تونس: غياب الهيكلة والفوضى يسببان انقسامات في "الوطني الحر"

15 ابريل 2016
أربعة نواب استقالوا من كتلة الاتحاد (Getty)
+ الخط -
تزايدت الاستقالات من حزب وكتلة "الاتحاد الوطني الحر"، المشارك في الائتلاف الحاكم، في تونس، لتبلغ أربع استقالات من الكتلة، وسط تبادل اتهامات بين قيادة الحزب والمستقيلين الذين برروا مغادرتهم بـ"غياب الهيكلة وإقصائهم من القرار".

وتراجعت كتلة الاتحاد في البرلمان بعد تكوّن الكتلة الحرة (المنشقة على النداء) بـ 28 نائباً، لتصبح بذلك ثالث أكبر كتلة برلمانية. وأدت استقالة أربعة نواب من كتلة الاتحاد إلى تراجعها إلى المرتبة الخامسة حيث تفوقها كتلة "الجبهة الشعبية" بـ 15 نائباً.

ويشتكي النواب الأربعة المستقيلون؛ يوسف الجويني ونور الدين عاشور وعلي بالإخوة ورضا الزغندي، من عدم وجود هيكلة في الحزب.

ويؤكدون، في هذا السياق، أن "القرارات تؤخذ دون مشاركة جميع النواب"، مُبينين أيضاً أن "النواب غير قادرين على مواجهة ناخبيهم الذين يحاسبونهم على غياب التنمية في مناطقهم وعدم القدرة على التدخل الفاعل رغم أنهم قياديون ونواب عن حزب مشارك في الحكم".

ويبدو أن الحزب الذي وعد المرشحين للانتخابات التشريعية على قائمته بدعم جهودهم للتنمية، سرعان ما نكث بها، بمجرد حصوله على تمثيل نيابي مهم أهله للمشاركة في الحكم، بحسب منتقديه.

وسبق أن هدد أعضاء آخرون بالاستقالة، متهمين رئيس الحزب، سليم الرياحي، بالتفرغ لأعماله وشركاته والانصراف عن الحزب، متناسياً أن "استمراريته تستوجب هيكلته وتدعيم أطر أخذ القرار داخله".

وقال النائب المستقيل، يوسف الجويني، في حديث سابق لـ"العربي الجديد"، إن "الاستهتار بلغ حد عدم تأمين إيجارات مقرات الحزب الفرعية، وإن قيادة الحزب لن تتذكر ذلك إلا قبل الاستحقاق الانتخابي المحلي، وذلك حتى تخوضه وتحصل على تمثيل يمكنها من البقاء في الساحة السياسية كرقم مهم".

ولفت النائب علي بالإخوة، المستقيل من الكتلة، وليس من الحزب، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى ان "الخلافات وصلت إلى حد لا يمكن التغاضي عنه، وأن الحل الوحيد كان الاستقالة ومغادرة الكتلة، وذلك لدفع الحزب وبقية المنتمين إليه لإجراء نقد لأداء المرحلة الماضية والبحث عن مكامن الخلل فيها".

ولم ينف بالإخوة أن "أحد أسباب التوتر داخل الوطني الحر هي التفكير في إلحاق كتلته بالمجموعة النيابية لنداء تونس، وذلك حتى تستعيد مرتبتها الأولى في البرلمان"، لكنه ليس السبب الأول والأهم على حد تعبيره، مضيفا أن الكتلة "لها أجندة خاصة بها".

وتحفظ بالإخوة في الحديث عن المشاكل داخل "الوطني الحر"، مشيراً إلى "وجود اتصالات مع الحزب بهدف إثنائه عن قراره".


واعتبر أن هذا القرار "ليس نهائياً، ومتى جرى النظر في الخلل في الأداء البرلماني فقد يعود من جديد إليها".

من جانبه، قال النائب، رضا الزغندي، آخر المستقيلين من الوطني الحر، حزباً وكتلة لـ"العربي الجديد"، إن "هناك أسبابا موضوعية وأخرى ذاتية دفعته للاستقالة، أهمها رفضه أن يكون مصدر سخرية في منطقته نتيجة عجزه عن الوفاء بوعوده الانتخابية أو التدخل لفائدة المواطنين، لذلك فمغادرة الحزب ومجموعته النيابية ستجعله في حل من أي التزام أمام الناخبين".

وشدد على أن "موقعه كمستقل يسمح له بالتحرك والتصويت بكل حرية"، في إشارة إلى أن مسألة الالتزام بالتصويت في إطار التنسيق بين كتل الائتلاف الحاكم كبلت النواب وجعلتهم مسلوبي الحق في الاختيار وأيضاً مقيدين في تصريحاتهم، حول الأحداث والمسائل المهمة نتيجة انضباطهم في الحزب والائتلاف.

وندد الزغندي بما يحدث داخل "الوطني الحر"، من "غياب للهيكلة، فلا نظام داخلي ولا مكتب سياسي ولا هيئة تنفيذية"، معتبرا أن "غياب هذه المرجعيات جعل النواب غائبين عن أغلب المحطات المهمة داخل المجلس وخارجه وفاقدين لأي مواقف تذكر أمام الأزمات الوطنية، لأنه لا وجود لأطر لمناقشتها داخل الحزب".

ورفض النائب الرد على تصريحات رئيس الحزب، والتي وصف فيها المغادرين بـ"الفاقدين للرجولة" موضحاً (الزغندي) أن "الممارسة السياسية تتطلب رفعة في الأخلاق لا مهاترات وقذف شتائم".

إلى ذلك، كشفت مصادر مقربة من الحزب أن النائبة درة اليعقوبي، تقترب من الاستقالة بعد أن "استوفت محاولاتها في الإصلاح من الداخل". لكن النائب نور الدين المرابطي، نفى ذلك.

ورفض المرابطي ما يروجه المستقيلون من أسباب للاستقالة، قائلاً إن هؤلاء "لهم أسبابهم الشخصية والذاتية"، لافتاً إلى أنه "بدل التشكي من عدم الوفاء بالوعود كان على هؤلاء الحضور في مناطقهم والالتصاق بالمواطن والاستماع لمشاغله والدفاع عن حقوقه في الاجتماعات التي تحتضنها السلطات المحلية (المحافظة والبلدية)".