الجفاف القياسي في القرن الأفريقي يُنسب إلى الاحترار المناخي

الجفاف القياسي في القرن الأفريقي يُنسب إلى الاحترار المناخي

27 ابريل 2023
تسابق على مياه إحدى الآبار في محاولة للصمود وسط الجفاف بكينيا (Getty)
+ الخط -

أفادت دراسة علمية، نُشرت اليوم الخميس، بأنّ الجفاف القياسي الذي يضرب القرن الأفريقي نجم عن تضافر غير مسبوق لنقص الأمطار وارتفاع درجات الحرارة، وهو ما كان ليحدث لولا تداعيات انبعاثات غازات الدفيئة الناجمة عن النشاط البشري.

وأوضحت شبكة "وورلد ويذر أتريبيوشن"، التي تُجري تقييماً فورياً للعلاقة ما بين العوامل الجوية القصوى والتغيّر المناخي، أن "التغيّر المناخي الناجم عن الأنشطة البشرية جعل احتمال حدوث الجفاف الزراعي في القرن الأفريقي أكبر بمئة مرّة".

ومنذ نهاية عام 2020، تشهد دول القرن الأفريقي الأوسع (إثيوبيا وإريتريا والصومال وجيبوتي وكينيا والسودان) في شرق القارة الأفريقية، أسوأ موجة جفاف تُسجَّل منذ أربعين عاماً. وقد تسبّبت المواسم الخمسة المتتالية التي انحسرت فيها الأمطار في نفوق ملايين من رؤوس الماشية وتدمير محاصيل، ودفعت ملايين الأشخاص إلى مغادرة مناطقهم بحثاً عن المياه والغذاء في أماكن أخرى. وبحسب بيانات الأمم المتحدة، فإنّ 22 مليون شخص باتوا مهدّدين بالجوع في إثيوبيا وكينيا والصومال.

وأشار العلماء التسعة عشر الذين شاركوا في إعداد الدراسة الصادرة اليوم الخميس إلى أنّ التغيّر المناخي أثّر "بصورة طفيفة على كميات الأمطار السنوية" الأخيرة في المنطقة، لكنّه أثّر بشدّة على ارتفاع درجات الحرارة المسؤول عن زيادة حادة في النتح التبخّري (مزيج المياه المتبخّرة من سطح التربة والرشاحة من سطح النبات) الذي أدّى إلى جفاف قياسي في التربة والنباتات.

وفي هذا الإطار، قالت عالمة المناخ الكينية المشاركة في إعداد الدراسة جويس كيموتاي في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس إنّ "التغيّر المناخي هو الذي جعل الجفاف خطراً واستثنائياً إلى هذا الحدّ".

وفرضت شبكة "وورلد ويذر أتريبيوشن"، التي أسّسها علماء مناخ متمرّسون، نفسها في السنوات الأخيرة من جرّاء قدرتها على تقييم التأثير القوي وغير المنتظم نسبياً ما بين الأحوال الجوية القصوى من موجات قيظ وفيضانات وجفاف وغيرها وبين التغيّر المناخي الناجم عن النشاط البشري.

وقد نُشرت نتائج الدراسة التي أُعدّت سريعاً من دون المرور بعملية المراجعة العلمية الطويلة، غير أنّها تشتمل على وسائل معتمدة من قبل علماء آخرين، لا سيّما بيانات جوية ونماذج محاكاة مناخية. وركّزت الشبكة دراستها هذه المرّة على ثلاث دول تُعَدّ الأكثر تأثّراً، لا سيّما جنوب إثيوبيا والصومال وشرق كينيا.

وتَبيّن للشبكة أنّ التغيّر المناخي يغيّر بطريقة متناقضة موسمَي الأمطار. فالموسم الأكثر وفرة بين مارس/آذار ومايو/أيار "يصير أكثر جفافاً والنقص في المتساقطات أكثر ترجيحاً بمرّتَين" مقارنة بالسابق، في حين أنّ "موسم الجفاف الصغير يصير أكثر رطوبة". لكنّ هذا الميل إلى الرطوبة في الموسم الصغير، في السنوات الأخيرة، "حجبته ظاهرة لا نينيا المناخية الدورية" التي تخفّض الأمطار المدارية والتي لا تتوفّر أدلة حتى الآن على أنّها أثّرت على التغيّر المناخي ذي المنشأ البشري.

وأكّدت الشبكة أنّ مستوى المتساقطات هذا كان ليُخضع المنطقة لظروف "جافة بصورة غير اعتيادية" في أسوأ الأحوال، أي عند مستوى أقلّ من درجة الخطورة الأولى لتصنيف الجفاف في التصنيف الأميركي، لو لم يبلغ الاحترار العالمي 1.2 درجة مئوية حتى الآن مقارنة بحقبة ما قبل الثورة الصناعية.

وخلص العلماء إلى أنّ "الاضطرابات المناخية شرط ضروري لحدوث جفاف بهذه الخطورة". أضاف هؤلاء أنّ الوضع الحالي يُصنَّف "جفافاً استثنائياً"، وهو مستوى الإنذار الرابع والأخير على سلّم التصنيف الأميركي. ولم يكن هذا الوضع مرجّحاً في السابق، إلا أنّ ثمّة احتمالاً بنسبة خمسة في المئة لتكرّره سنوياً الآن.

(فرانس برس)

المساهمون