أساطير رائجة تزيد شهرة خزانات مياه إسطنبول

أساطير رائجة تزيد شهرة خزانات مياه إسطنبول

18 ابريل 2023
كثير من الأساطير حول القصر المغمور (ياسين أكجول/ فرانس برس)
+ الخط -

تعتبر تركيا السياحة مصدر دخلها الثاني بعد التصدير، وكي تتيح للسياح مزيداً من المزارات، تعمل على استخراج وترميم ما يوجد تحت الأرض، ومن بينها خزانات المياه الأثرية.

ولمياه إسطنبول حكايات لا تقل غرابة أو أهمية عن آثارها الكثيرة، وتعد ساحة "تقسيم" السياحية في وسط المدينة اختصاراً لتاريخ حرب المياه وعدالة تقسيمها منذ أيام السلطان العثماني محمود الأول.
تحكي المتخصصة بالتاريخ العثماني سيهان كارمان عن التقاء جميع خطوط ومصادر المياه الرئيسية في شمال المدينة بالساحة ليعاد تقسيمها على نحو عادل، وتقول لـ"العربي الجديد"، إن "الأقواس المرتفعة في منطقة الفاتح هي حوامل لأقنية الري التي كانت تصل إلى ساحة تقسيم، وليست أقواساً تاريخية فحسب، بل وجدت لتساوي منسوب المياه، ولتوضع الأقنية فوقها، وتتدفق إلى الساحة".
تضيف الباحثة التركية: "غرائب مياه إسطنبول تسبق عهد الإمبراطورية العثمانية، فهناك خزانات هائلة تحت الأرض، وربما الخزان الغارق، أو ما يسمى (القصر الغارق)، من بين أهم الآثار والأسرار، لذا نرى الاهتمام متواصل بعرضه للسياح بعد الانتهاء من إعادة ترميمه في العام الماضي، لتتفرغ بلدية إسطنبول بعده لترميم خزان المياه القائم أسفل حديقة (غولهانة)، وهي أكبر حدائق إسطنبول. الخزان القديم القائم تحت الحديقة يسمى أيضاً بالغارق، لكنه صغير وتاريخه أحدث مقارنة مع القصر الغارق، إذ لا تزيد أبعاده عن 18 متراً طولاً و12 متراً عرضاً، وكان على الأرجح مخصصاً لسقاية الحديقة، أو الأرض المحيطة قبل عصر العثمانيين، في حين أن مساحة القصر الغارق تبلغ 138 متراً طولاً وعرضه 6.64 أمتار، ويغطي مساحة نحو 1000 متر مربع، ويستوعب نحو 80 ألف متر مكعب من الماء".

الصورة
يزور آلاف السياح القصر المغمور سنويا ( يوراي ليبرمان/Getty)
يزور آلاف السياح القصر المغمور سنوياً ( يوراي ليبرمان/Getty)

وأنهت بلدية إسطنبول ترميم الخزان الأثري في حديقة غولهانة، والذي يعود تاريخ بنائه إلى 1500 عام، وقالت مديرية التراث الثقافي القديم، في بيان، إن الترميم شمل أيضاً إضافة مسار للمشي، ونظام إضاءة حديثاً، وتجهيز المكان لإقامة فعاليات ثقافية وفنية، كالحفلات الموسيقية.
وتشير المصادر التاريخية إلى أن حديقة غولهانة شيدت بأوامر من السلطان محمد الفاتح بعد بناء قصر "طوب كابيه"، لتنضم إلى القصر كحديقة خلفية يسترخي فيها سلاطين الدولة العثمانية وأسرهم، واستمرت الحديقة خاصة بالسلاطين حتى عام 1912، حين تقرر فتحها للعموم في آواخر أيام الإمبراطورية، وظلت حديقة عامة بعد تأسيس الجمهورية في عام 1923، وحتى اليوم.
ويقول المتخصص بالسياحة فهري إيت إنه لا يصح مقارنة خزان حديقة غولهانة الغارق بخزان القصر المغمور، يضيف: "خزان البازيليك من أكبر خزانات المياه القديمة في العالم، وهو موجود منذ عصر الإمبراطورية البيزنطية، ويمتلئ بالمياه المتدفقة إلى منطقة السلطان أحمد عبر مزاريب تصب من كنيسة آيا صوفيا. غالبية المجموعات السياحية تطلب زيارة القصر المغمور عند زيارة الجامع الأزرق وآيا صوفيا، فالخزان تحتهم، والحكومة استثمرت القصر بعدما رممت عواميده، ووصلت بين أركانه بجسور بعدما تركت مياهاً ارتفاعها نصف متر تضم أنواعاً نادرة من الأسماك".

الصورة
حديقة غولهانة هي الأكبر في إسطنبول (ريموند فرانكين/Getty)
حديقة غولهانة هي الأكبر في إسطنبول (ريموند فرانكين/Getty)

يضيف المتخصص السياحي: "بعض الأساطير الرائجة حول البازيليك تقول إنه مكان للعبادة، ويستدلون على ذلك بالتحفة التي تتوسطه، وهي عمود (ماديوسا) برأسها المائل والآخر المقلوب، ونظراتها الحادة، إضافة إلى عمود الأمنيات الذي يلتف حوله السياح، ويتمنون بعد أن يرموا بقطعة معدنية في المياه. تقول الأسطورة إن ماديوسا هي الآلهة التي كانت تحول الأشرار إلى حجارة، وإن العواميد والحجارة في القصر المغمور عبارة عن أشرار أرادوا بها أو بالمكان شراً، ولهذا فإن رؤوس الأعمدة مقلوبة، بعكس رأس ماديوسا".
وتشير المراجع التركية إلى أن خزان البازيليك بني بأمر من الإمبراطور البيزنطي زوستين في عام 532 ميلادية، وكان يضم 336 عموداً رخامياً بطول 9 أمتار في 28 صفاً، ومعظم الأعمدة مصنوعة أو منقولة من أماكن أثرية، أو فاضت عن بناء آيا صوفيا أو كنائس أخرى، ككنيسة "سيسترن" التي بني تحتها الخزان.

وتقول المصادر التاريخية إن خزان البازيليك لم يستخدم طويلاً خلال فترة الإمبراطورية العثمانية، بل شمله النسيان حتى عام 1545 ميلادية، حين وصل الجغرافي بطرس يوليوس إلى القسطنطينية للبحث في المخطوطات الرومانية القديمة. في أحد الأيام، كان يوليوس يتجول في الأزقة القريبة من آيا صوفيا، فسمع عن بئر محلية تسمى "بازيليكا سيسترن"، وأبلغه السكان بأنهم يحصلون على المياه منها، وأحياناً يصطادون السمك، فدفعه الفضول لمعرفة أسرار المكان، فدخل إلى ساحة المبنى الخشبي، وذهب إلى قبو البازيليك، وبعد نزول السلالم فوجئ بعظمة المكان، وبالأعمدة الرخامية، ليعيد اكتشاف القصر المغمور.

المساهمون