"حافة الهاوية" الإسرائيلية تجاه غزة... هل تكفي لمنع الانفجار؟

28 ابريل 2016
يفاقم الحصار من أزمات سكان القطاع (عبدالحكيم أبو رياش)
+ الخط -
لا يوجد ضامن للهدوء الحالي في غزة. مصر التي تخلت بشكل واضح عن ملفات القطاع عقب خلافاتها مع حركة "حماس"، لا تبدو في عجلة من أمرها للعودة إلى إدارة الملفات المرتبطة بالصراع بين قطاع غزة والاحتلال الإسرائيلي، ولا الملفات المرتبطة به كالتبادل والحصار وغيره، على الرغم من عودة "الود" ولو جزئياً بينها وبين الحركة الإسلامية.

يقول القيادي في "حماس"، النائب عنها في المجلس التشريعي، يحيى موسى، لـ"العربي الجديد"، إن مسألة الانفجار العسكري بين المقاومة الفلسطينية في القطاع والاحتلال لا يمكن تحديد موعد محدد لها، كونها مرتبطة بالفعل ورد الفعل من الطرف الآخر. ويشير موسى إلى أنّ الأمر يبقى مرجحاً للانفجار، في أي لحظة، جراء استمرار حالة الضغط التي تعيشها غزة. ويلفت إلى أنّ الاحتلال الإسرائيلي يعمل منذ بداية الحصار عام 2006 على محاولة إشغال المواطن الفلسطيني، وتعطيله، وخلق أزمات ومشكلات اجتماعية ومعيشية، بهدف كسر المقاومة في غزة.

ويوضح موسى أنّ رفع الحصار والتخفيف من الإجراءات التي يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي في الآونة الأخيرة، سيؤدي، إن حصل، إلى تبريد الساحة، وذلك من خلال إنهاء الحصار البري والبحري المفروض على القطاع منذ فوز حركة "حماس" في الانتخابات التشريعية عام 2006.

ويلفت موسى إلى أنّ الاحتلال، ومن خلال حصاره، أسهم في اصطناع الكثير من المشكلات للفلسطينيين في غزة، مع حالة زيادة معدلات البطالة والتعطيل المستمر في شتى مجالات الحياة وتوجيه حالة الوعي في مسارات خاطئة من أجل إضعاف المقاومة.

وفي السياق، يرى المحلل السياسي حازم قاسم، أنّ الهدوء السائد في قطاع غزة هشّ، ويمكن للأوضاع أنّ تنفجر إذا استمرت حالة الجمود التي يعيشها القطاع، والإهمال الرسمي من السلطة في رام الله، والتحفز الإسرائيلي الدائم، وعدم الاستجابة المصرية للمطالب الشعبية بفتح معبر رفح. ويوضح قاسم لـ"العربي الجديد"، أنّ استمرار الحصار الإسرائيلي (البري والبحري) على القطاع، وسياسة التقطير التي تتبعها دولة الاحتلال في إدخال المواد الضرورية للقطاع، وشحّ مواد الإعمار اللازمة لبناء ما دمره عدوان 2014، سيولد ضغوطاً متزايدة، ويدفع الناس للتفكير بالانفجار تجاه الاحتلال.

ووفقاً لقاسم فإن حالة الهدوء التي تتبعها المقاومة مرتبطة بالأمل بالتخفيف عن الناس في واقعهم المعيشي الصعب، لكنه يحذر من أنه إذا استمر الأمر على هذه الحالة فستجد المقاومة أن هدوءها في غير محله، وبالتالي تصبح فرص التصعيد أعلى. ويعتبر أنه في المجمل، فإن الحصار هو من سيفجر الأوضاع القائمة، في حال استمر على هذه الشاكلة. وما جعل موضوع الانفجار مطروحاً هو القرارات الأخيرة للاحتلال بوقف توريد الإسمنت الذي يعد السلعة الأكثر حيوية في العجلة الاقتصادية في القطاع، وبالتالي شعرت قوى المقاومة ولا سيما "حماس" أنّ الهدوء أغرى الاحتلال بتشديد الحصار لا تخفيفه.
ويبينّ قاسم أنّ العامل العسكري لن يكون هو المسبب في الانفجار المقبل، فكل من إسرائيل وحركة "حماس" لديهما جملة من الأسباب المعروفة لعدم الدخول في الحرب المقبلة، وإبعاد أي جولة تصعيد مفترضة إلى أقصى حد ليستكمل كل طرف ترتيب أوراقه، وخصوصاً أنّ أحد محددات العقيدة العسكرية المحدثة لإسرائيل هو جعل الفترة بين الحرب والأخرى تطول قدر ما يمكن.
ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني أنّ إسرائيل ستظل تلعب على فكرة "حافة الهاوية" فهي لن توصل الضغوط على غزة لحالة الانفجار، وستعمل على التراجع عن بعض الإجراءات فيما لو شعرت باقتراب الانفجار، مثل ما فعلت بموضوع الإسمنت، في مقابل أنها معنية باستمرار الضغط على المقاومة، كل ذلك في انتظار إتمام شبه اتفاق مع طرف دولي (يمكن أنّ يكون تركيا) بحيث تخفف الحصار في مقابل هدوء حقيقي.

ويشدد على أنّ التحذيرات من الانفجار في غزة لا تكفي، وقد تنفجر الأمور وتتدهور إذا استمرت حالة الجمود الحالية، وهو ما يلقي بالمسؤولية الوطنية على كاهل السلطة الفلسطينية، بأنّ تغير من طريقة تعاملها مع القطاع، وتعمل على تخفيف الحصار وهي تستطيع ذلك.
كذلك يلقي قاسم بالمسؤولية القومية على السلطات المصرية بالاستجابة لمطالب سكان القطاع، ولا سيما في ما يخص معبر رفح، والتعاطي الإيجابي مع بوادر حسن النية الحمساوية، وفق قاسم. ويعتبر أن الأهم لمنع أي انفجار مقبل هو إتمام متطلبات المصالحة الوطنية الداخلية، والبدء في إنهاء مظاهر الانقسام، وهي مسؤولية تقع على كل الأطراف الفلسطينية ولا سيما على الطرفين المنقسمين.

المساهمون