خطة بريطانية لمكافحة الإرهاب: مساكن وتعليم وعمل لـمتطرّفين محتملين

خطة حكومية بريطانية لمكافحة الإرهاب: مساكن وتعليم وعمل لـمتطرّفين محتملين

01 نوفمبر 2017
مراجعة بريطانيا لاستراتيجية لمكافحة الإرهاب "مستمرة" (إيزابيل إنفانتيس/فرانس برس)
+ الخط -
كشفت صحيفة "ذي إندبندنت"، عن خطة للحكومة البريطانية، للتعامل مع من يصفهم الغرب بـ"الجهاديين المحتملين"، الذين يستحيل توقيفهم لعدم وجود أدلة قانونية بحقهم، تلقى اعتراضات من اليمين المتطرف بحجة محاباتها هؤلاء، بينما يرحّب بها عدد من المحللين، ولو أنّها تأتي متأخرة، بحسب رأيهم.

وقالت الصحيفة البريطانية، في تقرير، اليوم الأربعاء، إنّ الحكومة تعتزم منح المتطرّفين مساكن يوفرها مجلس الإسكان، وغيرها من وسائل الدعم، كجزء من برامج مكافحة التطرف، وهي مقترحات، تندرج تحت خطة جديدة يُطلق عليها اسم "عملية القيود".

وبحسب الصحيفة، وصف معلّقون يمينيون الخطة الحكومية، بأنّها "أكثر من مقرفة"، متهمين السلطات بالسعي لمحاباة المتطرفين ورشوتهم، بينما رحّب بها عدد من خبراء مكافحة الإرهاب، معتبرين في الوقت عينه أنّها "متأخرة".

ويقول محلّلون، وفق الصحيفة، إنّ هناك حاجة ملحّة للتنسيق ما بين الشرطة والاستخبارات ومؤسسات رعاية الصحة النفسية والعمل الاجتماعي، من أجل التعامل مع آلاف الأشخاص الذين يشكّلون تهديداً محتملاً، وهم معروفون لدى السلطات، ولكن لا يمكن توقيفهم والزج بهم في السجون، لعدم وجود أدلة قانونية بحقهم.

وتضم فئة هؤلاء 20 ألف متطرّف، ظهروا على رادارات أجهزة الأمن، لكنّهم لا يُعتبرون مصدر خطر كافياً يستدعي المراقبة على مدار الساعة. ومن مثل هؤلاء ظهر منفّذ اعتداء وستمنستر خالد مسعود، واعتداء مانشستر سلمان عبيدي، واعتداء جسر لندن خورام بوت، بحسب الصحيفة.

وسوف ينضم إلى هذه الفئة المتزايدة، العناصر السابقون في تنظيم "داعش" الإرهابي، العائدون من أماكن سيطرة التنظيم المتقلّصة في سورية والعراق.

وبحسب الصحيفة، فقد ذكر تقرير، الأسبوع الماضي، أنّ 425 رجلاً وامرأة وطفلاً، عادوا بالفعل إلى المملكة المتحدة، بينما لايزال مصير أكثر من 400 "جهادي" آخر سافروا إلى معاقل "داعش" مجهولاً حتى الآن.

ويدور جدل حول كيفية التعامل مع هذه الحالات، لا سيما في ظل غياب خطط حكومية استباقية، ووسط بقائهم تهديداً محتملاً قد يتم استغلاله في هجمات لاحقة.

ماكس هيل، المراقب المستقل لتشريعات الإرهاب، من بين الذين يدعون إلى التركيز على "إعادة الإدماج" وسط تحذيرات بأنّه لن تكون هناك أدلة كافية لمحاكمة جميع العائدين، أو سجنهم لفترة طويلة من الوقت.

وتحدّد وثيقة لوزارة الداخلية البريطانية، اطلعت عليها صحيفة "ميل أون صنداي"، استراتيجية للتعامل مع المتطرفين المعروفين الذين لا يمكن سجنهم، تقوم على تقديم الدعم لهم ومراقبتهم، كجزء من الجهود الرامية لمنع وقوع المزيد من الهجمات الإرهابية.

وستشهد "عملية القيود"، المقرّر تنفيذها في العام المقبل، وضع الأشخاص المستهدفين على رأس قوائم الانتظار، من أجل تأمين مسكن لهم من قبل مجلس الإسكان، في حال لم يكن لديهم مساكن مناسبة، فضلاً عن مساعدتهم في تلقّي التعليم أو التدريب أو حتى العمل، وإحالتهم إلى دائرة الصحة الوطنية لتلقّي رعاية نفسية.

