الشهيد صالح البرغوثي...حرمه الاحتلال من أبيه طفلاً وقتله شاباً

الشهيد صالح البرغوثي.. حرمه الاحتلال من أبيه طفلاً وقتله شاباً

13 ديسمبر 2018
استشهد صالح عن 30 عاماً (تويتر)
+ الخط -
لم تصدق عائلة الشهيد صالح عمر البرغوثي (30 عاماً) من قرية كوبر شمال غرب رام الله وسط الضفة الغربية، نبأ استشهاد ابنها صالح، حينما اعترضت قوة خاصة للاحتلال الإسرائيلي مساء الأربعاء مركبته التي كان يقودها قرب قرية سردا شمال رام الله، واعتقلته بعد ذلك. وبرغم إعلان الاحتلال في وقت متأخر من الليلة الماضية استشهاد صالح، إلا أن العائلة لم تصدق إلى أن تمّ إبلاغها رسمياً بذلك، من قبل الشؤون المدنية الفلسطينية، صباح اليوم الخميس.

وتؤكد عائلة صالح أن ابنها خرج من مركبته سليماً، ولم يكن مصابا بأي أذى، وفق ما ذكره لها شهودٌ عيان، بعد إطلاق النار باتجاه مركبته وتهشم زجاجها الخلفي، وتصرّ على أن قوات الاحتلال قتلت صالح بدمٍ بارد بعد اعتقاله، وفق ما يفيد به لـ"العربي الجديد" الأسير المحرر فخري البرغوثي، وهو ابن عم والد صالح.

وأكد شهود عيان كثر، لعائلة البرغوثي، أن قوات خاصة إسرائيلية هاجمت صالح واعترضت مركبته، حينما كان عائداً من عمله كسائق لمركبة عمومية في مدينة رام الله، وأطلقت الرصاص على المركبة دون أن يصاب صالح بأذى، ثم قامت بطرحه أرضاً وتقييد يديه إلى الخلف واعتقاله.

وتدعي قوات الاحتلال أن صالح البرغوثي، كان أحد أفراد خلية تمّ اعتقالها الليلة الماضية في رام الله، متهَمةً بتنفيذ عملية إطلاق النار قرب مستوطنة "عوفرا" يوم الأحد الماضي، والتي أصيب فيها سبعة مستوطنين بجروح، بينما شددت قوات الاحتلال من إجراءاتها في محيط مدينة رام الله، واقتحمتها أكثر من مرة بحثاً عن تسجيلات كاميرات مراقبة وملاحقة المنفذين.

وبعد اعتقال صالح البرغوثي بوقتٍ قصير، اقتحمت قوات الاحتلال قرية كوبر ودهمت منزل عائلته، وأطلقت قنابل الصوت باتجاه الموجودين فيه، واحتجزت عشرات الفلسطينيين الذين كانوا في داخل المنزل مؤازرة لعائلته، وفتشتهم، وفتشت المنزل مستخدمة الكلاب البوليسية، واعتقلت بعدها والد صالح الأسير المحرر عمر البرغوثي، وشقيقه عاصف، وهادي البرغوثي، وزوج شقيقة صالح، إضافة إلى عددٍ من أقاربه.

صالح البرغوثي، الشاب العصامي الذي نشأ في أسرة يستهدفها الاحتلال بالاعتقال منذ نحو 40 عاما، أكمل حياته برغم بعد والده عنه لمدة تصل إلى 28 عاماً، بسبب اعتقاله. لم يكمل صالح دراسته. وصل حتى المرحلة الثانوية العامة، وعمل سائقا لمركبة عمومية في أحد مكاتب السيارات العمومية بمدينة رام الله. تزوج صالح قبل ست سنوات، وأنجب طفلاً سماه قيس (يبلغ حالياً نحو أربع سنوات ونصف)، تركه اليوم الاحتلال يتيماً.

لم يتوقع أهالي كوبر، وحتى عائلة صالح، ما حدث له. الشاب الشهيد كان يغادر يومياً إلى عمله منذ الصباح الباكر، ويعود في المساء، يحبه الجميع، وهو هادئ الطباع، عاش في أسرة مناضلة، وشهد ظلم الاحتلال بحق والده الذي كان يراه في الزيارات داخل السجن وهو طفل صغير، وحرم من أن يقضي طفولته بين أشقائه الذين تعرضوا للاعتقال كذلك، أما عمه الوحيد نائل البرغوثي، فهو معتقل حالياً في سجون الاحتلال، وأمضى أكثر من 38 عاماً داخل سجونه. كل ذلك جعل صالح عصامياً صلباً معتمداً على نفسه، يوضح الأسير المحرر فخري البرغوثي.

ويعتبر منزل عائلة الشهيد البرغوثي شاهداً على وجع ومعاناة العائلة وحرمانها من أبنائها، الذين تم اعتقالهم، حيث تم اعتقال والد الشهيد الأسير عمر البرغوثي "أبو عاصف" (65 عاما)، وشقيقه نائل البرغوثي (61 عاما)، في العام 1978، وحكم عليهم هم وابن عمهم فخري بالسجن المؤبد، بتهمة مقاومة الاحتلال.

أفرج عن عمر البرغوثي عام 1985 بإحدى صفقات التبادل، بينما أفرج عن فخري ونائل عام 2011 في صفقة "وفاء الأحرار"، ليعاد اعتقال نائل بعد أقل من ثلاثة أعوام، ويعاد له الحكم المؤبد. أمضى نائل أكثر من 38 عاماً داخل سجون الاحتلال، أما عمر فقد أمضى نحو 28 عاماً داخلها. ولم يسلم شقيق الشهيد صالح من الاعتقال، فتم اعتقال شقيقه عاصم وأمضى نحو 12 عاما داخل سجون الاحتلال.

لم يسجل للشهيد صالح في حياته أنه اعتقل لدى سلطات الاحتلال، لكنها حرمته من لحظاته السعيدة مع أسرته ووالده منذ طفولته وحتى شبابه، ومن سنوات سعيدة برفقة والده وعمه وشقيقه بسبب اعتقالهم، وهي حال وتجربة شبيهة بتلك التي عاشها الوالد والعم، حين كانا بعيدين في سجون الاحتلال وحرموا من وداع والديهم لدى وفاتهما.

المساهمون