بريطانيا نحو التراجع عن خطط مكافحة السمنة

بريطانيا نحو التراجع عن خطط مكافحة السمنة

09 أكتوبر 2022
إقبال على الوجبات السريعة (جاك تايلور/Getty)
+ الخط -

على الرغم من أن معدّل السمنة في بريطانيا كما في أوروبا يعد مرتفعاً، يبدو أن البلاد تتجه إلى إلغاء استراتيجيتها لمكافحة السمنة، وهو ما يحذر خبراء من خطورته.

في ديسمبر/ كانون الأول 2020، أعلنت الحكومة البريطانية أنها ستحظر عروض "اشتر واحداً واحصل على الآخر مجاناً" للأطعمة الغنية بالدهون أو السكريات أو الملح، وإعادة التعبئة المجانية للمشروبات المحلاة في المطاعم بدءاً من إبريل/ نيسان 2022، في إطار خطتها لمواجهة مشكلة البدانة وتحسين الصحة العامة.
وتقول الحكومة إن البدانة واحدة من المشكلات الصحية الكبرى في بريطانيا، ويعاني نحو ثلثي البالغين في بريطانيا من زيادة الوزن، كما ينهي ثلث الأطفال تعليمهم الابتدائي وهم يعانون من الوزن الزائد أو البدانة.
وفي الوقت الحالي، تشهد الصيدليات في بريطانيا إقبالاً على خدمات إنقاص الوزن، وسط مخاوف من إلغاء الحكومة استراتيجيتها لمكافحة السمنة بالكامل. وحذّر خبراء من خطورة هذه الخطوة التي قد تؤدي إلى زيادة الطلب على خدمات إنقاص الوزن الشائعة في الصيدليات. كما أشاروا إلى أن قرار الإلغاء سيزيد الطلب على بعض الأدوية، إذ إن ارتفاع معدّل السمنة بين السكان سيزيد من نسبة الأمراض، من بينها الخرف والسرطان وارتفاع ضغط الدم والقلب والأوعية الدموية والسكري.
وأعلنت وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية أن الإجراءات الجديدة تتزامن مع ارتفاع أسعار الطاقة والسلع في البلاد. ولم يعارض حزب العمال قرار الحكومة بإلغاء الحظر المفروض على تسويق الوجبات السريعة، مشيراً إلى أنه يعارض تطبيقها في الوقت الحالي، إذ يعاني الناس بسبب ارتفاع الكلفة المعيشية، ويجب التوقف عن فرض قواعد صارمة لمكافحة السمنة.
وخلال مؤتمر لحزب العمال عُقد في 26 سبتمبر/ أيلول في هذا الشأن، قال وزير الصحة في حكومة الظل ويس ستريتنج، إن فرض مزيد من القواعد في الوقت الحالي يعني تجاهل الأزمة المعيشة ومعاناة الناس، مشيراً إلى أنه يفضل العمل مع شركات الأغذية على أساس تطوعي.
من جهتها، قالت كاثرين جينر، من تحالف الصحة العامة، إنه "يتوجب على حزب العمال توضيح ما قاله ستريتنج حيال سياسات تحسين صحة الأطفال".
وتستعد رئيسة الوزراء ليز تراس إلى إلغاء أو إرجاء حظر الإعلانات الترويجية للمنتجات غير الصحية، علماً أن تنفيذ القرار كان يجب أن يتم في وقت سابق. ومن المقرّر ألّا تدخل حيز التنفيذ حتى يناير/ كانون الثاني 2024. ويحتمل أيضاً أن تنتهي المراجعة التي أمرت بها وزارة الخزانة بإلغاء الضريبة الحالية على المشروبات السكرية التي دفعت الشركات الكبرى إلى تغيير وصفاتها للتهرّب من الضريبة.

الصورة
ممارسة الرياضة ضرورة لمقاومة السمنة (برونو فنسنت/Getty)
ممارسة الرياضة ضرورة لمقاومة السمنة (برونو فنسنت/Getty)

ويعود اقتراح هذه القواعد إلى عام 2020، حين واجه رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون مطالبات بمكافحة السمنة في البلاد. وخلال تلك الفترة، استغلّت الحكومة خوف الناس من فيروس كورونا الجديد بعدما خلصت مراجعة رسمية آنذاك إلى أن زيادة الوزن تزيد من خطر الوفاة بسبب كوفيدـ19 (أولئك الذين يعانون من السمنة المفرطة هم أكثر عرضة للوفاة من جراء الإصابة بالفيروس بمقدار الضعف، والأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن هم أكثر عرضة للوفاة بنسبة 26 في المائة).
ويؤيّد عدد من المواطنين عدم فرض هذه القواعد في الوقت الحالي في ظل الأزمة المعيشية التي تعانيها البلاد في الوقت الحالي، وخصوصاً العائلات التي لديها أربعة أولاد أو أكثر. في المقابل، يعرب آخرون عن استيائهم من تراجع الحكومة عن هذه القرارات المهمّة، إذ تزيد السمنة الضغط على هيئة الخدمات الصحية الوطنية، وخصوصاً أن المريض ينتظر أشهراً أحياناً لمقابلة طبيب. 
ويقول الشاب الثلاثيني ريك إنه يتوجب على الحكومة خفض أسعار الطعام الصحي الذي هو في الواقع أغلى بكثير من الوجبات السريعة والمشروبات الغازية والسكّريات الضارّة بدلاً من رفع أسعار الوجبات السريعة أو إلغاء العروضات. كما يلفت إلى أهمية توعية الناس حول أهمية تناول الطعام الصحي وتشجيعهم على تناول الفاكهة والخضار وممارسة الرياضة. إلا أن التوعية وحدها لا تكفي إذا ما عجز الناس عن دفع ثمن الوجبات الصحية. 
ومؤخراً، توجه ائتلاف يضم 70 منظمة صحية، من بينها الرابطة الطبية البريطانية ومؤسسة السكري الخيرية البريطانية ومؤسسة القلب البريطانية، بكتاب إلى رئيسة الوزراء، أعربوا فيه عن قلقهم العميق بشأن خطط التخلي عن استراتيجية مكافحة السمنة.

ويبدو أنّ تراس ماضية في قرارها. وكانت قد تعهدت بإلغاء الخطة التي تحظر العروضات على الأطعمة غير الصحية، وبالتالي عدم فرض أي ضرائب جديدة على الوجبات السريعة. وبحسب الأرقام الصادرة عن مكتب الإحصاء الوطني في وقت سابق من هذا الشهر، بلغ معدل تضخم الغذاء 13.1 في المائة، وهو أعلى معدل منذ أغسطس/ آب 2008. كما تتعرض ميزانيات الأسر للضغط بسبب ارتفاع تكاليف الطاقة.
وجاء في تقرير لمنظمة الصحة العالمية حول السمنة في أوروبا لعام 2022 أن مستويات السمنة وزيادة الوزن قد بلغت مستوى الوباء في أوروبا، إذ لا يتفوق على الأوروبيين في هذه الناحية سوى الأميركيين. وبحسب بحث أعد في بريطانيا، فإن تناول وجبة جاهزة يمد الشخص بـ 200 سعرة حرارية إضافية في اليوم، مقارنة بالغذاء الذي يجرى إعداده في المنزل.  

المساهمون