دعوات "إقليم البصرة" تشغل العراقيين مجدداً... وشكوك بنوايا الحكومة

دعوات إنشاء "إقليم البصرة" تشغل الشارع العراقي مجدداً... وشكوك بنوايا الحكومة

26 يوليو 2018
البصرة عاصمة العراق الاقتصادية تعاني ضعفًا في الخدمات(فرانس برس)
+ الخط -
عادت من جديد الدعوات التي شغلت الشارع العراقي، خلال السنوات الماضية، لإنشاء "إقليم البصرة"، والتي أخذت أصداء سياسية وأمنية وشعبية واسعة، لكنّها قوبلت برفض حكومي، أمام استياء وإصرار شعبي من السياسات الحكومية في المدينة.

ودفع العجز الحكومي عن تطوير مستوى الخدمات في محافظة البصرة، التي انطلقت منها شرارة التظاهرات قبل أكثر من أسبوعين، احتجاجاً على استمرار انقطاع الكهرباء وشح مياه الشرب وتفشي البطالة وسوء الخدمات، باتجاه إعادة المطالبة بإقامة إقليم البصرة.


واستبعدت مصادر سياسية عراقية إمكانية إنشاء الإقليم على وقع الضجة التي تشغل الشارع العراقي بهذا الخصوص، وقالت المصادر إنّ "هذا الطلب سيرفع إلى رئيس الوزراء، وسيتطلب تخصيص أموال وإجراء استفتاء شعبي، ومن المرجح أن يرفض من قبل رئيس الوزراء، حيدر العبادي".

وبالتزامن مع ذلك، انطلقت حملة في المحافظة لجمع تواقيع مجلس محافظتها، من أجل إعلان الإقليم، وسط تظاهرات حاشدة يستعد لها الأهالي يوم غد الجمعة.

وسبق هذه الخطوات إعلان النائب في البرلمان عن محافظة البصرة محمد الطائي، عزمه تقديم شكوى إلى المحكمة الاتحادية ضد العبادي، لرفضه الموافقة على الشروع بإجراء استفتاء شعبي لإعلان إقليم البصرة.


وتأتي هذه الدعوات المتواصلة منذ عدّة سنوات بضغط شعبي وسياسي في البصرة، نتيجة السياسات الحكومية وضعف الخدمات العامة في المدينة، التي تعد عاصمة العراق الاقتصادية، والمصدر الرئيس لثرواته النفطية والغازية.

وتنشغل الصحف المحلية في البلاد بهذه القضية، إذ ذكرت صحيفة "الزوراء" أنّ "المطالبة بإعلان إقليم البصرة عادت إلى الواجهة مرة أخرى، في وقت يشهد فيه مجلس البصرة انقسامًا حول القضية".

ونقلت الصحيفة عن الخبير القانوني طارق حرب، وصفه لهذا الطلب بـ"غير القانوني"، مؤكدًا أنّ "مجالس المحافظات قد انتهى عملها الفعلي في يونيو/حزيران 2017، وبالتالي لا يترتب أثر قانوني على أي قرار تصدره تلك المجالس".

ورأى مراقبون أنّ موافقة الحكومة على إنشاء إقليم البصرة لا يمكن أن تتم إلا بموافقة شعبية واسعة، بسبب موقع المدينة الجغرافي المهم جداً وقدراتها الاقتصادية الهائلة، وقال المحلل السياسي صادق الزيرجاوي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الحكومة تسير بالبلاد نحو التقسيم الإداري بسبب السياسات الخاطئة، فالبصرة تعتبر عاصمة العراق الاقتصادية، ورغم ذلك يعيش شعبها بلا ماء صالح للشرب ولا كهرباء، ونسبة البطالة والفقر فيها مرتفعة جدًا".

وأضاف أنه "بعد أن خرج أهالي البصرة في تظاهرات حاشدة واجهتها الحكومة بالقمع والرصاص الحي، وصل البصريون إلى طريق مسدود مع الحكومة، فقرروا العودة مجدداً إلى المطالبة بتشكيل إقليم إداري، على أمل مساعدة أنفسهم في معالجة المشاكل العالقة التي لم تتمكن الحكومة من حلها منذ سنوات طويلة".

وبرزت ظاهرة المطالبة بإعلان الأقاليم الإدارية في عدد من محافظات البلاد مطلع عام 2013، مع انطلاق التظاهرات الواسعة في محافظات الأنبار وصلاح الدين وبغداد والموصل وديالى وكركوك، احتجاجاً على سياسات رئيس الحكومة السابق، نوري المالكي.

لكن تلك المطالبات انتهت برفض حكومي قاطع، قابله احتدام الاحتجاجات التي انتهت بمواجهات مسلحة، تلا ذلك خروج ما يقرب من نصف مساحة البلاد عن سيطرة الحكومة في يونيو/حزيران 2014 إلى سيطرة "داعش" الإرهابي.


مقابل ذلك، يشكك مراقبون بقضية إقليم البصرة، متوقعين أنّ عودتها جاءت بـ"تحريض حكومي، في محاولة لتمييع التظاهرات والقضاء عليها، عبر إغراء الأهالي بمخصصات الموازنة المحتملة للمدينة في حال إعلانها إقليماً إدارياً مستقلاً"، ويقول الكاتب نبراس الحسيني، إنّه "في حال أصبحت البصرة إقليماً ستحصل على 10% من الموازنة الاتحادية، وهذه هي طروحات بعض المندسين على التظاهرات السلمية".

وأضاف أنّ "بعض المندسين يمنون أهالي المحافظة، بإضافة لحصة البصرة من البترودولار، ليرتفع واردها سنوياً إلى 14 مليار دولار، لكنّ القائمين على هذا التحريض يحاولون إغراء أهالي البصرة لجعلهم يؤمنون بفكرة الإقليم للحصول على مكاسب شخصية وسياسية".

دلالات