ثلاثة أعوام على اعتقال مرسي: حكاية حكمٍ وسجن

30 يونيو 2016
سنوات الاعتقال لم تُحبط مرسي (الأناضول)
+ الخط -
تحلّ بعد أيام الذكرى الثالثة لانقلاب الثالث من يوليو/تموز في مصر، التي أعقبت تظاهرات شعبية حاشدة، استغلها الجنرال عبد الفتاح السيسي، رئيس مصر الحالي، لإطاحة محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب. لم تنته الحكاية عند العزل؛ بل حرص السيسي على سجن ومحاكمة الرئيس المعزول، وملاحقة أنصاره والتنكيل بهم على مدى أعوام. كما لم تقف الانتهاكات والتضييقات عند أنصار مرسي وجماعته "الإخوان المسلمين"، وإنما نالت من كل صوت معارض، حتى وإن كان يوماً شريكاً أساسياً في تظاهرات 30 يونيو، والتي عارضت في حينها حكم "الإخوان".

تبرز قصة مرسي بين حكايات الآلاف من المعارضين لحكم السيسي، الذي تعرضوا للقتل والتنكيل والسجن. إذ يبقى أول رئيس مدني منتخب في مصر؛ لم يسمح له العسكر أن يدخل عامه الثاني في السلطة، واختاروا التدخل بالقوة لإعادة الحرس القديم، الذي أُطيح بثورة شعبية جارفة في 25 يناير/كانون الثاني 2011، إلى السلطة. كما يبقى الرئيس الذي يتلقى خبر الحكم عليه بالمؤبد أو الإعدام، كوجبة أسبوعية، عند المحطة الأخيرة من طريقه الدوري إلى المحاكم.

لدى مرسي أنصار كثر، يروون حكايته بتأثر كبير، هكذا هي حال أحد أعضاء فريق الدفاع عنه، خلال آخر جلسات محاكمته، بعد تلقيه حكماً بالسجن المؤبد في 18 يونيو/حزيران الماضي بقضية "التخابر مع قطر"، والسجن 15 سنة أخرى بدعوى "تسريب مستندات أمن قومي"، ومن قبلها أحكام بالإعدام شنقاً في قضية "اقتحام السجون"، والسجن المؤبد في قضية "التخابر مع حماس"، والمشدّد 20 عاماً بقضية "متظاهري الاتحادية". يقول عن مرسي: "يغمض عينيه تعباً بوجه يملؤه الألم، لكن ثباته وقوة إرادته، ما زالت كما هي".

ظهر مرسي عقب شهرين كاملين من انقلاب الثالث من يوليو/تموز، معلناً رفض أول سلسلة في محاكماته، وأعلن أنه ما يزال الرئيس الشرعي للبلاد.
حوكم في أكثر من سبعين جلسة حتى الآن، وظل متمسكاً بموقفه كرئيس "اختاره الشعب بحرية وديمقراطية".


انقلابٌ فخطف

وكانت تسريبات مدير مكتب الرئيس عبد الفتاح السيسي، اللواء عباس كامل، قد تطرقت "لاختطاف مرسي من جانب أعضاء المجلس العسكري، واحتجازه بشكل غير قانوني بوحدة عسكرية (هنجر)"، ما دفع اللواء ممدوح شاهين لإبداء تخوفه في مكالمة مع رئيس الأركان الحالي محمود حجازي، بشأن طعن هيئة الدفاع على مكان الاحتجاز، وسعى الجيش لاستخراج قرار من وزير الداخلية باعتبار المبنى "سجنا".

وقال شاهين في مكالمة مسربة: "مش هانقول إن المكان المتواجد به ‏مرسي هنجر عسكري، هانبعت عساكر أمن مركزي عشان لو حد هايصور، ويظهر كأنه سجن.. لو ماعملناش سلك شائك أو سور، وجبنا عساكر كده قضية التخابر ممكن تبوظ (تفشل)، ومرسي ها يبقى في الشارع لو طعن على القضية"، فرد حجازي "الوحدة الهندسية ممكن تنقله في 72 ساعة عشان يبقى سجن، وليس وحدة عسكرية"، فعقب الأول "أنا مهمتي أخلص الورق القانوني مع وزير الداخلية، وأنتم عليكم الباقي".


منع الزيارات

ولم يتلق مرسي إلا زيارة وحيدة من أسرته طيلة 36 شهراً (في الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2013)، في مخالفة للوائح السجون المصرية، وكافة المواثيق الحقوقية، فالزيارة ممنوعة عن الرئيس المعزول "من دون أسباب معلنة"، رغم تقدم فريق الدفاع عنه بطلبات متكررة إلى الجهات المعنية، قوبلت جميعها بالرفض، علما أنه مودع بسجن طره، التابع لوزارة الداخلية، وله الحق في زيارات أسبوعية وشهرية شأن أي سجين.

ووصل مرسي إلى منصبه الرئاسي بدعم من شباب الحركات الثورية، سواء من الإسلاميين أو من القوى الليبرالية، وفقا لاتفاق "فيرمونت"، إلا أن الأخيرة انقلبت عليه، وباركت انقلاب الجيش، الذي سرعان ما نكل بها، وزج برموزها في السجون.

وبدأت دعوات التظاهر ضد مرسي، عقب مرور المائة يوم الأولى في حكم الرئيس المدني، ما دفعه إلى إصدار إعلان دستوري يتضمن عزل النائب العام السابق عبد المجيد محمود، وإعادة محاكمات رموز النظام السابق، بعد القضاء ببراءة جميع ضباط الداخلية المتهمين بجرائم قتل متظاهرين في أحداث الثورة، ما أدى لخروج تظاهرات مؤيدة ومعارضة، ولعبت وسائل الإعلام على تأجيج الانقسام المجتمعي.


تاريخ معارض

ومرسي الحاصل على الدكتوراه في الهندسة من جامعة جنوب كاليفورنيا، ترك عملاً بوكالة "ناسا" الأميركية، وعاد ليرأس قسم هندسة المواد بجامعة الزقازيق، مسقط رأسه، وعارض نظام الرئيس المخلوع، حسني مبارك من خلال ترؤسه للكتلة البرلمانية لجماعة "الإخوان" في دورة (2000-2005)، ومشاركته في تأسيس الجمعية الوطنية للتغيير مع محمد البرادعي عام 2010، إلى أن انتخب رئيسا لحزب "الحرية والعدالة" في 2011.

واعتقل مرسي مرات عدة في عهد مبارك، أبرزها كان لفترة سبعة أشهر، بعد القبض عليه أمام محكمة شمالي القاهرة خلال مشاركته في تظاهرات شعبية، تندد بتحويل اثنين من القضاة (محمود مكي، وهشام البسطاويسي) إلى الصلاحية، بسبب كشفهما لوقائع تزوير انتخابات مجلس الشعب في عام 2005، فضلاً عن سجنه بوادي النطرون أثناء تظاهرات الثورة، وخرج مع معتقلين آخرين عند فتح السجون عقب أحداث "جمعة الغضب".