بطريرك الكلدان لمسيحيي العراق عبر "العربي الجديد": ارفضوا التقسيم

بطريرك الكلدان لمسيحيي العراق عبر "العربي الجديد": ارفضوا التقسيم

07 يوليو 2017
ساكو: مستقبل المسيحيين والعراقيين هو شأن داخلي (تويتر)
+ الخط -

دعا بطريرك الكلدان في العراق والعالم الأب لويس روفائيل ساكو، مسيحيي سهل نينوى في شمال البلاد، إلى عدم اختزال تاريخ جيرانهم المسلمين بإرهاب تنظيم "داعش"، مشدداً، في حديث لــ"العربي الجديد"، على رفض الكنيسة، الحكم الذاتي ومشاريع تقسيم العراق.

وقال ساكو، اليوم الجمعة، إنّ "أهالي بلدات سهل نينوى (شرق وشمال شرق الموصل) هم من يرسم خريطة مناطقهم مع جيرانهم المسلمين وغير المسلمين، بعيداً عن الأجندات الخارجية أو المصالح الشخصية الضيقة".

ودعا ساكو، "المسيحيين والأحزاب السياسية للخروج من تناقضاتهم وتعزيز الوحدة بينهم، وترك التجاذبات غير النافعة، وإيجاد جو سليم ومريح للتفكير والنقاش والحوار والعمل الجماعي، مستندين للواقعية والعقلانية".

وشدد ساكو على أنّ "الحل الوحيد لجميع المواطنين في العراق، هو عبر نظام ديمقراطي مدني متطور يحقق العدالة والمساواة لجميع العراقيين، كونه الكفيل بإنهاء العديد من المشاكل القائمة"، مبيّناً أنّ "مطالبنا هذه تعبّر عن رؤية الكنيسة الكلدانية وقد اطلع عليها أساقفتها العشرون".

وتعليقاً على انعقاد مؤتمر ضمّ عدداً من الشخصيات المسيحية في العاصمة البلجيكية بروكسل أخيراً، طالب بحكم ذاتي بمناطق سهل نينوى شمالي العراق، قال البطريرك ساكو إنّ الكنيسة "ترفض الحكم الذاتي ومشاريع التقسيم للعراق".

وعقدت قوى سياسية مسيحية، الأسبوع الماضي، اجتماعاً في العاصمة البلجيكية بروكسل، برعاية البرلمان الأوروبي، حول مستقبل مسيحيي العراق في سهل نينوى.

وشاركت في الاجتماع، سبعة أحزاب ومنظماتٍ كلدانية آشورية سريانية، حيث تمَّ اختيار شخصين عن كل جهة، وخمسة أشخاص عن منظماتِ المجتمع المدني العاملة في سهل نينوى من مجموع 17 منظمة، فيما قاطعت المؤتمرَ "الحركة الديمقراطية الآشورية" وكيانُ "أبناء النهرين" و"الحزب الوطني الآشوري"، فضلاً عن البطريركية الكلدانية في العراق والعالم التي تمثّل أغلبية المسيحيين في العراق.

وكن البرلمان العراقي قد صوّت، في إبريل/ نيسان الماضي، على قرار يَحظرُ حضورَ شخصياتٍ سياسية ومسؤولين في مؤتمرات خارج العراق، دون موافقةِ السلطات.

ورأى بطريرك الكلدان أنّ "الكلام الكثير عن مستقبل بلدات سهل نينوى قبل وبعد داعش، منه ما هو منطقي ومقبول، ومنه ما هو أحلام بحتة أو أمنيات لا محل لها على أرض الواقع"، متسائلاً "من هي الجهة التي ستنفذ هذه المشاريع، ومن له حق الكلام عن مستقبل سهل نينوى".

وتابع مجيباً عن تساؤلاته أنّ "من له حق الكلام عن مستقبل سهل نينوى، هم أساساً أهالي المنطقة الأصليون الذين رحلوا منها، مع التساؤل إن كان ثمة أحزاب موحدة تمثّلهم حقاً على تنوّع مشاريعهم السياسية".

ورأى ساكو أنّ "منْ ليسوا من سهل نينوى، أو من غادروا العراق منذ سنوات، ومع التقدير لكل ما يحملونه من معاناة، إلا أنه ليس بمقدورهم أن يتحدثوا عن مستقبل هذه البقعة، بعيدين عن خصوصياتها وواقعها الحالي، وعن هواجس سكانها".

