معتقلات مصريات يدفعن ثمن الصراع السياسي

يوم المرأة... معتقلات مصريات يدفعن ثمن الصراع السياسي

08 مارس 2023
اعتقال المعارضات سياسة مصرية ممنهجة (إبراهيم رمضان/الأناضول)
+ الخط -

قبل أيام من حلول اليوم العالمي للمرأة، قضت محكمة جنايات القاهرة بأحكام قاسية على عدد من النساء تراوحت بين المؤبد والسجن المشدد في القضية المعروفة إعلامياً بـ"قضية أعضاء التنسيقية المصرية للحقوق والحريات".

وقضت محكمة الجنايات غيابياً بالسجن المؤبد على كل من هاجر خالد فارس، وسها سلامة عمر الشيخ، وإسراء كمال الدين، وبالسجن المشدد 10 سنوات حضورياً على عائشة خيرت الشاطر، وسمية محمد ناصف، كما حكمت على الحقوقية هدى عبد المنعم بالسجن المشدد 5 سنوات، وقررت وضعهن جميعاً تحت المراقبة الشرطية لمدة 5 سنوات بعد تنفيذ الحكم. 
وتدفع النساء المصريات منذ سنوات ثمنًا باهظًا للمعارضة السياسية، أو حتى قرابتهن من معارضين سياسيين. ففي إحدى جلسات محاكمتها، قالت عائشة الشاطر للقاضي: "يتم التنكيل بي بسبب الخصومة السياسية مع والدي. أنا محرومه من حريتي ومن الحق في العلاج. دخلت السجن سليمة، والآن أنا مصابة بمشكلة في النخاع الشوكي". وتعاني الشاطر من فقر الدم، مما أدى إلى تدهور صحتها بسرعة، وتعرضها لنزيف حاد نقلت على أثره إلى المستشفى، لتجري معالجتها بالصفائح الدموية، ورغم أن حالتها الصحية تتطلب علاجاً مكثفاً، تستمر السلطات المصرية في التنكيل بها وحرمانها من حقها في الحرية. 
ألقي القبض على عائشة الشاطر من منزلها بالتجمع الخامس في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني 2018، ليجري إخفاؤها لمدة 21 يوما في مقر الأمن الوطني بالعباسية، قبل أن تظهر أمام نيابة أمن الدولة العليا بتهمة الانتماء إلى جماعة إرهابية، وهي محبوسة في زنزانة انفرادية وصفتها في إحدى جلسات المحكمة بالمقبرة، كما مُنعت من الزيارات منذ اعتقالها، وحُرمت من حقها الطبيعي في رؤية أطفالها.
أما هدى عبد المنعم (61 سنة)، العضو السابق بالمجلس القومي لحقوق الإنسان، فجرى التنكيل بها في زنزانة انفرادية لفترة، ومنعت عنها الزيارات الاعتيادية والاستثنائية منذ القبض عليها، وخاصة بعد الأزمات الصحية المتتالية التي تعرضت لها خلال فترة حبسها التي قاربت على ثلاث سنوات. أصيبت عبد المنعم، بوعكة صحية خطيرة في محبسها تضاف إلى المشاكل الصحية التي تعاني منها، ومن بينها ارتفاع ضغط الدم، وتجلط الأوردة في إحدى ساقيها، ورغم ذلك لم تحصل على أدويتها، لتتوقف إحدى كليتيها عن العمل وتتضرر الأخرى. 
وتدفع سيدة الأعمال، حسيبة محسوب، شقيقة وزير الدولة للشؤون القانونية والمجالس النيابية السابق، محمد محسوب، ثمن معارضة شقيقها للنظام المصري، إذ يتواصل حبسها احتياطياً منذ نحو ثلاث سنوات.

الصورة
عشرات الناشطات المصريات في السجون (إبراهيم رمضان/الأناضول)
عشرات الناشطات المصريات في السجون (إبراهيم رمضان/الأناضول)

ألقي القبض على محسوب، من محافظة الإسكندرية في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، بتهمة "الانتماء إلى جماعة إرهابية"، وتعرضت للإخفاء القسري لمدة 67 يوماً، وبعد عامها الأول في الحبس، قررت محكمة جنايات القاهرة إخلاء سبيلها في 13 ديسمبر/كانون الأول 2020، وبعد يوم واحد من وصولها إلى منزلها فوجئت باستدعائها إلى قسم الشرطة، لتُحتجز حتى 3 يناير/كانون الثاني 2021، ثم مثلت أمام نيابة أمن الدولة على ذمة قضية جديدة بنفس الاتهامات، لتُعاد إلى سجن القناطر.
ونددت منظمات حقوقية عدة بالتنكيل بالنساء في مصر في خضم الصراع السياسي، كان آخرها الجبهة المصرية لحقوق الإنسان، والتي أصدرت تقريراً بعنوان "المنفي أو السجن"، رصدت خلاله تأثير ما وصفته بـ"السياسات القمعية لنظام السيسي"، وكيف أدت إلى نفي مدافعات عن حقوق الإنسان وصحافيات وناشطات وحرمانهن من حقهن في العودة. 
وخلص التقرير إلى أن "الاستهداف الأمني للمعارضات والمعارضين السياسيين أضحى سياسة ممنهجة منذ تولي عبد الفتاح السيسي الحكم في عام 2014، والذي أسس لحكمه بأكبر مجزرة عرفتها مصر في تاريخها الحديث، وهي الفض العنيف لاعتصامي رابعة والنهضة، وما تبعهما من قمع لجميع أشكال المعارضة السياسية، مما دفع مجموعات كبيرة من المعارضين السياسيين إلى المنفى للهروب من الاضطهاد والاستهداف، وباتوا محرومين من حقهم في العودة إلى الوطن". 

ورصد التقرير أبرز أنماط الانتهاكات التي تعاني منها السجينات السياسيات في مصر، ومنها الاحتجاز التعسفي، والحبس الاحتياطي المطول، والإخفاء القسري، والتعذيب، والعنف الجنسي، بالإضافة إلى الإدراج على قوائم المنع من السفر وترقب الوصول، والأعمال الانتقامية ضد الأهل، وأخيرًا التعنت في استخراج وتجديد جوازات السفر والأوراق الثبوتية. 
وشدد التقرير على أن العنف الجنسي يُستخدم منهجياً ضد المعارضات في مختلف أماكن الاحتجاز، حيث تعرض بعضهن للاغتصاب والتحرش والتجريد من الملابس، وغيرها من الانتهاكات والتهديدات، مشيراً إلى أن السلطات القضائية والأمنية تستخدم عدة آليات سالبة للحريات ضد المعارضات كالتدابير الاحترازية والمتابعة الأمنية، حيث يتعرضن فيها لتحقيق غير قانوني وتهديد وترهيب. 

المساهمون