هل تسعى روسيا لاستثمار تراجع الاهتمام الدولي في ليبيا؟

هل تسعى روسيا لاستثمار تراجع الاهتمام الدولي في ليبيا؟

07 يناير 2019
محلل: روسيا "لا تعلن مواقف ظاهرة بشأن كل الأطراف"(Getty)
+ الخط -

منذ ما يقارب الشهرين وبانتهاء لقاء باليرمو الذي جمع قادة ليبيا الأربعة برعاية إيطاليا، تراجع الاهتمام الدولي بالملف الليبي مقابل حضور روسي لافت، ولكن هذه المرة باتجاه حكومة الوفاق في طرابلس.

وفي أقل من شهر زار مسؤولون روس طرابلس لتأكيد دعم موسكو للخيارات السياسية كحل للأزمة في البلاد، وتحديدا السفير الروسي لدى ليبيا، إيفان مولوتكوف، الذي التقى رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، فائز السراج، مطلع الشهر الماضي، وكرر الزيارة بشكل رسمي مساء أمس الأحد.

وحسب المكتب الإعلامي للسراج، فقد أكد مولوتكوف دعم بلاده لحكومة الوفاق، وقدم دعوة رسمية للسراج لزيارة موسكو، بينما أشاد السراج بالدور الروسي الداعم للوفاق في البلاد، وضرورة تفعيل برامج التعاون المشترك، وتحديث الاتفاقات الموقعة بين البلدين، وتطلعه كذلك لعودة الشركات والاستثمارات الروسية للعمل مجددا في ليبيا.

لكن مصادر "العربي الجديد" كشفت في وقت سابق عن سعي روسي لدى سلطات طرابلس لإقناعها بضرورة القبول بنجل القذافي سيف الإسلام ضمن الحراك السياسي المقبل، فيما قالت المصادر ذاتها إن زيارة مولوتكوف، مساء أمس الأحد، كانت تتعلق بتوسط روسي من أجل عودة تفعيل حضور عضوي المجلس الرئاسي، علي القطراني وفتحي المجبري، المواليين لحفتر مجدداً، بعد إعلانهما مقاطعته منذ يوليو/ تموز الماضي.

وأكدت المصادر أن السعي الروسي "قوبل بفشل بسبب تحفظات السراج التي يبدو أنها كشفت مواقف داعميه الدوليين وتخوفهم من اقتراب شخصيات مثل سيف القذافي أو ممثلي حفتر" من طرابلس.


ميل روسي للمسارات السياسية

لكن خليفة الحداد، أستاذ العلوم السياسية بالجامعات الليبية، يعتبر أن المساعي الروسية "بغض النظر عمن تتوسط له لدى حكومة الوفاق تعكس تغير سياستها تجاه الملف الليبي، وميلها إلى المسارات السياسية كحل للأزمة بديلا عن دعمها لخيارات عسكرية من خلال حليفها حفتر".

وقال الحداد في حديثه لـ"العربي الجديد"، إن روسيا "لا تعلن عن مواقف ظاهرة بشأن كل الأطراف، سواء في طرابلس أو في معسكر حفتر، فهي حتى الآن تتعمد جس النبض وسط تعقيدات الملف الليبي وتحاول اقتناص فرصة ما، تماما كما فعلت في سورية"، مشيرا إلى أن ظهورها المفاجئ في الأزمة السورية "جاء كنتيجة لارتباكات وخلافات مواقف الدول الكبرى، وهو ما تعيشه ليبيا الآن".

واستشهد الحداد بإعلان روسيا عن علاقة مع كل الأطراف، فقد "استضافت حفتر ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، والآن تدعو السراج لزيارة رسمية"، مضيفاً في هذا الصدد: "حتى ممثلي النظام السابق أعلنت عن رابط معهم بشكل رسمي خلال تصريح لميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي، عندما قال ينبغي أن يلعب سيف الإسلام القذافي دورا في المشهد السياسي الليبي".

الحداد رجح أيضا أن تلعب موسكو دورا أكبر خلال المدة القادمة مستفيدة من إخفاق كل المبادرات الأممية والإقليمية والفرنسية والإيطالية والدعوة لمؤتمر أو لقاء حول ليبيا بعدما برزت تلك العلاقات والروابط مع كل الأطراف، "فحتى حفتر المرفوض من قبل أغلب الأطراف الليبية لم تصوره موسكو كحليف بل كطرف".


رهان روسي فاشل على حفتر

غير أن الصحافية الليبية نجاح الترهوني، تخالف ما ذهب إليه الحداد بشأن علاقة موسكو بحفتر، حيث ترى أن توجه موسكو للتواصل مع أطراف أخرى "يعكس إدراكها لفشل مشروع مراهنتها على حفتر".

وقالت الترهوني إن "روسيا اعتبرت حفتر حليفاً، فقد ظهرت قبالة الشواطئ الليبية في شرق البلاد أكبر حاملات الطائرات الأدميرال كوزنيتسوف وعلى ظهرها حفتر، وعقد فيها اجتماعا مع وزير الدفاع الروسي عبر الدوار الفنية، واستقبل عديد المرات بشكل رسمي في موسكو".

كما ترى الترهوني أن دولا كبرى "تفطنت للسعي الروسي في ليبيا ومحاولات بناء حفتر كحليف مسلح، فقللت من تلك الفرص بدعم أطراف أخرى، من بينها الولايات المتحدة التي سمحت لسلاحها الجوي بالاشتراك في حرب قوات البنيان المرصوص ضد تنظيم داعش في سرت، ونسقت عديد العمليات مع حكومة الوفاق لاستهداف مواقع للتنظيمات الإرهابية داخل البلاد".

وقالت الصحافية إن "تلك الدول قطعت الطريق أيضا على روسيا من خلال عقد اتصالات مع حفتر، آخرها إيطاليا، وكل تلك العوامل جعلت من المشروع الروسي من خلال حفتر فاشلا".

ولفتت إلى أن واشنطن أفقدت حفتر أهم أوراقه عندما أرغمته على القبول بتبعية مواقع النفط لحكومة الوفاق في يونيو/ حزيران الماضي وأصبح وجوده في الهلال النفطي شكليا فقط.

وتتفق الترهوني مع الحداد في رغبة موسكو في لعب دور سياسي من خلال لعب دور الوسيط لحفظ مكان لحلفائها، سواء من النظام السابق ممثلا في سيف القذافي، وعسكريا ممثلا في حفتر، مشيرة إلى أن الاهتمام الروسي بليبيا يجب أن يوضع بشكل صحيح داخل سياساتها الدولية "فالفائدة التي ستجنيها روسيا من دورها في ليبيا يتمثل في إثبات ما صرح به الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في عدة مناسبات من أن روسيا قادرة على إصلاح ما أفسدته الولايات المتحدة".

وختمت بالقول "كثيرا ما اتهم الروس الولايات المتحدة وشركاءها في حلف الناتو بإدخال ليبيا في فوضى، وبالتالي عليها لفت الأنظار إلى أنها موجودة في ليبيا لإصلاح ما أفسدته الولايات المتحدة وحلفاؤها، وأنها الأقدر على إقناع الفرقاء بأية تسوية". ​