إلى ذلك، قال النقيب مصطفى أبو حذيفة، الناطق باسم "الجبهة الوطنية للتحرير"، وهي أكبر فصيل معارض في الشمال السوري، إنّ جميع المؤشرات بشأن تطبيق الاتفاق "إيجابية". وأضاف في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ هناك تنسيقاً عالياً بين "الجبهة والإخوة الأتراك حول تنفيذ الاتفاق، والأمور تسير على ما يرام".
بدوره، قال الصحافي مصطفى محمد، الموجود في إدلب، لـ"العربي الجديد"، إنّ مواقف بعض الفصائل المتشدّدة الرافضة للاتفاق، مثل "حراس الدين" و"جبهة أنصار الدين"، قد لا تعيق تنفيذ الاتفاق في حال كان هناك موقف إيجابي من قبل "هيئة تحرير الشام"، التي رأى أنها "تميل إلى عدم عرقلة تطبيقه، وستكون حريصة على عدم إفساد علاقاتها الميدانية الطيبة مع الأتراك، برغم تصنيفها أخيراً من جانب تركيا كمنظمة إرهابية".
وفي السياق، نقلت وكالة "رويترز" عمن وصفته بمسؤول كبير في المعارضة السورية، قوله إنّ "هيئة تحرير الشام" بعثت بإشارات سرية إلى الجيش التركي من خلال أطراف ثالثة في الأيام القليلة الماضية، لتوصيل رسالة مفادها أنها ستلتزم بالاتفاق الذي يتضمّن إقامة منطقة منزوعة السلاح بين مناطق النظام ومناطق المعارضة. وذكر المسؤول، بحسب الوكالة، أنّ "الأمور تسير بشكل جيّد، وهيئة تحرير الشام وعدت مبدئياً بتنفيذ الاتفاق من دون إعلان الموافقة عليه". ويراوح عمق المنطقة منزوعة السلاح التي اتفقت عليها تركيا وروسيا بين 15 و20 كيلومتراً، وستمتدّ على طول خطّ الاتصال بين مقاتلي المعارضة وقوات النظام، وستقوم قوات تركية وروسية بدوريات فيها.
وفي حديث لـ"رويترز" أيضاً، توقّع رئيس الحكومة المؤقتة السابق، أحمد طعمة، أن تنفّذ "هيئة تحرير الشام" الاتفاق بحلول المدة الزمنية المقررة، وقال "لا أرى تهديداً باندلاع مواجهة، لأنّ الاتفاق لا يسعى لإجبار المتشددين على تسليم أسلحتهم".
بدورهم، توقّع ناشطون أن تسير الأمور بسلاسة بالفعل، لأن المنطقة العازلة ليس فيها الكثير من الأسلحة الثقيلة، حيث إنّ معظم هذه الأسلحة موجود في العمق وليس على خطوط التماس. وعبر هؤلاء عن خشيتهم من أن تكون العرقلة لتنفيذ الاتفاق من جانب النظام ومليشياته، خصوصاً مع ورود أنباء تفيد بأنّ النظام استقدم مئات المقاتلين من تنظيم "داعش" من المنطقة الشرقية وأوصلهم إلى ريف إدلب الشرقي، تمهيداً لإدخالهم إلى المنطقة العازلة بهدف إفساد الاتفاق الروسي - التركي.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قد قال في تصريحات سابقة إنّ "الجماعات المتطرفة بدأت بالفعل بالانسحاب من المنطقة العازلة المتفَق عليها في محيط إدلب". وتتصدّر "هيئة تحرير الشام" الفصائل المسلحة المنتشرة في المنطقة العازلة المفترضة، اعتباراً من أرياف حماة الشمالي والغربي واللاذقية وحلب الشمالي والغربي. وتليها "الجبهة الوطنية للتحرير"، التي لديها خطوط تماس طويلة في مختلف أطراف إدلب، ثمّ "جيش العزة" في المرتبة الثالثة، و"الحزب الإسلامي التركستاني" في المرتبة الرابعة، وأخيراً "تنظيم حراس الدين".
