مطالبات غربية للسعودية بـ"أجوبة مقنعة" حول مقتل خاشقجي

الرواية السعودية لم تبدّد الشكوك بشأن مقتل خاشقجي ومطالبات غربية بـ"أجوبة مقنعة"

21 أكتوبر 2018
تشكيك مستمر في رواية السعودية (أونور كوبان/ الأناضول)
+ الخط -

يبدو أن "إخراج" السعودية لطريقة قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول داخل مقر قنصليتها في إسطنبول، على يد فريق أمني حلّ بالمدينة وغادرها في اليوم نفسه، لم يلق قبولاً لدى كبريات العواصم الغربية، التي اعتبرت التوضيحات السعودية "غير مقبولة وتفتقر إلى التماسك". 

وبعد ساعات من إعلان الرياض عن مقتل خاشقجي داخل القنصلية بزعم "شجار"، قالت بريطانيا، اليوم الأحد، إن التفسير السعودي "لا يمكن تصديقه"، وشددت على ضرورة "محاسبة المتورطين في الأمر".

وقال وزير بريكست، دومينيك راب، لهيئة "بي بي سي": "لا أعتقد أنه يمكن تصديقه"، مضيفاً أن هناك "علامة استفهام جدية على الرواية التي أعطيت. نحن نؤيد التحقيقات التركية بهذا الشأن، والحكومة البريطانية تريد أن ترى أشخاصاً يحاسبون" على مقتل خاشقجي، وفق ما نقلت "رويترز".

وبعد إنكارها لأسبوعين، أقرت السعودية، في الساعات الأولى لأمس السبت، بأن الصحافي خاشقجي، الذي كان يكتب مقالات رأي في "واشنطن بوست" الأميركية، قُتل بعد دخوله القنصلية السعودية في إسطنبول.

ووُجِه تفسير مقتل خاشقجي خلال وقوع "شجار"، بتشكيك من قبل الدول الكبرى، التي طالبت الرياض بـ"إجابات مقنعة"، ولا سيما معرفة ما حلّ بجثته.

وتحدثت وسائل إعلام تركية عن وجود تسجيلات بالصوت والصورة تؤيد فرضية مسؤولية الرياض عن قتل الصحافي السعودي وتقطيع جثته.

وفتشت الشرطة التركية غابة في إسطنبول يعتقد أنه تم التخلص من الجثة فيها، فيما وعدت أنقرة بالكشف عن نتائج التحقيق كاملة.

من جهته، قال وزير المالية الفرنسي، برونو لو مير، إن اعتراف السعودية بأن خاشقجي قتل داخل قنصليتها في إسطنبول "تقدّم محل ترحيب"، لكنه حث المملكة على أن "تواصل إجراء تحقيق مستفيض وشفاف حتى النهاية".

وأوضح لو مير للقناة الثالثة في التلفزيون الفرنسي، يوم الأحد: "أرى أن السلطات السعودية غيّرت الموقف واعترفت بالحقائق وقبلت بعض المسؤولية.. وبالتالي نحن نحقق تقدماً"، وأضاف أنه "مع ذلك يجب الكشف عن كل الملابسات"، بحسب ما نقلت "فرانس برس".

وأضاف الوزير الفرنسي أن مسار العلاقات الثنائية "سيتوقف على الطريقة التي ستعلن بها الحقيقة، والتي سيجرى بها التحقيق والنتائج التي يتم التوصل إليها. إذا ما استمروا في هذا الاتجاه للتوصل إلى الحقيقة، من خلال تحقيق مستفيض، أعتقد أنه سيكون بوسعنا الحفاظ على علاقتنا الاستراتيجية القوية مع السعودية".

يشار إلى أن وزير المالية الفرنسي كان قد ألغى زيارة مبرمجة إلى السعودية، هذا الأسبوع، للمشاركة في منتدى اقتصادي.

