مستشفيات غزة... 7 تستقبل المصابين والنازحين من أصل 35

23 نوفمبر 2023
داخل مستشفى الأقصى في غزة (أشرف أبو عمرة/ الأناضول)
+ الخط -

أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة أن سبعة مستشفيات من أصل 35 مستشفى حكومي وخاص وأخرى تابعة لجمعيات خيرية أو جهات إغاثية تعمل فقط في قطاع غزة حالياً، وقد توقف معظمها بسبب القصف الإسرائيلي واقتحام آليات الاحتلال بعضها، بالإضافة إلى نقص الوقود الذي يمنع الاحتلال وصوله إلى محطات الوقود والمستشفيات بشكلٍ مباشر.
وتتفاقم الأزمة في ظل ارتفاع أعداد المصابين وانتقال سكان مدينة غزة وشمال القطاع إلى المناطق الوسطى وجنوب القطاع، ما يزيد العبء على المستشفيات، عدا عن زيادة أعداد النازحين بشكلٍ يومي داخل المستشفيات المتبقية العاملة.
يتحدّث الناطق باسم مستشفى شهداء الأقصى والمشرف على قسم الطوارئ بدير البلح خليل الدجران لـ"العربي الجديد" عن الأزمات التي تتوالى على المستشفى، علماً أن المستشفى يغطي منطقة حساسة في قطاع غزة تتواجد وسط مخيمات مكتظة وتحيط جميعها بالمحافظات الوسطى، مثل مخيم المغازي ومخيم البريج ومخيم النصيرات ومخيم دير البلح. ونتيجة الانتهاكات الإسرائيلية وسط المخيمات، تُواجه طواقم الإسعاف والدفاع المدني الطبية صعوبة لإخراج المصابين. 
ويشير إلى أن عدداً من الطواقم الطبية العاملة في مستشفيات قطاع غزة، وخصوصاً شمال ووسط مدينة غزة، اتجهت إلى العمل داخل بعض المرافق الصحية داخل المستشفيات التي ما زالت تعمل في قطاع غزة، موضحاً أنه على الرغم من مساندة الطواقم الطبية، يبقى الضغط كبيراً على تلك المستشفيات وخصوصاً أنها قليلة ولا تلبي حاجة مليون و700 ألف غزي يتواجدون في جنوب قطاع غزة، ونسبة كبيرة منهم باتوا مصابين ويتابعون علاجهم في المستشفيات. 
ويقول الدجران لـ "العربي الجديد": "منذ بدء النزوح الكبير في منتصف العدوان الإسرائيلي، أصبحت أعداد المرضى والمصابين 4 أضعاف بالمقارنة مع بدء العدوان. هناك أعداد كبيرة من المصابين على مدار الساعة. كذلك، يتواجد النازحون داخل مستشفى شهداء الأقصى". يضيف: "النازحون في المستشفيات أصبحوا يشكلون تحدياً كبيراً وجديداً، ويعانون من أمراض الشتاء التي أصبحت تنتشر خلال الأسبوع الأخير على وجه الخصوص. وتنتشر الأمراض المعدية بسبب المياه غير الصالحة، مثل النزلات المعوية والالتهاب الرئوي لدى الأطفال. ولا تملك المستشفيات العاملة حالياً أدنى المقومات لتقديم العلاجات أو المسكنات الأساسية".
وخصّصت المستشفيات السبعة المتبقية وسط وجنوب القطاع نقاطاً طبية تابعة لمديرية الخدمات الطبية في وزارة الصحة، من أجل التعامل مع الشهداء والإصابات إثر استهداف الاحتلال، بحسب الدجران. ويوضح أن هذه الخطة تساهم في الحفاظ على عمل الطواقم الداخلية في غرف العمليات وغرف الاستقبال التي خصصت للإصابات الحرجة منها.
داخل مجمع ناصر الطبي وسط مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، يتكدس أكثر من 30 ألف نازح داخل وخارج أقسام المستشفى، بينما يزداد العدد بشكل يومي مع توافد النازحين من مناطق عدة، مثل شارع صلاح الدين من شمال القطاع ومدينة غزة، ومن المناطق الشرقية لمدينة خانيونس. وبذلك، أصبح أكبر مجمع طبي يعمل حالياً في غزة (مجمع الشفاء المحتلّ هو الأكبر على مستوى القطاع) ويضم نازحين من جميع محافظات قطاع غزة، في ظل عدم توفر مساكن للإيواء وامتلاء المدارس التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" بالنازحين. 

