تونسيون يقودون حملة "مانيش مسامح" للإطاحة بقانون المصالحة

تونسيون يقودون حملة "مانيش مسامح" للإطاحة بقانون المصالحة

11 سبتمبر 2015
رفض كبير لقانون المصالحة في تونس (أرشيف ـ الأناضول)
+ الخط -
تتواصل مشاورات اللحظات الأخيرة التي تسبق المسيرة المنددة بقانون المصالحة الاقتصادية بتونس، غداً السبت، والتي رفضت ‏الحكومة الترخيص لها، في حين تصر أحزاب المعارضة وحملة "مانيش مسامح" على عقدها وكسر المنع الذي يفرضه قانون الطوارئ‎.‎


وبعد فشل لقاء أمس بين الأحزاب المعارضة ووزير الداخلية، التقى زعيم الجبهة الشعبية حمة الهمامي، اليوم الجمعة، رئيس الدولة ‏الباجي ‏قايد السبسي، واستمر اللقاء قرابة الساعة وتطرقا خلالها إلى موضوعي المسيرة وقانون المصالحة، بالإضافة إلى قانون ‏الطوارئ ‏وتضييقه على الحريات‎.‎

كذلك وقع التطرق خلال اللقاء إلى الطريقة التي تعاملت بها قوّات الأمن في الأيام الأخيرة مع الاحتجاجات التي شهدتها‎ مدن ‏تونسية عدة‎.‎

وبخصوص قانون الطوارئ قال الهمامي إنّ البلاد "لم تعد في حاجة إلى هذا القانون وقد تبيّن بالكاشف أنّه استُغِلّ لضرب ‏‏الحراك الاجتماعي والمطالب الشعبيّة".‎

في المقابل، رفع منظمو حملة "مانيش مسامح" شعارات عديدة مندّدة تأتي ضد قانون المصالحة وضد منع التظاهر غداً السبت في ‏‏شارع الحبيب بورقيبة في تونس.‏

ويقف وراء "مانيش مسامح" متطوعون من الشباب ومكونات من المجتمع المدني ‏ونشطاء حقوقيون، وشدد هؤلاء على حقهم في ‏التظاهر غداً السبت في شارع الحبيب ‏بورقيبة، على الرغم من تحذيرات وزارة الداخلية، وعلى موقفهم الرافض قانون المصالحة.

منظمو الحملة أوضحوا في لقاء صحافي أُقيم في مقر نقابة الصحافيين، اليوم الجمعة، ‏رفضهم قانون الطوارئ الذي لا موجب له، ‏والخروقات التي تضمنها مشروع ‏قانون المصالحة.‏

ويقول المحامي شرف الدين القليل في تصريح لـ"العربي الجديد" إن حملة "مانيش ‏مسامح" تعتبر حراكاً مجتمعياً مواطنياً مستقلاً ‏عن الأحزاب السياسية وكل التنظيمات ‏السياسية، معتبراً أن هذا الحراك لم يولد من فراغ بل كان نتيجة عدة تراكمات ‏لنضالات ‏شباب آمنوا بالدفاع عن عدة قضايا كقضية شهداء وجرحى الثورة.‏

وأضاف القليل أن مشروع قانون المصالحة يمنح للفاسدين "عذرية" جديدة، وبالتالي ‏فإن تونس ليست في حاجة اليوم إلى أسباب ‏إضافية إلى الاحتقان الاجتماعي وأنها ‏تندرج ضمن المبادرات غير المسؤولة. ‏

اقرأ أيضاً: سبعة أشهر على حكومة "نداء تونس" و"النهضة"... تحالف التناقضات

ويبدو أن حملة "مانيش مسامح"، والتّي انطلقت بشكل محدود يوم 27 ‏أغسطس/ آب 2015 بمشاركة متطوعين من ‏الشباب وناشطي المجتمع المدنيّ، ‏استطاعت في وقت وجيز أن تكسر المركزيّة وتشكّل تنسيقيّات جهويّة في كلّ ‏المحافظات ‏التونسية، وتوسعت بذلك دائرة الاحتجاجات لتشمل أكثر من 15 ولاية ‏خلال الفترة القليلة الماضية على الرغم مما تعرض إليه منظموها ‏من اعتقالات وتعنيف ‏ومضايقات من الأمن.‏

ومع ذلك يصرّ شرف الدين القليل أنّ المتظاهرين غداً لن يتنازلوا أبداً عن حقهم في ‏التظاهر وسيتصدون إلى كافة محاولات ‏السلطة في مصادرة الشارع وحق التظاهر، ‏معتبراً أنّ تحذيرات وزارة الداخلية بوجود تهديدات إرهابية لن تثنيهم عن التظاهر، ‏‏مؤكداً أنهم شركاء في محاربة الإرهاب وأنهم أحرص من السلطة في محاربة هذه ‏الظاهرة ولكنهم يدعون إلى مقاومة الأسباب ‏الحقيقية للإرهاب من جوع وظلم وقهر ‏وجهل وفساد واستبداد‎.‎

