الوزيرة الأميركيّة السوداء تهاجم انتفاضة بالتيمور

الوزيرة الأميركيّة السوداء تهاجم انتفاضة بالتيمور

30 ابريل 2015
"الأميركيون السود يستحقون الحياة أيضاً" (Getty)
+ الخط -

من المفارقات التاريخية أنّ أوّل وزيرة عدل أميركية سوداء، لوريتا لينش، أصبحت المعنيّة بتمثيل الحكومة الفدراليّة في مواجهة تداعيات انتفاضة بالتيمور العرقيّة، مثلما كان على أوّل وزير عدل أميركي أسود، أريك هولدرز، التعامل مع احتجاجات الأميركيين السود في ميزوري، وأدّت تلك الأحداث في نهاية المطاف إلى استقالته من منصبه.

الفارق الوحيد بين هولدرز ولينش، أنّ الأوّل واجه المشكلة بعد مرور سنوات على توليه مهام منصبه، في حين أنّ لوريتا تواجه مشكلة مماثلة منذ اليوم الأول لتولّي مهامها. ولهذا السبب، فإن مستقبلها السياسي والمهني سيتوقف على مستوى أدائها في التعامل مع هذه المشكلة.

اقرأ أيضاً: الشرطة تفرّق محتجين خرقوا حظر التجول في بالتيمور

لكن لا يبدو من المؤشرات الأوّلية أنّ الوزيرة مدركة لعمق المشكلة، أو أنّها تتجاهل البعد العرقي لها، إذ دانت ووصفت الاحتجاجات بـ"الحمقاء". والملفت أنّها لم تستخدم هذا الوصف إلاّ بعد أن أجرت اتصالاً بالرئيس باراك أوباما، لتبادل الرأي معه حول ما يلزم فعله.

وجاءت تصريحات لينش بعد ساعات من أدائها القسم لمباشرة مهام منصبها، "أدين أعمال العنف الحمقاء من بعض الأفراد، التي نتج عنها إلحاق الأذى بضباط الشرطة وتدمير ممتلكات وتهشيم السلام في مدينة بالتيمور". وأضافت، في بيان لها: "سأضع كل موارد وزارة العدل لدعم الجهود لحماية أولئك الذين يتعرضون للتهديد، والتحقيق في المخالفات وتأمين نهاية للعنف".

يشار إلى أنّ الشاب فريدي غراي، الذي تسبّب مقتله في اندلاع انتفاضة عرقية في بالتيمور، عاش 25 عاماً في أحد الأحياء الغربية المهملة من المدينة، وتوفي متأثراً بإصابته بكسور في فقرات ظهره أثناء اعتقاله في 12 أبريل/ نيسان الجاري. ومثلما برّرت الشرطة في ولاية ميسوري خطيئتها بقتل الشاب مايكل براون، أنّه صاحب سجل سيئ، فقد حذت شرطة بالتيمور حذوها بالتبرير نفسه، غير أنّ هذه المبررات لم تكن كافية لدى الرأي العام لقبول إزهاق روح إنسان حتى وإن كان مجرماً.

وما زاد الأمر تعقيداً، أنّ تسجيلاً بكاميرا هاتف، جرى تناقله عبر موقع يوتيوب لواقعة الاعتقال، أظهر سحب الضحيّة بوحشية قبل نقله إلى مركز الشرطة. واتُهمت الأخيرة بتأخرها في نقله إلى المسشفى، على الرغم من تعرّضه للإغماء، إذ فارق الحياة بعد أسبوع. واعترفت الشرطة بالتأخير، ووجوب حصوله على مساعدة طبية فور إصابته.

ومنذ إعلان وفاته، خرجت تجمعات من المتظاهرين، كل مساء، تطالب بكشف ملابسات إصابته. وكان المتظاهرون يهتفون: "لا سلام من دون عدالة"، كما رفعوا شعار "الأميركيون السود يستحقون الحياة أيضاً".

اقرأ أيضاً: انتفاضة سوداء تقترب من البيت الأبيض والسبب أحداث ميريلاند

وبحسب شريط الفيديو، بدا شرطيان يجرّانه على الأرض وهو يصرخ من الألم. ثمّ نُقل في سجن متحرك للشرطة على مركبة، توقفت عدة مرات في طريقها إلى مركز الشرطة. وكانت وفاة هذا الشاب الأسود هي حلقة جديدة من سلسلة حوادث مشابهة وقعت خلال العام الماضي وهذا العام، أسفرت عن تأجيج مشاعر التفرقة العنصرية في الولايات المتحدة، إلى جانب الجدل حول عنف الشرطة بعد مقتل عدد من السود العزّل.

لم يكن إيقاف ستة من رجال الشرطة في بالتيمور كافياً لإيقاف التظاهرات التي تفاقمت وتحوّلت إلى أحداث شغب امتدّت إلى وسط المدينة، وتصاعدت إلى ما يشبه الانتفاضة الشعبية. بل إنّ بعض وسائل الإعلام الأميركية وصفتها بالثورة، الأمر الذي أجبر سلطات ولاية ميرلاند على التدخل في أعمال تعتبر في الظروف العادية من اختصاصات المدينة أو المقاطعة الواقعة فيها أعمال الشغب.

وبسبب عجز السلطات المحلية عن احتواء الموقف، أعلنت ولاية ميرلاند فرض حالة الطوارئ في بالتيمور، فيما سقط العديد من رجال الشرطة جرحى إثر الهجمات التي استهدفتهم، إذ عمد المحتجون إلى إلقاء الحجارة عليهم وضربهم بالقضبان الحديدية.

وأكّدت الصور الجويّة من الطائرات المروحية التابعة لبعض محطات التلفزة الأميركية، حدوث عمليات نهب واسعة للمحلات الكبرى وقطع الطرق، كما طاولت أعمال الشغب مراكز للخدمات المصرفية ومحلات بيع الأجهزة الإلكترونية.

وبرّرت سلطات الولاية إعلان حالة الطوارئ، بالحاجة إلى نشر الحرس الوطني في المدينة، بعد تصاعد المخاوف من تزايد أعداد المصابين من رجال الشرطة. وصرّح حاكم ولاية ميريلاند، لاري هوغان، في بيان: "لن نتهاون مع أعمال النهب وأعمال العنف". وأضاف: "رداً على هذه المصادمات، أعلنت حالة التعبئة في صفوف الحرس الوطني، ليكون قادراً على الانتشار سريعاً إذا اقتضى الأمر".

ولمجرّد إعلان حالة الطوارىء، وُضع خمسة آلاف عنصر من الحرس الوطني على أهبة الاستعداد لمساعدة الشرطة المحلية. ومع ذلك، ما زالت أعمال الشغب مستمرّة، والنيران تتصاعد في أماكن عديدة من بالتيمور، منذرة بتصاعد اشتعال الانتفاضة العرقية. وأوضح مفوض الشرطة في المدينة، أنطوني باتس، أنّ معظم المشاركين في أعمال الشغب "من طلاب المدارس".

اقرأ أيضاً: شرطة أميركا قتلت 14 مواطناً أسود العام الماضي

المساهمون