ريم بوعرّوج... طبيبة عربية على متن سفينة إنقاذ بحري

ريم بوعرّوج... طبيبة عربية على متن سفينة إنقاذ بحري

05 فبراير 2022
رغبت بوعرّوج في خوض غمار تجارب إنسانية (فيسبوك)
+ الخط -

لم تكن ممارسة مهنة الطب في المستشفيات وأقسام الطوارئ الصحية كافية للطبيبة التونسية الشابة ريم بوعرّوج، فهي لطالما كانت ترنو إلى ما هو أبعد بكثير. وحتى لا تقتصر مهنة بوعرّوج على الممارسة التقليدية للطبّ، اختارت مساراً مغايراً، مدفوعة بالرغبة في خوض غمار تجارب إنسانية تتمكّن من خلالها من إنقاذ حياة أشخاص يصارعون في "معركة البقاء"، فاستقر بها الأمر على متن سفينة "أكواريوس" للبحث والإنقاذ البحري. وبذلك تكون الطبيبة العربية الأولى من ضمن الطواقم الطبية لإحدى أبرز سفن إنقاذ المهاجرين في عرض البحر الأبيض المتوسط. يُذكر أنّ الطاقم الطبي على متن السفينة يتكوّن من أطباء وممرّضين، علماً أنّ من بين هؤلاء طبيبة أمراض نسائية وتوليد لمساعدة النساء اللواتي يداهمهنّ المخاض خلال رحلات الهجرة.

تخبر بوعرّوج "العربي الجديد" أنّها استقرّت على متن سفينة الإنقاذ تلك في عام 2017، بعدما قبلت منظمة "أطباء بلا حدود" ترشّحها لمهمّة العمل الإنساني بهدف إنقاذ المهاجرين السريين الذين يركبون قوارب الموت بحثاً عن مستقرّ لهم في الضفة الشمالية للبحر للمتوسط. ولا تخفي أنّها خاضت "أصعب المهام قبالة السواحل الليبية إبّان الأزمة التي عاشتها البلاد في تلك الفترة عندما كانت المليشيات المسلحة تسيطر على المياه الإقليمية، فكانت مخاطر المهمة مضاعفة وهي إنقاذ المهاجرين الذين يواجهون الموت غرقاً وكذلك الرصاص المنفلت".

وتشدّد الطبيبة الشابة على أنّ "العمل الإنساني يحتاج إلى صلابة نفسية لتجاوز الأزمات التي تخلّفها مشاهد المهاجرين الذين يبحثون عن قشّة الإنقاذ الأخيرة وسط أمواج تتقاذفهم"، مشيرة إلى أنّها بعد كلّ عملية تنفّذها "أعيد ترميم وضعي النفسي لتجاوز الألم الذي تخلّفه كلّ المشاهد الصادمة، في انتظار مشاهد مقبلة في تجارب أخرى". وترى بوعرّوج أنّ "ثمّة طعماً آخر لممارسة الطب في إطار المهمات الإنسانية، إذ يختلف كثيراً عن ممارسة المهنة في المستشفيات وأقسام الطوارئ. فالمهاجرون بالإضافة إلى حاجتهم إلى إنقاذ من الموت غرقاً، يتطلّبون احتواءً نفسياً واستعادة لثقتهم بأنفسهم من أجل استكمال مسيرة الحياة".

الصورة
الطبيبة التونسية ريم بوعروج على متن سفينة إنقاذ 2 (فيسبوك)
بوعرّوج: "مهمّتي إعادة الأمل إلى المهاجرين" (فيسبوك)

وعن أبرز الحالات المرضية التي يصادفها الطاقم الطبي على متن سفينة "أكواريوس"، توضح بوعرّوج أنّ "المهاجرين يعانون في العادة من انخفاض في درجات حرارة الجسم أو جفافه نتيجة تعرّضهم لضربات الشمس، فضلاً عن الحمّى والإصابة بحروق ناجمة عن تعرّضهم للفيول الذي يتسرّب من القوارب التي تقلّهم أو من أسطوانات الفيول على متن المراكب لتغذية المحرّكات".

وعلى الرغم من صعوبات المهنة وآثارها النفسية العميقة، ترى بوعرّوج أنّ "إنقاذ نفس بشرية من موت محققّ أجمل ما يمكن أن يشعر به الطبيب"، متمنية أن تستمرّ رحلتها في هذا المجال طويلاً، لتكون شاهدة على الأمل في عيون المهاجرين. وتشدّد على أنّها ستبقى دائماً "في عون المهاجرين الذين يحتاجوني للحدّ من نزيف الأرواح التي تُزهق في البحر المتوسط، بسبب ضعف في آليات نجدة المهدّدين بالغرق في مناطق بحرية مختلفة منه، أو في بحار أخرى قد تعبرها قوارب الموت".

الصورة
الطبيبة التونسية ريم بوعروج على متن سفينة إنقاذ 3 (فيسبوك)
لا يبدو أنّها تنوي العودة إلى ممارسة الطبّ في أطره التقليدية (فيسبوك)

وإذ تعبّر عن "فخر كبير لأنّها تحمل لقب الطبيبة العربية الأولى على سفينة إنقاذ بحرية"، تقول بوعرّوج: "ما زالت مهمتي الإنسانية طويلة ولا أظنّ أنّني قد أعود إلى ممارسة مهنة الطبّ في أطرها التقليدية قريباً"، مؤكدة أنّها لن تتخلى عن مهمتها الإنسانية "من أجل الزواج أو تحقيق حلم الأمومة". تضيف: "ربما سأبحث عن شريك حياة يتقبّل مهنتي وخصوصيات العمل الإنساني ويشاركني هذا الحلم من أجل أن يكتمل مشواري في إنقاذ المهاجرين الباحثين عن الحياة على قوارب الموت وسط أمواج البحر الأبيض المتوسط".

تُعَدّ "أكواريوس" أبرز السفن الإنسانية التي تعمل في مجال إنقاذ المهاجرين في عرض البحر الأبيض المتوسط. وهي أُطلقت في فبراير/ شباط من عام 2016، في إطار مبادرة من الألماني كلاوز فوغل والفرنسية صوفي بو اللذَين تأثّرا من جرّاء تحوّل المتوسط إلى "مقبرة جماعية للمهاجرين"، فقرّرا معاً إطلاق هذه المبادرة الإنسانية. وتقود "أكواريوس" منظمة "إس أو إس ميديتيرانيه" غير الحكومية، وذلك بالتعاون مع منظمة "أطباء بلا حدود" التي تتكفّل بالشقّ الطبي من المهام.

المساهمون