في غضون ذلك، يشهد الريف الغربي لمدينة حلب توتراً أمنياً بين فصائل المعارضة و"هيئة تحرير الشام"، حيث أكّدت مصادر إعلامية معارضة مقتل قائد عسكري في "حركة نور الدين الزنكي" التابعة لـ"الجبهة الوطنية للتحرير" وأحد مرافقيه، الأربعاء، بإطلاق نار من قبل مجهولين قرب بلدة كفرناصح في ريف بلدة الأتارب في ريف حلب الغربي، وذلك وسط اعتقالات متبادلة بين الجانبين. وأوضحت مصادر محلية أنّ التوتّر بدأ مع اعتقال فصيل "الزنكي" عنصراً من "هيئة تحرير الشام" يعمل كحارس لمستشفى "الفردوس" للتوليد بعد اتهامه بالضلوع في الانفجار الذي وقع قبل أيام أمام المستشفى في المدينة، وتمثّل بانفجار دراجة نارية مفخخة، إضافة لقيام عناصر الزنكي بإطلاق النار بشكل عشوائي بهدف ترهيب أهالي المدينة. من جانبها، ردّت "هيئة تحرير الشام" باعتقال عدد من عناصر الزنكي على حاجز "تلعادة" الواقع في الريف الغربي لمحافظة حلب. وعلى خلفية هذه التوترات، تم إغلاق الطريق الواصل بين مدينة دارة عزة وبلدة ترمانين بريف حلب الغربي.
وفي الجنوب السوري، يتصاعد الاستياء الشعبي في محافظة السويداء من النظام الذي فصل عشرات المدرّسين من وظائفهم بحجة التخلّف عن الالتحاق بالخدمة الاحتياطية في صفوف قواته، في الوقت الذي لم يبذل مساعي من أجل إطلاق سراح نساء من ريف المحافظة مختطفات لدى تنظيم "داعش" منذ يوليو/ تموز الفائت.
وأكدت شبكة "السويداء 24" الإخبارية المحلية، أنّ حكومة النظام فصلت منذ أيام ما يزيد عن 80 مدرّساً من محافظة السويداء، بحجة عدم التحاقهم بالخدمة الاحتياطية في قوات النظام، والتي تطاول نحو 40 ألف شاب من السويداء، ذات الغالبية الدرزية، وهو ما يجد رفضاً شعبياً كبيراً. ونقلت الشبكة عن أحد المدرّسين المفصولين تأكيده أنّ "قائمة الفصل طاولت 200 مدرس على مستوى سورية"، مشيراً إلى أنّ القائمة الرئيسية صدرت في عام 2016، إلا أنّ حكومة النظام أجلت تطبيقها. وأكدت الشبكة أن مئات الموظفين من محافظة السويداء في مختلف القطاعات الحكومية فصلوا من وظائفهم تحت ذريعة عدم التحاقهم بالخدمة الاحتياطية.
وفي هذا الإطار، ذكرت مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، أنّ فصل العشرات تسبب بنقص شديد بعدد المدرسين في مدارس المحافظة.
وكانت السويداء قد شهدت قبل يومين اعتصاماً عبّر خلاله المواطنون عن استيائهم بسبب إهمال نظام الأسد لقضية المختطفين لدى تنظيم "داعش"، ورأوا أنّ النظام وحلفاءه يعلمون أين توجد المعتقلات، ولكن لا يريدون إعادتهن لذويهم.
من جهة أخرى، أعلنت وسائل إعلام تابعة للنظام عن استئناف النظام السوري عمليته العسكرية في منطقة تلول الصفا ببادية السويداء ضد تنظيم "داعش"، بعد توقف دام أياماً عدة. وقالت تلك الوسائل، إن قوات النظام استأنفت أعمالها القتالية في منطقة تلول الصفا ومحيط التلول، بعد استقدام تعزيزات كبيرة، زاعمةً أنّ قوات النظام تقدّمت مئات الأمتار في الجروف الصخرية المعقدة والوعرة.
وكانت وسائل إعلام محلية قد ذكرت، الأربعاء، أنّ تنظيم "داعش" قتل 25 عنصراً من قوات النظام والمليشيات بالمعارك في البادية، فيما قُتل العميد وليد الكردي، الضابط في "جيش التحرير الفلسطيني" في جبهة تلول الصفا.