أهالي بغداد يخشون "عدوى ديالى"

أهالي بغداد يخشون "عدوى ديالى"

23 يناير 2016
خشية من عودة فتنة 2006/ 2008 (وسام العقيلي/فرانس برس)
+ الخط -

باتت المليشيات المسلحة الخطر الثاني، بعد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، الذي يهدد العاصمة العراقية بغداد، بمرحلة جديدة من الفوضى والدمار، بحيث عادت المخاوف من نشوب اعتداءات طائفية تتبناها جماعات راديكالية مسلّحة، لتنتاب سكان العاصمة. تأتي هذه المخاوف بعد اعتداءات تلك المليشيات الطائفية في ديالى، وسط عجز القوات الأمنية عن إيقافها.

اقرأ أيضاً: الحكومة العراقية عاجزة أمام "نزع سلاح المليشيات"

ويؤكد مدنيون من سكان بغداد، لـ"العربي الجديد"، أنّ المليشيات التي تنتشر في بغداد هي الأكثر قوة وسلطة ونفوذاً، وتتعامل وفق مبدأ طائفي. 

وجرى تقسيم مناطق بغداد منذ نشوب الفتنة الطائفية الماضية 2006 وحتى نهايات عام 2008، حسب الانتماء الطائفي، وهو ما يسهل على تلك المليشيات في أي وقت، الانتقام من طائفة بعينها أو إحداث مشاكل للضغط على الحكومة من أجل الحصول على مكاسب معينة، وهو ما يذهب إليه حاتم جسام من سكان حي الجامعة ببغداد.

ويضيف جسام، لـ"العربي الجديد"، أنه "في حال وقوع أي انفجار من قبل (داعش)، تتوجه المليشيات إلى مناطق الطائفة السنية للانتقام من سكانها، وهو ما حصل في المقدادية أيضاً بمحافظة ديالى بعد تفجير مقهى". 

ووقع في 11 يناير/ كانون الثاني الجاري، انفجار استهدف مقهى في منطقة المقدادية أوقع نحو 40 قتيلاً، فرض على أثره حظر للتجوال، لكن المليشيات قامت بعمليات إعدام للعديد من أبناء المنطقة من السنة، كما قامت بتفجير مساجد سنية، وفرضت حصاراً على المدينة انتهى بعد إنزال عسكري أميركي عراقي مشترك. 

وزار رئيس الحكومة العراقية، حيدر العبادي، ديالى يوم الخميس الماضي، في محاولة لتهدئة التوترات، لكنه لم يتمكن من دخول المقدادية، الأمر الذي يُشكل علامة أخرى على علامات فقدان الأمن.

وقالت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، في بيان، إن المليشيات بدأت بمضايقة السكان السنة في ديالى، وإنها نفذت هجمات بحقهم وأعدمت العديد من السكان السنة المحليين، وبات العديد من العوائل إما مشردة أو ممنوعة من العودة إلى ديارها. ورأت أن الهجمات في المقدادية على ما يبدو تُشكل جزءاً من حملة المليشيات لتهجير السكان من المناطق السنية والمختلطة طائفياً.

ويروي سيف الدين عزام، وهو من سكان حي الغزالية، لـ"العربي الجديد"، أن "الخوف يسيطر على أهالي بغداد، حيث تنتشر فيها دوريات للمليشيات، ونحن نعلم أن هذا الانتشار ليس سوى تهديد مبطن". ويضيف: "يقولون إن انتشارهم لمنع وقوع تفجيرات إرهابية، ويتهموننا بأننا إرهابيون ونؤوي عناصر من (داعش). هم يتهموننا علانية وبصراحة، وهذه إشارة إلى أننا مهددون في أية لحظة بالقتل أو الاعتقال. إنهم فوق القانون، وليس لنا خيار سوى السكوت". 

ويرى المحلل السياسي، علي الصميدعي، أن الوضع القائم في العراق بني على أساس تمكين المليشيات المسلحة من الإمساك بزمام الأمن الداخلي، لتنفيذ رغبات إيران. ويشير، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن الواجبات قُسمت على المليشيات بحسب تخصصاتها، مضيفاً أن "عمليات الخطف للشخصيات المهمة تتكفل بها مليشيا تابعة لإيران، ولا تقلد مراجع النجف أو كربلاء بل تتبع المرشد الأعلى في إيران، وهي من قامت بعمليات خطف لأجانب في العراق، وهذا يصب في صالح سياسة إيران للتفاوض مقابل مصالح تخصها". ويبين أن "قائد الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، هو من يقف وراء تقسيم الواجبات بين فصائل تلك المليشيات البالغة 53 مليشيا مسلحة".

وبحسب الصميدعي، فإن "تلك هي أهداف أساسية، كما يتضح لمن يتابع تحركات تلك المليشيات ومناطق وجودها، فيما لا تستطيع الحكومة العراقية القيام بشيء حيال ذلك، فالقوة باتت معروفة أنها لصالح المليشيات، كون الأخيرة ذراع إيران في البلاد، وباتت المسيطرة على الوزارات الأمنية فيها". 

ويضيف الصميدعي أن تلك الوقائع "يعلمها السكان في بغداد، وهذا ما يدعوهم للقلق، لقد عاشوا فيما مضى وضعاً مأساوياً لما تسببته المليشيات من عنف بحقهم ويخافون رجوعه". 

وكانت صحيفة "واشنطن بوست" قد أشارت في تقرير أخير لها إلى وجود مخاوف حقيقية من انتقال عمليات العنف الطائفي من ديالى إلى العاصمة بغداد، التي يردد المسؤولون بأنها آمنة، تزامناً مع عملية خطف ثلاثة أميركيين جرت قبل أيام.

ورأت الصحيفة أن المخاوف من انتقال العنف إلى بغداد دفعت رجال الدين الشيعة إلى الحديث عن ضرورة فك الاشتباك الطائفي الحاصل في ديالى. ولفتت إلى أن محافظة ديالى من أكثر المدن العراقية التي شهدت أعمال عنف، موضحة أن من أهم أسباب ذلك العنف كون المدينة تقع على الحدود مع إيران، مبينة أنها كانت دوماً نقطة بداية لأعمال العنف في العديد من المناطق الأخرى من العراق.

اقرأ أيضاً: جريمة صاخبة في ديالى ولا مغيث

المساهمون