"سحر" كيري يطيح وزراء العبادي: عودة للمحاصصة الحزبية الطائفية

"سحر" كيري يطيح وزراء العبادي: عودة للمحاصصة الحزبية الطائفية

11 ابريل 2016
كيري أبلغ الكتل السياسية بوجوب دعم العبادي(جوناثان ارنست/فرانس برس)
+ الخط -
بعد زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى بغداد ولقائه قادة الكتل السياسية، بدت الأجواء داخل المنطقة الخضراء تتجه للاتفاق على صيغة جديدة للحكومة بشكّل مرضٍ لجميع الأطراف، لتكون بموجبها حكومة حيدر العبادي مؤلفة من 22 وزارة بدلاً من 16 كما عرضها العبادي سابقاً، واستبعاد أغلب الأسماء التي قدّمها رئيس الوزراء للبرلمان في 31 مارس/ آذار الماضي، واستبدالها بأخرى. يأتي هذا في الوقت الذي التزمت فيه الكتل السياسية التهدئة الإعلامية ووقف التراشق والاتهامات، بما فيها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر وتياره، الذي أحجم عن التصريحات منذ الجمعة الماضي.
ووفق مصادر حكومية وبرلمانية تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن التسريبات في الساعات الأخيرة تكشف أن القائمة التي رشحها العبادي في جلسة الخميس الماضي نُسفت بشكل شبه كامل إلا من بعض الأسماء، وتم الاتفاق على صيغة جديدة تتضمن قيام كل كتلة بترشيح ثلاث شخصيات لتولي الوزارات المخصصة لها ضمن حصتها في الحكومة ووفق الاستحقاق الانتخابي، ويكون للعبادي حرية اختيار أحد الشخصيات الثلاث، على أن يكون الوزراء المرشحون من قِبل الكتل من ذوي الاختصاص في الوزارة المرشحين لها، وألا يكونوا من الوزراء السابقين أو قادة الكتل السياسية.
ويكشف برلماني عراقي بارز لـ"العربي الجديد"، أن مكتب رئيس الوزراء تسلّم السِيَر الذاتية لمرشحي الكتل مساء السبت (بعد يوم واحد من زيارة كيري)، لافتاً إلى أن حكومة العبادي ستتألف من 22 وزارة، بعد تراجعه عن قرار الست عشرة وزارة فقط.

ووفقاً للتسريبات، فإنه تم استبعاد ترشيح الشريف علي بن الحسين من منصب وزارة الخارجية، وترشيح محمد علي الحكيم سفير العراق في الأمم المتحدة للمنصب، فيما تم ترشيح فاضل عبد النبي وكيل وزارة المالية الحالي لمنصب وزير المالية.

كما طرحت أسماء المهندس خالد حسن السامرائي وكيل وزارة الكهرباء الحالي كوزير لهذه الوزارة، وموسى الموسوي رئيس جامعة بغداد للتعليم العالي، ومصطفى الهيتي للتخطيط، والنائب بالبرلمان الحالي عبد القهار السامرائي لوزارة التربية، فيما طرح اسم رجل أعمال وسياسي عراقي يدعى لاوس الأورفلي، لتولي وزارة الزراعة، مع الإبقاء على وزيري الداخلية والدفاع.

ووفقا لمسؤول عراقي بارز، فإن رئيس الجمهورية ورئيسي الوزراء والبرلمان، عقدوا ليل أمس اجتماعاً مغلقاً لمناقشة الأسماء التي جرى ترشيحها والاتفاق على عرضها في جلسة يوم غد الثلاثاء. 

أما عن علاقة الاتفاق بزيارة كيري، فيكشف برلماني عراقي أن "كيري أبلغ الكتل السياسية بوجوب دعمها للعبادي في الوقت الحالي بسبب التحضيرات لمعركة الموصل وقرب انعقاد مؤتمر المانحين لإعمار المناطق المحررة من تنظيم داعش، والذي سيُعقد في الأردن الشهر المقبل، ووجوب إبقاء التنسيق عالياً، وتشديده على أنه لا يمكن جلب رئيس وزراء جديد في هذه المرحلة بالتحديد". ويلفت البرلماني إلى أنه "يمكن ملاحظة مدى قوة موقف العبادي في المحادثات الحاصلة، من خلال بدء بحثه التغيير الوزاري عبر الهاتف بدلاً من الاجتماعات التي كان يعقدها مع جميع الكتل بلا استثناء خلال الفترة التي سبقت وصول كيري إلى بغداد، إذ كان يتوجّه بنفسه إلى مقرات الأحزاب عكس ما يحدث الآن".

لكن هذا التوجّه الجديد أثار انتقادات من بعض الكتل، إذ اعتبرت كتلة "مستقلون" البرلمانية أن العبادي تراجع عن حكومة التكنوقراط بعد موافقته على نسف الأسماء السابقة واستقدام وزراء من بطون الأحزاب السياسية. ويقول عضو الكتلة محمد الشمري، إن رئيس الوزراء تراجع عن تشكيل حكومة تكنوقراط واختيار تشكيلة وزارية بعيدة عن تدخّل الأحزاب، لافتاً إلى أن الكتل السياسية استطاعت كسب المعركة وإعادة العراق إلى مربع الطائفية وإرادة الأحزاب، مشيراً إلى "أننا كنا نأمل أن تُشكّل حكومة تكنوقراط وفق معايير جديدة تنهي المحاصصة والتوافق الحزبي الطائفي".

إلا أن القيادي في "التحالف الكردستاني" محمد الجاف، يربط بين التطوّر في الأزمة وطريقها للحل مع زيارة كيري إلى بغداد، موضحاً في حديث لـ"العربي الجديد"، أن وزير الخارجية الأميركي التقى بالقيادات السنّية والكردية وبعض القيادات الشيعية، فكان الاتفاق على دعم الحكومة من خلال هذا الاتفاق بين العبادي والكتل السياسية، مشيراً إلى أن واشنطن لا يهمها في الوقت الحالي حكومة تكنوقراط تنهض بالخدمات وتقضي على الفساد بقدر ما يهمها ملفا الحرب على "داعش" واستمرار الحكومة إلى حين ترتيب وضع النازحين الذين ارتفع عددهم أخيراً إلى نحو أربعة ملايين نازح.