وأكد بطريرك الكلدان في العراق والعالم، أنّ "أهالي سهل نينوى هم من يرسم خريطة للمنطقة مع جيرانهم المسلمين وغير المسلمين، قابلة للتنفيذ وبعيدة عن أجندات خارجية أو مصالح شخصية ضيقة وآنية".

ورفض ساكو في هذا الشأن "المزايدات، بمعزل عن وضع المسيحيين المعقد والمقلق، بسبب وجود معظم أبناء سهل نينوى حالياً في إقليم كردستان، مهجرين قسراً، وبيوتهم مهدمة أو محروقة، والبنى التحتية شبه مدمرة، فضلاً عن لجوء عائلات إلى الخارج".

وشدد ساكو على ضرورة عقد أهالي سهل نينوى، والمسيحيين خصوصاً، والأحزاب السياسية لقاءات جدية داخل البلاد وليس خارجها، تضمن لهم مستقبلاً أفضل مع جيرانهم، وليس بمعزل عنهم".

وذكّر بطريرك الكلدان، بأنّ لمسيحيي سهل نينوى، تاريخاً طويلاً مع جيرانهم المسلمين وغير المسلمين، ممن كانوا ضحايا داعش"، مؤكداً أنّ "مسيحيي سهل نينوى يعرفون ميدانياً، أنّه لا يمكن اختزال تاريخ جيرانهم معهم، بإرهاب داعش".

وأشار البطريرك إلى الخطوط المشتركة بين مسيحيي سهل نينوى وجيرانهم الذين شاركوهم عبر أجيال آلامهم وأفراحهم وعاداتهم، وتحدّث في هذا السياق عن زيارته، الأسبوع الماضي، لعائلتين من العائلات العائدة إلى بلدة كرمليس، إحداهما مسيحية والأخرى مسلمة شبكية، موضحاً أنّ العائلتين تتكلمان الكلدانية، ولهما نفس العادات والتقاليد والجيرة الحسنة.

وشدّد بطريرك الكلدان في العراق والعالم، على أهمية وجود مطالب مشتركة، وورقة موحدة، لمناقشتها مع الحكومة المركزية، وحكومة إقليم كردستان، تركّز على أولوية والاستقرار والأمان، وقابلة للتنفيذ بحسب الدستور والقوانين الدولية، وصولاً إلى احتمال المطالبة بمراقبة أممية، "ذلك أنّ أهالي سهل نينوى بحاجة إلى الطمأنة بسبب ما عانوه من نزاعات وحروب وتهجير وتهميش"، بحسب قوله.

وأمل ساكو، إيجاد نظام ديمقراطي مدني متطور يحقق العدالة والمساواة لجميع العراقيين، معتبراً أنّ هكذا نظام وحده الكفيل بإنهاء العديد من المشاكل القائمة، مناشداً الحكومة العراقية الوفاء بالتزاماتها بفرض الأمن والقانون وتعمير بلدات سهل نينوى.


وشدد بطريرك الكلدان في العراق والعالم، على أنّ المسيحيين هم جزء من العراق، مؤكداً أنّ مستقبل المسيحيين والعراقيين هو شأن داخلي.

ووصف ساكو توجّه أيّ مكون في العراق إلى الخارج لبحث قضاياه بـ"الانفلات"، قائلاً: "إذا كانت هناك مشاكل للأقليات، فالحل في الداخل، وليس عبر قنوات خارجية".

وأضاف ساكو أنّ "الغرب هو من خلق هذه المشاكل في العراق، بينما مستقبلنا هو مع العراقيين، ونحن عراقيون بغض النظر عن إيماننا وعقيدتنا التي نعتز بها".

وانخفضت نسبة المسيحيين في العراق، بحسب ساكو، إلى 2% بعدما كانت 4%، مشيراً إلى عدم وجود إحصائية دقيقة لعددهم، مقدّراً أنّ نسبة المسيحيين في المنطقة كانت 20%، بينما أصبحت 8% الآن.

وكشف أنّ أكثر من 100 بيت مسيحي تم الاستيلاء عليها في بغداد، مبيّناً أنّ عدد المسيحيين 200 ألف في العاصمة العراقية الآن، في حين كان عددهم مليوناً.

ويؤكد المسيحيون وقادتهم في العراق، أن بروز تنظيم "داعش" وانتهاكاته ضدّ الأقليات ومنهم المسيحيون، خلق أزمة ثقة لديهم، معتبرين أنّه من الضروري أن توفر الحكومة العراقية وإقليم كردستان والقوى السياسية والشعبية المسلمة، الضمانات الأمنية والاجتماعية والاقتصادية لهم، قبل التفكير بعودتهم إلى بيوتهم ومناطقهم.

دلالات

المساهمون