على الرغم من إعلان الولايات المتحدة دعمها لعملية "درع الشمال"، التي شرعت فيها إسرائيل قبل أسبوعين بهدف القضاء على منظومة أهداف هجومية، تدعي أن "حزب الله" حفرها على الحدود مع لبنان، إلا أن تل أبيب تشعر بخيبة أمل كبيرة إزاء رفض واشنطن موقفها القاضي بوجوب تقليص هامش المناورة أمام الحزب، من خلال الضغط على الدولة اللبنانية ومؤسساتها، وعلى وجه الخصوص الجيش اللبناني.
وبحسب صحيفة "معاريف" اليوم الأحد، فإن أحد أهم أهداف حرص رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على التوجه إلى بروكسل للقاء وزير الخارجية الأميركية، مايك بومبيو، قبيل البدء في عملية "درع الشمال" تمثل برغبته في مطالبة واشنطن بوقف دعمها العسكري للجيش اللبناني.
ونقلت الصحيفة عن مصدر سياسي إسرائيلي، قوله إن إسرائيل حاولت منذ أمد بعيد الحصول على شواهد وقرائن تدلل على طابع التعاون بين "حزب الله" والجيش اللبناني، وأن هذا الجيش يعمل في كثير من الأحيان حسب توجيهات الحزب. ووفق الصحيفة، فإن الولايات المتحدة تصر على موقفها من الجيش اللبناني، على الرغم من أن إسرائيل قدمت بالفعل ما اعتبرته أدلة استخبارية تدلل على أن ضباطا في الجيش اللبناني يعملون بالتعاون والتنسيق مع "حزب الله".
وقد نقلت "معاريف" عن ممثل دولة الاحتلال في الأمم المتحدة، داني دانون، قوله إن كل محاولات إسرائيل لإقناع واشنطن بأن الجيش اللبناني يعمل لصالح "حزب الله" قد باءت بالفشل، مشيرا إلى أن الأميركيين مقتنعون تماما بأنه بإمكانهم العمل مع قيادة هذا الجيش، وهذا ما يجعلهم يستثمرون في تقديم الدعم العسكري له وتدريب قواته.
ويشير مقدم البرامج الحوارية في قناة التلفزة الإسرائيلية الثانية، أودي سيغل، إلى أن إسرائيل ترى في كل تحرك أميركي ضد جيش لبنان بمثابة خطوة لتعزيز الردع في مواجهة "حزب الله"، وزجر الحزب عن مواصلة تحركاته الهادفة للإعداد للمواجهة القادمة.
وفي مقال نشرته "معاريف"، ينقل سيغل عن أوساط عسكرية إسرائيلية قولها إنه إذا كان "حزب الله" تمكن من حفر أنفاق هجومية داخل إسرائيل، فإن هذا يعني أن شبكة الأنفاق الدفاعية التي بناها في جنوب لبنان، هي بهدف تقليص قدرة جيش الاحتلال على ضربه بطريقة أكثر تطورا.
ويضيف سيغل أن إسرائيل تفسر الإصرار الأميركي على مواصلة دعم الجيش اللبناني، رغم الضغوط التي تمارسها تل أبيب بأنه يعكس رغبة واشنطن في عدم التخلي عن أي مصدر من مصادر النفوذ في المنطقة، لا سيما في ظل تعزيز روسيا نفوذها في المنطقة في أعقاب تدخلها العسكري في سورية عام 2015.
وينقل المعلق الإسرائيلي عن وزراء شاركوا في حكومة إيهود أولمرت التي أدارت حرب لبنان الثانية 2006 وجنرالات كانوا ضمن هيئة أركان الجيش في تلك الفترة، قولهم إن الخطوط الحمراء التي حددتها إدارة جورج بوش في حينه قلصت هامش المناورة أمام إسرائيل، وحالت دون استنفاد مظاهر التفوق العسكري في القيام بهجمات واسعة ضد مرافق الدولة اللبنانية، وضمنها الجيش اللبناني، بهدف إرغام "حزب الله" على وقف هجماته.
ويعتبر سيغل، أنه بحسب الرسائل التي تبعث بها إدارة دونالد ترامب، فإنه يتوجب على إسرائيل ضبط إيقاع سلوكها في المنطقة وفق اتجاهات الاستراتيجية التي تحددها واشنطن.
وقد حذر مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي في دراسة صدرت عنه ونشرت أمس، من أن جيش الاحتلال يمكن أن يجد نفسه في غمار مواجهة مع الجيش اللبناني في حال قرر خوض مواجهة ضد "حزب الله".
ورأى المركز أن المواجهة مع الجيش اللبناني قد تقلص من قدرة إسرائيل على التفرغ لمواجهة ترسانة الصواريخ التي يملكها "حزب الله"، والتي تعد الأكبر من بين الترسانات التي تملكها قوى وحركات لا تعد دولة، حيث يملك 130 ألف صاروخ.
ونوه معدا الدراسة إلى أنه على الرغم من أنه حتى لو كانت معظم هذه الصواريخ ليست ذات دقة إصابة عالية، فإن عددها الضخم يعزز تأثيرها.
لكن جيورا أيلاند، الذي شغل في الماضي منصبي قائد "شعبة العمليات في الجيش" ومستشار الأمن القومي الإسرائيلي، يرى أن نجاح إسرائيل في حسم المواجهة مع "حزب الله" يستدعي حتما أن تقوم بتهديد مرافق الدولة اللبنانية. وخلال مقابلة أجرتها معه الإذاعة العبرية الرسمية أول أمس، شدد أيلاند على أن إسرائيل مطالبة بالاستعداد لتوجيه ضربات لمرافق الدولة اللبنانية التحتية وضمنها شبكات الطرق، المطارات، وخزانات الوقود وغيرها.