اليسار التونسي يطالب بالعدالة الانتقالية لمنتسبيه

اليسار التونسي يطالب بالعدالة الانتقالية لمنتسبيه

10 يونيو 2016
اليسار التونسي يتقدم بملفاته لهيئة الحقيقة والكرامة (فرانس برس)
+ الخط -

تهاطلت ملفات ضحايا القمع والاستبداد على هيئة الحقيقة والكرامة في الأسبوع الأخير، قبل انتهاء الأجل القانوني لقبولها. وما يلفت النظر، أن آخر المتوجهين للهيئة هم وجوه التيار اليساري بالبلاد، من أحزاب ومنظمات، إذ قدم حزب العمال وجمعية النساء الديمقراطيات وعدد من مناضلي حركة آفاق والعامل التونسي، ملفاتهم لدى الهيئة.

وقدم حزب العمال التونسي، أحد مكونات الجبهة الشعبية اليسارية ملفه لدى هيئة الحقيقة والكرامة، طالباً إدراجه بقائمة ضحايا القمع والاستبداد في الحقبة "البورقيبية" وحقبة الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. في السياق، قال القيادي بالحزب عمار عمروسية، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن عدد المحاكمات والمحكومين خلال نظامي بورقيبة وبن علي بلغ 800 ملف، سيتم تقديمها عن الحزب مع أدلتها وتفاصيلها.

وأوضح عمروسية، أن الحزب أخّر تقديمه للملف لأن هناك معطيات ومؤشرات وبيانات لا بد من تجميعها وتقديمها للهيئة كدلائل وقرائن على القمع والاستبداد والمحاكمات الظالمة التي تعرض لها أعضاؤه وقياداته، شأنه شأن الأحزاب الأخرى التي عانت من همجية الدكتاتورية.

وأبرز المتحدث ذاته، أن حزبه الذي تأسس عام 1986 كان محل ملاحقة من نظام بورقيبة، نظراً لأن مؤسسيه كانوا من المنتمين لـ"آفاق العامل التونسي" وعدة فصائل سياسية يسارية كانت تمثل الخصم الأول لبورقيبة، وسعى الأخيرة حينها لإخمادها ومجابهتها بالقمع، ما أن تشكل الحزب.

واختار حزب العمال، تقديم ملف جماعي بدل ملفات فردية، نظراً لأن "المظلمة كانت موجهة للحزب كفصيل سياسي تميز بمواقفه النضالية وآرائه، وتحركاته المناهضة للسلطة القائمة وسياساتها"، علاوة على أن الملفات الفردية عددها هائل، وتدور أغلبها حول انتهاكات وقمع بسبب الانتماء له وخوض التحركات التي يُقرها.

وأكد عمروسية في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن الهدف من تقديم الملف، هو "كشف الحقيقة للتونسيين، وتحديد المسؤولين عن القمع والاستبداد، وأجهزة الدولة التي كانت مسؤولة عن التعذيب وتتبع المنتمين للحزب".

إلى ذلك، يدرس حزب الوطنيين الديمقراطيين بدوره، مسألة تقديم ملفات لهيئة الحقيقة والكرامة، وأوضح القيادي بالحزب المنجي الرحوي في هذا الصدد، أن الحزب يعتزم تقديم ملف لإدراجه بقائمة ضحايا الحقبتين السابقتين، لما تعرض له أعضاؤه من قمع وتعذيب وتشويه ومتابعات. ولم يستبعد الرحوي، أن يتقدم الحزب بملف مؤسس الحزب شكري بلعيد، لهيئة الحقيقة والكرامة، فيما يتعلق بالانتهاكات التي حصلت في حقه في حقبتي بورقيبة وبن علي.

من جهتها، قدمت أرملة المناضل اليساري محمد بن جنات، ملف زوجها الراحل لهيئة الحقيقة والكرامة. ويُعتبر بن جنات، أحد قياديي حركة آفاق (برسبكتيف)، ومن أوائل سجناء الرأي في نظام بورقيبة، إذ اعتقل سنة 1967 إثر مسيرة حاشدة بالعاصمة، احتجاجاً على العدوان الإسرائيلي على مصر، وأصيب خلال المسيرة، ليتم اعتقاله وتوجيه عدة تهم له من بينها، "محاولة حرق سفارة الولايات المتحدّة الأميركية"، ونال حكماً بعشرين عاماً مع الأشغال الشاقة، ولم يتم الافراج عنه إلا في أواسط السبعينيات، بعد قيام حركة تضامنية عالمية مع قضيته، ما أجبر النظام "البورقيبي" على إطلاق سراحه.

بدورها، قدمت رئيسة جمعية النساء الديمقراطيات منية بن جميع، ملفاً باسم الجمعية للهيئة، من أجل كشف الحقيقة وجبر الضرر فيما يتعلق بالتجاوزات التي مورست على الجمعية ومسيريها وحتى المتعاطفين معها في حقبة الرئيس المخلوع بن علي.

للإشارة، تشهد هيئة الحقيقة والكرامة التي مضى عامان على تأسيسها وانطلاقها في أشغالها، في الآونة الأخيرة، حركية مكثفة في التوصل بالملفات والتظلمات، إذ قدم نائب رئيس حزب حراك الإرادة عماد الدايمي، أيضاً، ملفاً للهيئة باسم المهجرين في الحقبتين الماضيتين.