 وسيتم تطبيق الخطة على أشخاص يتم اختيارهم من على قواعد بيانات وكالة الاستخبارات البريطانية "MI5"، الذين سيتم تقييمهم بعد استجوابهم من قبل أجهزة الأمن، قبل أن تتخذ لجنة محلية قراراً بشأن التدخل المطلوب تنفيذه.

ووفق الخطة، ستواصل عناصر الشرطة والضباط من برنامج مكافحة التطرّف، الاتصال بهؤلاء الأشخاص، من أجل تحديث تقييمات مخاطرهم.

ترحيب... ولكن

يصف رافايللو بانتوتشي، مدير دراسات الأمن الدولي في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، "عملية القيود"، بأنّها "فكرة رائعة".

ويقول بانتوتشي، لـ"ذي إندبندنت"، إنّ "هذا هو النهج الذي يجب اعتماده منذ مدة طويلة. لدينا مجتمع من الناس، لم يتم التعامل معهم بشكل قاطع".

ويرى أنّ رمي العبء الكامل لرصد المتطرفين، على الأجهزة الأمنية، "ليس واقعياً"، لاسيما مع المصادر الضخمة التي تتطلبها عمليات كهذه.

وفي هذا الإطار، يقول بانتوتشي للصحيفة، إنّه "بعد خمس هجمات، من الواضح أنّ شيئاً ما لا يعمل. الناس لا يمكن التنبؤ بها وعليك أن تأخذ ذلك في الاعتبار".

ولا يزال عدد المتطرفين المستهدفين غير واضح، ويُعتقد أنّ عدداً كبيراً من بين الـ20 ألفاً، لا يعرفون أنّهم موضوعون على رادار الأجهزة الأمنية.

من جهته، يصف أسامة حسن، الأصولي السلفي السابق الذي يحارب الآن التطرّف باعتباره أحد مؤسسي "مؤسسة كيليام"، خطة الحكومة البريطانية بأنّها "معقولة".

ويقول حسن لـ"ذي إندبندنت"، إنّه "من الواضح أنّ الحكومة تحدّثت عن قتل أكبر عدد ممكن بينما كان هؤلاء في الخارج، لكننا نعرف أنّ الكثيرين منهم عادوا مسبقاً".

ويأمل حسن، رئيس قسم الدراسات الإسلامية في "مؤسسة كيليام"، أن تتم محاكمة الغالبية العظمى من العائدين وسجنهم، قبل إلحاقهم في برامج مكافحة التطرف.

بيد أنّ ناقوس الإنذار، لطالما أُطلق منذ وقت طويل، حول دور السجون في تطرّف السجناء أو تشكيل خلايا إرهابية. وقد أبلغت المحكمة، أمس الثلاثاء، أنّ أحد قتلة الجندي البريطاني لي ريغبي (قتل على يد متطرّفين اثنين عام 2013) كان يحوّل زملاءه السجناء إلى الإسلام.

ويشير حسن، إلى أنّ نقص الدعم بعد السجن، يمكن أيضاً أن يؤدي إلى عودة الجهاديين إلى الجريمة أو التطرّف، مع تفاقم المظالم التي تقود إلى "حلقة مفرغة" من التطرف.

ويشيد حسن بخطة الحكومة لردع (الجهاديين) المحتملين، لكنّه يحذر في الوقت عينه، من أنّ بعض الذين اجتازوا البرنامج بنجاح، عادوا وتركوا وظائفهم أو منازلهم، وخضعوا لإغراءات "داعش". ويوضح "إذا كنا سنعيد دمج الناس في المجتمع، فعلينا القيام بذلك بالشكل الصحيح".

ولم تؤكد وزارة الداخلية، تفاصيل "عملية القيود"، لكنّها تقول إنّ مراجعة الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الإرهاب "مستمرة".

وتنقل "ذي إندبندنت" عن متحدّث باسم الوزارة قوله، إنّ "الحكومة ملتزمة ببذل قصارى جهدها لحماية مجتمعاتنا من تهديد الإرهاب".

وأضاف "من أجل مواجهة هذا التهديد، من الضروري أن نستخدم كل الوسائل المتاحة، وتدابيرنا الجماعية، لتحويل الناس بعيداً عن الأنشطة المتعلّقة بالإرهاب، ونحن نبحث أفضل السبل للقيام بذلك مع شركائنا".

دلالات

المساهمون