ويواجه قانون المصالحة الاقتصادية الذي أطلقته مبادرة تشريعية رئاسية انتقاداً ‏واسعاً من الشارع التونسي وحتى من بعض ‏القضاة أنفسهم. وفي السياق يعتبر ‏القاضي أحمد صواب أن نص مشروع قانون المصالحة "ضعيف" المبنى وهزيل، إذ ‏يتضمن ثلاثة ‏محاور غير متجانسة ولا يمكن أن تناقش ضمن 12 فصلاً.‏

وأكد صواب لـ"العربي الجديد" أن المحور الأول يتعلق بالعفو عن الفاسدين من ‏الدولة وأن عبارة "الموظفين" الواردة في نص ‏المشروع تخفي وراءها الوزراء ‏وكتاب الدولة والمديرين العامين بالوزارات والولاة والمعتمدين والعمد ورؤساء ‏المؤسسات ‏العمومية والمنشآت العمومية والسفراء والقناصل، والذين سيحصلون ‏بموجب قانون المصالحة على عفو مباشر وفق الفصل 2 من ‏المشروع.‏

وأوضح أن هناك أكثر من 1300 مليار في القطاع البنكي كانت قد اختفت ولا يعرف‏‏ مآلها ومن حصل عليها، مما سيمهد لمزيد ‏من تبييض الأموال العمومية.‏

وذكر أن الملف الثاني في مشروع المصالحة يتعلق برجال الأعمال وينص الثالث ‏على جلب الأموال المهربة من الخارج.‏

وانتقد صواب كيف أن المحاور الثلاثة التي تم ذكرها ضمن مشروع المصالحة ‏وردت ضمن 12 فصلاً وإذا استثنينا الفصلين ‏الأولين لأنهما فصلان تقنيان يتعلقان ‏بشرح الأسباب فإن المشروع ككل ورد في 10 فصول وهو ما لا يستقيم قانونياً ‏ويستحيل ‏تقنياً معالجة الملفات الثلاث الكبرى في 10 فصول، كما أنه من الناحية ‏التشريعية يمسّ المشروع بقانون المصادرة وينسف ‏المؤسسات التشريعية ومنها ‏الهيئة العليا لمقاومة الفساد، كما أنه يخالف نص الدستور الذي ينص على القطع مع ‏الظلم والحيف ‏والفساد.‏

من جانبها، اعتبرت سمر التليلي العضوة بـ"مانيش مسامح" أنّ الحراك الذي تكون منذ ‏نحو شهرين ووجد التفافاً واسعاً من الشباب ‏الثوري‎.‎

وبيّنت سمر أنّ شعار "مانيش مسامح" وجد انتشاراً واسعاً على صفحات التواصل ‏الاجتماعي لأنه يتعلق بالدفاع عن الحقوق ‏ويطالب بمعرفة مصير ثروات البلاد و‏بمحاسبة الفاسدين‎.‎

واعتبرت أن هذا لا يعني أنهم ضد "المسامحة" ولكن تتم المسامحة فقط بعد المحاسبة ‏‏ فالمسامحة من دون محاسبة لا تجوز ولن تتم‎.‎

وقالت إن تخويف التونسيين بعدم التظاهر بحجة الإرهاب لن يدفعهم إلى التراجع، ‏فهم في مواجهة للإرهاب ولكنهم يأملون أن ‏تكون معالجة الإرهاب من جذورها وليس ‏بتمرير قانون يعمل على تبرئة الفاسدين وتبرئة من أجرم في حق التونسيين، مما قد ‏‏يعمق الحقد والتهميش والإحساس بالظلم.‏

‏ واعتبرت الناشطة الحقوقية والمناضلة نزيهة رجيبة في تصريح لـ"العربي الجديد" ‏أن هناك نيّات للتراجع عن المكاسب التي ‏تحققت إبان ثورة 14 يناير، وأنها تضم ‏صوتها إلى الشباب الثوري الذي يسعى إلى التغيير وإلى المضي قدماً، طالما أن ‏هؤلاء ‏الشباب يحمي الثورة.‏

‏وقالت رجيبة إن هذا القانون هو أحد مظاهر إهانة الثورة وإهانة دماء الشهداء الذين ‏صرخوا "الشغل استحقاق يا عصابة ‏السرّاق"‏‎.‎

وترى رجيبة أنّها بحكم عامل السن لا تستهتر بالمخاطر الإرهابية ولكنها في المقابل ‏تعرف ومنذ عهد الرئيس المخلوع أنه كلما ‏تم تخويف المتظاهرين بالإرهاب ‏وبسيناريو هجمات 11 سبتمبر/أيلول فإن تلك الفترات ستستغل لتمرير قوانين ضدّ ‏التونسيين وليّ ‏الإرادات.‏

اقرأ أيضاً: الحكومة التونسية ترفض الترخيص لتظاهرات مندّدة بقانون المصالحة