يوضح مدير مجمع ناصر الطبي ناهض أبو طعيمة أن الأعباء التي كان يعاني منها مجمع الشفاء الطبي انتقلت إلى مجمع ناصر الطبي. ويشير لـ "العربي الجديد" إلى أن "الأولوية هي في تقديم الخدمات الصحية. المستشفيات تحولت إلى مراكز المدينة. الدعم الخارجي من أجل إنقاذ الطواقم الطبية بطيء جداً. لا يوجد أسرّة فارغة، وقد استقبلنا مصابين من مجمع الشفاء الطبي. كل مساحة متاحة وضعنا فيها مصابين وقيدنا حركة الطواقم الطبية داخل هذه المساحة لتوفيرها".  
لا يستبعد أبو طعيمة استهداف المستشفيات في المناطق الجنوبية، لافتاً إلى أنهم يعملون تحت ضغط كبير وقلق في الوقت نفسه. وينفي حصول مستشفيات جنوب القطاع على أي وقود داخل قطاع غزة "جميع ما دخل كان لصالح الأونروا فقط، ولم تتدخل وزارة الصحة في الكميات لاعتبارات سياسية وما يفرضه الاحتلال". 
ويشدد على خطورة تواجد النازحين في المستشفى الأوروبي الذي لا يزال يعمل حتى اللحظة، على الرغم من القصف الذي يحيط به، وكان آخره مساء الثلاثاء الماضي، وقد استهدف عدداً من المباني المحيطة وحدود المستشفى ما أدى إلى إلحاق أضرار فيه. ويعمل المستشفى على استقبال المرضى، وغرفة العمليات فيه هي من بين أكبر غرف العمليات في قطاع غزة، وتُجرى عمليات حساسة في داخله وسط مخاوف من توقفه في أية لحظة.
وكان المستشفى الأوروبي ملاذاً لعدد من النازحين في الأسابيع الأولى من العدوان الإسرائيلي على القطاع، نظراً لمساحته الكبيرة الممتدة على مساحة 65 دونماً. لكن القصف الشديد والمتواصل على محيطه خلال الأيام الأخيرة أدى إلى نزوح الغزيين من حدوده إلى وسط مدينة خانيونس ومدينة رفح. ونزحت أعداد منهم إلى مستشفيات مرة جديدة، أملاً في الحماية.

غزة (أشرف أبو عمرة/ فرانس برس)
يستقبل المستشفى جرحى ونازحين (أشرف أبو عمرة/ فرانس برس)

 

ازدحام

المستشفيات التي تشهد ازدحاماً بالنازحين هي مستشفى شهداء الأقصى في المحافظة الوسطى بمدينة دير البلح، ومجمع ناصر الطبي في الجنوب، والمستشفى الأوروبي الواقع بين مدينة خانيونس ورفح من الشرق، ومستشفى أبو يوسف النجار في مدينة رفح، بالإضافة إلى محيط المستشفى الكويتي التخصصي غرب مدينة رفح.
ويتعاون معها مستشفى الهلال الإماراتي للنساء والولادة بمدينة رفح، ومستشفى يافا التخصصي بمدينة دير البلح، لكن بطاقة محدودة في استقبال الحالات المرضية والطارئة كما أن مساحتهما لا تسمح ببقاء النازحين في مرافقهما، بينما يتواجد نحو 10 آلاف نازح داخل مستشفى الأمل التابع للهلال الأحمر في مدينة خانيونس، لكن المستشفى توقف عن العمل منذ 5 أيام، وقد أصبح مكاناً لإيواء النازحين.

ويقدّر المكتب الإعلامي الحكومي وصول أعداد النازحين في قطاع غزة لأكثر من مليون و700 ألف غزي، ويتواجدون في وسط وجنوب القطاع، بينما يقدر عدد النازحين في المستشفيات التي لا تزال تعمل في المناطق الجنوبية والوسطى قرابة 100 ألف نازح داخل المستشفيات وخارج محيطها.

لا أسرة في مستشفى الأقصى (علي جاد الله/ الأناضول)
لا أسرة في مستشفى الأقصى (علي جاد الله/ الأناضول)

نازحون في المستشفيات 

يُعرب كثيرون عن قلقهم الكبير من أن يتكرّر سيناريو مجمع الشفاء الطبي والمستشفى الإندونيسي في جنوب قطاع غزة في ظل تصريحات قيادة جيش الاحتلال الإسرائيلي المطالبة بهجرة الغزيين إلى سيناء والمطالبة بشن عمليات عسكرية في جنوب القطاع، وهو ما يضعهم في حالة قلق كبير وترقب كما يقول عرفات أبو شاويش (60 عاماً) من بلدة بيت لاهيا. 

يضيف لـ "العربي الجديد": "ذهبنا إلى العديد من المدارس. لكن الأولوية هي للنساء والأطفال. نرى الموت والجوع يومياً".  
من جهته، يقول كمال سالم (55 عاماً) إن المستشفيات تبدو بالنسبة إليه أكثر أماناً من غيرها، لافتاً إلى أنه نزح 7 مرات. كان يقيم في حي الكرامة شمال القطاع، ودمر منزله بالكامل واستشهد غالبية سكان الحي. نزح في المرة الأولى إلى خارج مستشفى الكرامة التخصصي. لكنه خرج عن الخدمة بعد يومين لأن الاحتلال الإسرائيلي دمر جزءاً منه وجميع الشوارع المؤدية إليه.
نزح سالم إلى عدد من منازل أصدقائه، ووصل به الحال إلى مجمع الشفاء الطبي. وتواجد داخله لأكثر من أسبوعين واستشهد صديقه محمد حامد (53 عاماً) داخل المجمع بعد استهداف مباشر له قبل أكثر من اسبوعين، ثم نزح مجدداً برفقة زوجته وستة من أبنائه إلى مجمع ناصر الطبي. 
يقول لـ "العربي الجديد": "نحن الآن في مرحلة انعدام الأمان في كل مناطق قطاع غزة. قتل النازحون في المدارس شمال القطاع وفي مدينة غزة وفي المستشفيات. فقدت التواصل مع عدد من أصدقائي، منهم شهداء لا يزالون تحت الأنقاض. نعرف أننا يمكن أن نفارق الحياة في أية لحظة. لكن لا يوجد مكان. نريد أن ننام في الشارع. نخاف من الكلاب الجائعة أو القوارض. التواجد مع الناس يزيد الشعور بالأمان ليس أكثر".

المساهمون