غزيون يتطوعون لانتشال الشهداء وإنقاذ الجرحى

غزيون يتطوعون لانتشال الشهداء وإنقاذ الجرحى

02 مارس 2024
متطوعون خلال محاولات الإنقاذ (أشرف أبو عمرة/ الأناضول)
+ الخط -

يبرز دور المتطوعين في قطاع غزة في ظل عدم القدرة على التواصل مع المسعفين بسبب انقطاع الاتصالات، ليتولى هؤلاء نقل الجرحى وانتشال الشهداء.

يسارع الفلسطينيان خليل وأحمد أبو المعزة، وهما من مخيم النصيرات للاجئين الفلسطينيين، وسط قطاع غزة، إلى أماكن الاستهدافات الإسرائيلية لانتشال جثامين الشهداء ونقل المصابين إلى المستشفيات القريبة في محاولة لإنقاذ من يمكن إنقاذه، في ظل تواصل العدوان لليوم الـ148 على التوالي.
ويسعي الشقيقان ومعهم أعداد كبيرة من المتطوعين إلى مساعدة ومساندة الكوادر الطبية وفِرق الإسعاف والطوارئ، التي تعاني عجزاً كبيراً في سيارات الإسعاف والمعدات اللازمة للإنقاذ بفعل الاستهداف الإسرائيلي للكوادر الطبية العاملة في الميدان، فضلاً عن استهداف معداتهم وعرباتهم، الأمر الذي بات يعرقل عملهم ويجعله أكثر صعوبة وخطورة يوماً بعد يوم. 
وتدفع صعوبة الاتصال بسيارات الإسعاف والدفاع المدني جراء فشل شبكات الاتصال بسبب الاستهداف الإسرائيلي لأبراج الإرسال وخطوط الاتصالات، نسبة من الفلسطينيين إلى التطوع بدافع المسؤولية الاجتماعية، لإنقاذ الجرحى من تحت ركام البيوت والمنشآت والأماكن المقصوفة بإمكانياتهم البسيطة.
وتختلف أدوات المتطوعين في عملية الإنقاذ، فمنهم من يساعد في البحث عن الشهداء والجرحى من تحت الركام، ومنهم من يقلهم بسياراتهم الخاصة أو بـ"عربات الكارة"، التي تجرها الدواب إلى أقرب نُقطة طبية أو مستشفى، فيما تواصل الكوادر الطبية التعامل مع حالات الجرحى وفق المقتضيات اللازمة والإمكانيات المتوفرة.
ويقول خليل أبو المعزة لـ"العربي الجديد"، إنه بدأ العمل في إجلاء الشهداء والمُصابين من أماكن القصف منذ الأيام الأولى للحرب، وعلى وجه التحديد بعد زيادة شراسة العدوان الإسرائيلي على القطاع والمدنيين العزّل، "فكان لزاماً علينا التحرك لإنقاذ أبناء شعبنا، وهذا أقل ما يمكننا تقديمه إزاء صمودهم خلال العدوان المتواصل للشهر الخامس على التوالي".

ويلفت أبو المعزة، إلى أنه يقوم بذلك بدافع شخصي واجتماعي ووطني في ظل تفاقم الأوضاع الإنسانية والصحية نحو الأسوأ وبشكل مستمر بسبب تواصل العدوان وزيادة نسبة المجازر بحق المدنيين في ظل انعدام الإمكانيات اللازمة لإنقاذ عشرات الفلسطينيين الذين يسقطون يومياً.
أما شقيقه أحمد، فيبين لـ"العربي الجديد"، أهمية فرق المتطوعين في مساندة فرق الإسعاف والإنقاذ، خصوصاً في ظل طول أمد الحرب والإنهاك الذي أصاب الكوادر العاملة ميدانياً، إلى جانب عملهم بأدوات لا ترتقي لمستوى الحدث، ويقول: "القطاع الصحي كان يشكو من النقص الشديد في سيارات الإسعاف والمستلزمات الطبية حتى قبل بدء العدوان الإسرائيلي في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي".

خلال نقل أحد الشهداء استعداداً لدفنه (فرانس برس)
خلال نقل أحد الشهداء استعداداً لدفنه (فرانس برس)

يضيف: "نسابق الوقت حين نسمع باستهداف قريب حتى نتمكن من إنقاذ الضحايا مع الأخذ في الاعتبار عدم عرقلة عمل الطواقم الطبية العاملة في حال وصولها في الوقت المناسب، وينحصر دورنا في المساعدة والمساندة على أمل إنقاذ أصحاب الحالات الخطيرة، إذ يمكن لعامل الوقت أن يكون محورياً في الكثير من الحالات. رغم طول أمد الحرب، إلا أن الجرائم الإسرائيلية المرتكبة بحق المدنيين غير مسبوقة، فأكثر من ثلثي الضحايا من الأطفال والنساء الذين لا ذنب لهم سوى أنهم يقطنون في قطاع غزة الذي يتعرض لحرب إبادة جماعية على مرأى ومسمع العالم".
أما الفلسطيني صابر الداهودي، فقد دفعه أحد المواقف التي شهِدها لحظة قصف إسرائيلي لمنزل قريب إلى التطوع في انتشال الشهداء ونقل الجرحى، إذ لم يتمكن أهالي المنطقة آنذاك من التواصل مع سيارات الإسعاف بسبب تعطل شبكات الاتصال.

يقول الداهودي لـ"العربي الجديد": "كانت لحظة فارِقة في حياتي حين بدأت نقل الشهداء والجرحى بالسيارات وعربات الكارة إلى المستشفى، أو إبلاغ الكوادر الطبية بمكان الاستهداف. الواقع في قطاع غزة يختلف عن أي مدينة في العالم، كونه كان يعاني من حصار إسرائيلي مشدد منذ 17 عاماً، وقد أثّر على كافة النواحي الحياتية، فيما يعاني حالياً بفعل العدوان الأشرس على الإطلاق الذي يستهدف البشر والحجر والشجر".
يسارع الفلسطيني أدهم جمعة، من مدينة دير البلح (وسط)، إلى أماكن القصف للمساعدة في نقل الجرحى وإزالة الركام. ويقول: "يمكن أن يشكل نشاطنا فارقاً كبيراً لشخص مصاب بحاجة إلى أيادٍ متشابكة لإنقاذه. التطوع في إنقاذ الجرحى من أماكن القصف لا يخلو من خطورة، إذ تعاوِد الطائرات الإسرائيلية استهداف الأماكن المقصوفة في كثير من الأحيان، ما يتسبب باستشهاد عدد من الكوادر الطبية والمتطوعين، إلا أن دوافعنا الوطنية، ومسؤوليتنا الاجتماعية أهم من تلك المخاطر، خصوصاً أن الخطر يحدق بنا في كل مكان، حتى داخل المناطق التي يقول الاحتلال إنها آمنة".

المساهمون