لبنان: أهالي عرسال يرفضون حصار رزقهم والجيش يتراجع

لبنان: أهالي عرسال يرفضون حصار رزقهم والجيش يتراجع

30 ديسمبر 2014
يعتمد سكان عرسال على مقالع الحجر لتأمين رزقهم(حسين بيضون)
+ الخط -

رضخت قيادة الجيش اللبناني لمطالب أهالي بلدة عرسال، عند الحدود الشرقية، بين لبنان وسورية، فتراجعت عن قرار إلزام المزارعين والعمال بالحصول على تصاريح مسبقة للوصول إلى الجرد، تحت ذريعة حماية البلدة وناسها "من تحرّكات الإرهابيين"، بحسب بيان صادر عن القيادة. ويأتي هذا التراجع على وقع اعتصامات وتحرّكات أهلية نفّذها المتضررون من الإجراءات الأمنيّة، وسقط خلالها أربعة جرحى.
تتفاقم الأوضاع في بلدة عرسال في الفترة الأخيرة، لتتجاوز حدّ الهواجس الأمنية، وأمن الحدود، وملف المخطوفين العسكريين، وتسلّل المجموعات المسلحة إليها. ودفعت هذه المحاذير الأمنية قيادة الجيش إلى تعزيز تواجدها في البلدة وعند أطرافها الشرقية، أي لجهة الجرود الفاصلة مع منطقة القلمون السورية، حيث تتحصّن مجموعات من تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) و"جبهة النصرة" وغيرها من فصائل المعارضة السورية.
وتسير الإجراءات في وتيرة تصاعدية منذ أغسطس/آب الماضي، بعد المعركة التي خاضها الجيش مع المسلحين الذين احتلوا البلدة وخطفوا عشرات الجنود. وشملت هذه التعزيزات أخيراً، منع أهالي عرسال من التوجه إلى جرد بلدتهم، حيث بساتينهم الزراعية ومقالع الحجر التي تشكّل مصدر الدخل الأول لعدد كبير من أبناء البلدة.

دخل العامل الاقتصادي على خط المواجهة في عرسال، ليعزّز نقمة أهاليها على الأجهزة الأمنية، التي يتّهمونها بـ"التضييق عليهم ومحاصرتهم، بسبب دعمهم للثورة في سورية"، بحسب لسان حال أهل عرسال. اضطر هؤلاء في الأيام الماضية إلى الاعتصام، للمطالبة بفتح الطرقات المؤدية إلى معاملهم ومزارعهم وتسهيل مرورهم باتجاه الجرد.
اعتصم الأهالي، صباح الأحد الماضي، في منطقة عين الشعب، وتابعوا تحركهم صباح أمس الاثنين عند حاجز وادي حميد، عند الأطراف الشرقية للبلدة، ما اضطر عناصر الجيش إلى تفريقهم بالقوة، مستخدمين الرصاص والقنابل الدخانية، ونجم عن ذلك سقوط أربعة جرحى، بحسب الأهالي، نقلوا إلى مستشفى الرحمة، المشفى الوحيد في عرسال. 

وباتت المعابر بين البلدة وجردها عبارة عن جحيم يومي للمزارعين والعاملين في الجرد، حيث يصطفون بالمئات على  حاجز وادي حميد لمحاولة الانطلاق إلى عملهم كل صباح.
ويشير رئيس بلدية عرسال، علي الحجيري، لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "الأهالي تحرّكوا بشكل جماعي بعد إحساسهم بتعرّض مصالحهم للخطر الداهم". ويقول إنّ "كل العمال ينتظرون أكثر من ساعتين يومياً قبل الوصول إلى أرزاقهم". ويخضع هؤلاء لتفتيش دقيق، يشمل معاينة العناصر الأمنية لأكثر من مائتي آلية زراعية وشاحنة نقل بشكل يومي. فتتحوّل الإجراءات إلى معاناة فعليّة "تنعكس سلباً على 90 في المائة من أبناء البلدة، الذين تقع أرزاقهم في الجرود"، بحسب ما يقول الحجيري.
وساهمت طبيعة البلدة المكتظة وعمل معظم أبنائها في التهريب قبل الثورة السورية، في تأسيس عدد كبير من المنشآت الاقتصادية الصغيرة والمتوسطة في جرود البلدة الملاصقة للحدود السورية. ويشير مصدر محلي في البلدة إلى تجاوز عدد المنشآت التابعة للعراسلة في الجرود الـ500 بين محطات وقود ومعامل للحجر ومزارع للماشية، بات الوصول إليها يتطلب، في الأيام الأخيرة، الكثير من الوقت، ما يعطل سير الأعمال، ويهدّد بالتالي الأحوال المعيشيّة. 

وبات الوصول إلى هذه المزارع والمعامل سهلاً بفعل تراجع قيادة الجيش عن قرارها، لكنّ علاقة أهالي عرسال بالمؤسّسة العسكريّة تنتظر الكثير من الخطوات التي يجب تنفيذها. ويقول مصدر عرسالي محلي لـ"العربي الجديد"، إنّ "تظاهر الأهالي أتى بعد رفض قائد اللواء الثامن المعيّن حديثاً في هذا الموقع، محمد الحسن، لقاء أي مدني في عرسال، مغلقاً الباب في وجهنا، ورافضاً الاستماع إلى شكاوانا"، على حدّ تعبيره. وسبق لقيادة الجيش أن أحالت القائد السابق اللواء، عبد الكريم هاشم، لكونه "متساهلاً مع المواطنين، فأحيل من قيادة فوج عامل إلى المراسيم، في إشارة إلى إنهاء حياته العسكرية"، بحسب مصادر "العربي الجديد".
يُذكر أنّه سبق للجيش أن شدّد إجراءاته في عرسال، التي شهدت أكثر من حادثة أمنية بين عناصر الجيش ومواطنين لبنانيين أو سوريين، أبرزها توقيف عضو هيئة العلماء المسلمين الشيخ حسام الغالي، الذي كان يعمل على وساطة مع خاطفي العسكريين اللبنانيين.

المساهمون