على امتداد التاريخ، افترض علماء الأحياء والسلوك أنه يمكن تنظيم ذكاء الحيوان في تسلسل هرمي يشمل تتابعاً الثدييات والطيور والزواحف والحشرات. ثم رأى باحثون في ستينيات القرن العشرين، بحسب تقرير نشره موقع "بغ ثينك"، أن "التعريف التقليدي للذكاء باعتباره وعياً وقدرة على التفكير المجرد هو خاصية للإنسان، لأن كل حيوان يتبع مساراً تطورياً مختلفاً".
وفي العقود التالية التي شهدت استخدام تقنيات مراقبة الحيوانات فترات طويلة، اكتشف الباحثون سلوكيات أكثر تعقيداً، وتعرفوا على ذكاء حيواني يشبه بعض سلوك الإنسان، فالأفيال مثلاً تتذكر وتعود إلى قبور المصابين، وتهتم بجثث موتاها، ما يشير إلى نوع من الوعي بالفناء.
وانطلاقاً من أن الدلافين تشكل الاختبار الشائع لدراسة الذكاء الحيواني. اشتبه باحثون عام 2006 في أنها تستخدم صفارات تعمل مثل الأسماء البشرية، مع تخصيص تردد فريد لكل منها. ثم توصلت دراسة أجريت عام 2017 إلى أن دلافين في البرازيل طوّرت لهجة مميزة بعد أكثر من 100 عام من التفاعل مع الصيادين.
أيضا، لاحظت دراسات أن الطيور تنظم نفسها عبر مجموعات اجتماعية تتعامل فيها مع أفراد من النوع ذاته بحسب علاقتها بعضها ببعض، وهو سلوك يشير إلى استعداد للتعلم الترابطي، ويعتبر من علامات الذكاء. أما الحشرات فتملك رغم ضآلة أدمغتها ذخيرة من المهارات المعرفية، بينها استخدام أدوات التعرف إلى الوجوه، والتمسك بالكفاءة العددية، والتعلم من خلال الملاحظة.
وبعيداً عن التنظيم في التسلسل الهرمي، وجدت دراسة استقصائية أجريت عام 2020 أن معظم الحيوانات أظهرت مهارات استثنائية في مجالات معرفية واحدة، بينما كان أداؤها ضعيفاً في مجالات أخرى، فالشمبانزي امتلك ذاكرة قصيرة المدى أفضل من البشر، ربما لأن الذاكرة قصيرة المدى أكثر فائدة في البرية، حيث يجب اتخاذ قرارات الحياة أو الموت يومياً في غمضة عين.
ومن المعروف أن حيوانات عدة تملك ذاكرة دلالية قادرة على ربط شيء بآخر، مثل ألم لدغة مع ظهور نحلة. لكن دراسات حديثة تشير إلى أن بعض الحيوانات مثل الفئران والحمام قادرة على تذكر تجارب سابقة عبر إعادة إحيائها داخل عقولها لفترة وجيزة.
ويرتبط الذكاء الحيواني أيضاً بصفات عقلية تعتبر إنسانية، وبينها الإحساس والوعي بالذات، إذ تستطيع قردة ودلافين وفيلة التعرف على نفسها في المرآة.
ويقول بعضهم إن البحث في الحياة الداخلية للحيوانات مجرد بداية. وخلال عقود قليلة، اكتشف الباحثون فعلاً أوجه تشابه بين الحيوانات والإنسان أكثر مما يتوقع.