ومضى قائلاً: "وإذا لم يحدث هذا لن يفهم أحد ما حدث، لا فرنسا ولا الاتحاد الأوروبي ولا الولايات المتحدة. السعودية شريك استراتيجي، لكن لا يمكن أن تكون لدينا علاقة ثقة لا تستند إلى الحقيقة".

وكان الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، قد أعلن أن بلاده علقت الزيارات السياسية إلى السعودية بالتنسيق مع ألمانيا والمملكة المتحدة وهولندا، في انتظار صدور "توضيحات" على خلفية اختفاء جمال خاشقجي.

ونددت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بمقتل خاشقجي، وقالت إن التفسيرات المعلنة حتى الآن في ما يتعلّق بملابسات موته "ليست كافية".




وقالت، في بيان مشترك مع وزير خارجيتها هايكو ماس، يوم السبت: "نندد بهذا العمل بأقوى العبارات.. نتوقع الشفافية من السعودية بشأن ملابسات موته.. المعلومات المتاحة بشأن الأحداث في القنصلية بإسطنبول ليست كافية".


بيان ثلاثي

وعادت كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا، لتشدد، اليوم الأحد، على الحاجة "لتوضيح ما حدث بالضبط"، واصفة الرواية السعودية بكونها "فرضيات".

وقالت الدول الثلاث، في بيان مشترك، إن "السعودية بحاجة إلى تقديم حقائق تدعم روايتها لما حدث للصحافي جمال خاشقجي لتكون مقنعة".

وأضافت "لا شيء يمكن أن يبرر هذا القتل، وندين ذلك بأشد العبارات الممكنة"، لافتاً إلى أنه "لا تزال هناك حاجة ملحة لتوضيح ما حدث بالضبط... أبعد من الفرضيات التي أثارها التحقيق السعودي حتى الآن، التي تحتاج إلى حقائق تدعمها لتكون مقنعة".

إلى ذلك، قال وزير الخزانة الأميركي، ستيفن منوتشين، اليوم الأحد، إنه "من السابق لأوانه التعليق على احتمال فرض عقوبات أميركية على السعودية بسبب قضية موت خاشقجي، وذلك إلى حين استكمال التحقيق".

وأضاف منوتشين، للصحافيين في القدس، أن المعلومات حتى الآن عن التحقيق "خطوة أولى جيدة، لكنها غير كافية".

وشدد المسؤول الأميركي على أنه "سيكون من السابق لأوانه التعليق على العقوبات، ومن السابق لأوانه التعليق على أي مسائل حقاً حتى نعرف المزيد عن التحقيق ونصل إلى حقيقة ما حدث".

ويأتي كلام منوتشين منسجماً في جزء كبير منه مع توجهات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي بقي على موقفه الرافض لإلغاء صفقة السلاح الأميركية مع الرياض، وقال "إن إلغاءها سيضرنا أكثر مما يضرهم"، مبيناً أن "هناك احتمالات أخرى، من بينها فرض عقوبات على السعودية".

وبعد ساعات من اعتبار ترامب التفسيرات التي قدّمتها الرياض حول ملابسات مقتل خاشقجي "جديرة بالثقة"، وأنها "خطوة أولى مهمّة"، تراجع خطوات إلى الوراء، واضعاً مسافة مع الرواية السعودية بتعبيره عن "عدم الرضى عن التفسيرات".

في سياق مواز، صوب السيناتور الجمهوري البارز بوب كوركر، اليوم، أصابع الاتهام نحو ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بالضلوع وراء حادثة مقتل خاشقجي، مشككاً هو الآخر في الرواية السعودية.

وقال إنه يعتقد أن بن سلمان مسؤول عن مقتل الصحافي السعودي، وإن السعوديين فقدوا كل مصداقية في تفسيراتهم عن موته.

وأضاف كوركر، في مقابلة مع شبكة (سي.إن.إن) التلفزيونية، حسب وكالة "رويترز"، "نعم أعتقد أنه فعلها".

بدوره، قال السيناتور الجمهوري في الكونغرس راند باول إن تفسير السعودية لظروف مقتل خاشقجي "مهين".

المساهمون