويل رواتب المعلمين إلى البنوك والمحافظ الإلكترونية والذي يشكل ركيزة منح التراخيص. ووعدت الوزارة باتخاذ الإجراءات المناسبة خلال شهر كحد أقصى. 
أيضاً، طالبت الحملة وزارة التربية بإصدار قائمة يجري تحديثها في شكل دائم بأسماء المدارس المرخصة، وتلك التي تواصل إجراءات الحصول على تراخيص كي تستخدم كمرجع للمعلمين وأولياء الأمور. 
وتؤكد المسؤولة القانونية في الحملة هبة أبو غنيم، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن معلمات يتعرضن للابتزاز، خاصة المصنفات جديدات اللواتي قد تشترط مدارس خفض رواتبهن لمواصلة العمل في العام التالي".

الصورة
بعض معلمي القطاع الخاص في الأردن لا يحصلون على نسخ من عقود العمل (Getty)
بعض معلمي القطاع الخاص في الأردن لا يحصلون على نسخ من عقود العمل (Getty)

وتوضح أن "المدارس الكبيرة تمنح المعلمين الحد الأدنى للأجور، إضافة إلى علاوة تعليم قيمتها 10 دنانير (14 دولاراً)، بخلاف تلك الصغيرة، ومخالفات الأجور كبيرة في المحافظات، ومنها إربد (شمال)، أما في العاصمة عمان فالرواتب جيدة". 
تضيف: "من أكبر المشاكل التي تواجه المعلمين عقود العمل الذي لا تحصل كثير من المعلمات على نسخ منها، ومدتها محددة بـ10 أشهر وليست لعام دراسي كامل، علماً أن تطبيق بعض العقود قد لا يستمر حتى انتهاء فترة الدراسة، ويجري فضها قبل شهر أو شهرين من موعدها"، وتشرح أن "تعاون وزارة التربية مع الحملة جيد، لكننا نتمنى تعزيزه في المستقبل. أما تعاون وزارة العمل فيرتبط بضمير المفتشين الذين قد يتابعون الحالات مباشرة، أو يستمر ذلك شهراً أو شهرين من دون اتخاذ إجراء حقيقي في شأن الشكوى المقدمة. ولا بدّ من الإشارة إلى أن تحويل الرواتب إلى البنك طامة كبرى، فأصحاب مدارس كثيرون يفتحون حسابات بنكية للمعلمات، من دون تحويل أي مستحقات إليها، ما يجعلها مجرد إجراء صوري". 
وتكشف هبة وجود سجل إلكتروني للشكاوى يتضمن أسماء مدارس معنية بارتكاب مخالفات مع المعلمين والموظفين، وتلفت إلى أن "الجهة الوحيدة التي تتعامل بشكل ممتاز مع شكاوى المعلمات هي مؤسسة الضمان الاجتماعي، إذ تتابع بالكامل وبلا تأخير شكاوى المعلمين التي قد تختلف وتشمل آليات توقيع العقود مع مسؤولي المدارس، وعدم تسلم نسخ منها، وأيضاً عدم الحصول إلا على قسم من قيمة الأجور الواردة في العقود". 

الصورة
تؤكد وزارة التربية أن حقوق المعلمين محفوظة (أحمد عبدو/ فرانس برس)
تؤكد وزارة التربية أن حقوق المعلمين محفوظة (أحمد عبدو/ فرانس برس)

وزارة التربية
وترد وزارة التربية على موضوع إشكاليات الرواتب والعقود، بالقول لـ"العربي الجديد"، إن "نظام تأسيس وترخيص المؤسسات التعليمية الخاصة والأجنبية، والذي يخضع للقانون رقم 130 الصادر عام 2015 والتعديلات التي طرأت عليه منذ عام 2018، يلزم المدارس الخاصة بتحويل الرواتب الشهرية المستحقة للمعلم إلى حِسابه البنكي، أو المحافظ الإلكترونية، وتقديم وثائِق تُثبِت ذلك، كشرط أساسي لتجديد تراخيصها السنوية". 
وتوضح أن "كتاب تجديد الرخص السنوية يشترط إحضار المؤسسات التعليمية الخاصة كشوفات بالتحويلات البنكية، وطلبنا في العام الدراسي الحالي كشوفات التحويلات البنكية الخاصة بالعام السابق، وتلك الخاصة بمؤسسة الضمان الاجتماعي". 
وتتحدث الوزارة عن أن "75 في المائة من المدارس الخاصة ورياض الأطفال كانت مشمولة ببرنامج استدامة (برنامج دعم العاملين في الأنشطة الأكثر تضرراً من جائحة  كورونا)، وحقوق المعلمين محفوظة عن طريق المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي". 
وتتابع: "لم تشارك نسبة 25 في المائة من المدارس في برنامج استدامة، لأنها لم ترفق كشوفات التحويلات البنكية لتجديد رخصها السنوية. وهذه المدارس والرياض واجهت قضايا عالقة مع المعلمين جرى تسجيلها في وزارة العمل التي عاقبت بعضها. وفي العاصمة عمان تحفظت بنوك أو البنك المركزي نفسه على أموال 5 مدارس، وطالبت إداراتها بإحضار تسويات مالية لحقوق المعلمين والعاملين فيها، أو كشوفات بتسلمهم رواتب وسندات قبض، ووثائق تعهد من أصحاب المؤسسات بالتزام تسليم المعلمين كل حقوقهم المالية". 
ويؤكد الناطق الإعلامي باسم وزارة العمل محمد الزيود، لـ"العربي الجديد"، أن وزارة العمل تتابع بشكل مستمر أوضاع المؤسسات التعليمية في القطاع الخاص، وتراقب مدى التزامها دفع الأجور للمعلمين، كما تتعامل مباشرة مع أي شكوى تصلها تتعلق بالأجور أو الحقوق". 
ويوضح أن منصة "حماية" الإلكترونية تسمح بتقديم أي عامل شكوى بسهولة، والتي تتسلمها فرق التفتيش وتتابعها للتأكد من دقة المعلومات التي تتضمنها وقانونيتها. 

ويشدد على أن "الوزارة تحاول منذ بداية تدخلها بين أصحاب المؤسسات التعليمية والمعلمين والعاملين فيها إيجاد حلول ودية. وفي حال عدم التوصل إلى اتفاقات تتخذ إجراءات قانونية في حق المنشآت استناداً إلى الصلاحيات القانونية الممنوحة إليها. ونحن لا نهمل أي شكوى، ونشجع أي معلم لديه شكوى ضد مدرسة على تقديمها لنا". 
يضيف: "تحتاج متابعة الشكوى ودرسها إلى عدة أيام عمل. وترتبط الحلول بتعاون صاحب العمل. ومفتشو الوزارة يجلسون مع مقدمي الشكاوى في مرحلة أولى ثم مع أصحاب العمل. ويجري تحديد المشكلة لاتخاذ الإجراءات المناسبة، علماً أن تفاصيل الحالات والشكاوى مختلفة ومتعددة. والتسويات ممكنة أحياناً من خلال اتفاقات تحصل بين الجانبين وتوجد أرضيات لإيجاد حلول مناسبة وترضي الجميع. وفي حال عدم حصول ذلك، تصنف المؤسسة التعليمية بأنها مخالفة، ما يسمح للعامل أو الموظف بتقديم شكوى امام القضاء، ويمكن ان يدعم قضيته بتقارير من وزارة العمل". 

المساهمون