مصر: تفكّك ائتلاف "دعم الدولة" قبل انعقاد البرلمان

مصر: تفكّك ائتلاف "دعم الدولة" قبل انعقاد البرلمان

22 ديسمبر 2015
سعى النظام لاستغلال الانتخابات لتشكيل ائتلاف داعم له (الأناضول)
+ الخط -
يبدو أن ائتلاف "دعم الدولة"، المنبثق عن قائمة "في حب مصر"، التي خاضت انتخابات مجلس النواب ممثلةً النظام المصري برئاسة عبدالفتاح السيسي، بدأ يتفكّك قبل بدء جلسات البرلمان. وفشل منسّق التكتل البرلماني سامح سيف اليزل حتى الآن، في جمعِ نواب الأحزاب تحت راية الائتلاف الذي يُعبّر عن النظام الحالي، حتى أن أقرب الموالين للسيسي تراجع عن الانضمام إلى التكتل البرلماني.

كما أنه في حال استمرار انسحاب الأحزاب التي أعلنت رفضها الانضمام إلى الائتلاف، فمن المتوقع أن يلقى اليزل، مصير كمال الجنزوري، مستشار السيسي. ويعيد الموقف الحالي الذي يخيّم على المشهد السياسي، إلى الأذهان تجربة الجنزوري، الذي فشل في جمع القوى السياسية تحت رايته في قائمة موحّدة تعبّر عن النظام الحالي، ومن ثم استبداله باليزل.

ويذهب خبير سياسي إلى إمكانية استبدال اليزل بآخر يتمكّن من جمع مختلف الأحزاب التي لديها أعضاء في مجلس النواب، في ائتلاف يدعم النظام الحالي، أو إجراء تعديلات جوهرية على وثيقة الائتلاف لإرضاء الأحزاب المتعنتة حتى الآن. ورفضت أكثر الأحزاب حصداً لمقاعد مجلس النواب، الانضمام إلى الائتلاف، الذي تتكوّن غالبيته من المستقلين، اعتراضاً على سياسات وطريقة إدارة المشهد.

ويفتح فشل اليزل مجالاً واسعاً في تقارب الأحزاب، واحتمال ظهور تكتلات جديدة تحت قبة البرلمان، وهو ما يتوافق مع رغبة حزب "المصريين الأحرار". وتؤكد مصادر في "المصريين الأحرار"، وجود اتصالات مع بعض الأحزاب، منها من انسحب من الائتلاف، فضلاً عن نواب مستقلين، لتشكيل تحالف واسع يكسر أغلبية الثلثين التي تسعى لها ائتلاف "دعم مصر". ولم تفصح المصادر عن تفاصيل هذه الاتصالات وإن كانت لا تزال قيد مرحلة جس النبض، لاحتمال أن تكون الانسحابات محاولة للضغط على اليزل والنظام، لحصد مكاسب أكبر.

وتُظهر حسابات بسيطة، أن حصة أحزاب "المصريين الأحرار"، و"مستقبل وطن"، و"الوفد"، تقترب من 160 نائباً، وفي حالة نجاح أي من الأحزاب باستمالة بعض المستقلين، قد يفقد ائتلاف "دعم الدولة" أغلبية الثلثين، وعدم القدرة على حسمها، هذا بخلاف محاولات تشكيل ائتلاف "العدالة الاجتماعية".

وفي مفاجأة كبيرة، أعلن حزب "مستقبل وطن"، عبر رئيسه محمد بدران، أحد المقربين من السيسي، ويطلق عليه "الفتى المدلل"، عدم انضمامه لائتلاف "دعم الدولة". وخلال إقامة الحزب احتفالية بحصوله على نحو 51 مقعداً، بعضها عبر مشاركته في قائمة "في حب مصر"، هاجم بدران الائتلاف، متهماً إياه باحتكار الوطنية، فضلاً عن رفض إدارة التكتل البرلماني تحت القبة. وألمح إلى أن الائتلاف غرضه المصلحة فقط. وتلخّصت أغلب الاعتراضات من قِبل الحزب، حول رغبة الائتلاف في إلغاء شخصية الأحزاب والنواب، من حيث الاتجاه لتأسيس كيان كبير يهيمن على الحياة السياسية وأية انتخابات، وبالتالي تهميش دور الأحزاب.

وبحسب مصادر شبابية داخل حزب "مستقبل وطن"، فإن هناك خلافاً حول بعض الأمور الإدارية والتنظيمية بين القائمين على الائتلاف وقيادات الحزب، خصوصاً في ما يتعلق بحصة نواب الحزب في رئاسة اللجان. وتقول المصادر، لـ"العربي الجديد"، إن الحزب قرر الضغط على الائتلاف لإصلاح الملاحظات التي تم تقديمها للقائمين عليه، خصوصاً أن قرار الحزب النهائي لم يُتخذ بالانضمام بشكل نهائي للائتلاف. وتضيف أن قرار الحزب هو عدم الانضمام، ولكن قد تجدّ أمور ومناقشات للعدول عن القرار، وإن كان الأقرب عدم المشاركة.

وحول وجود خطط لتحالفات أخرى داخل المجلس، بخلاف الانضمام لائتلاف "دعم الدولة"، تلفت المصادر إلى أن كل شيء جائز، حول التحالف مع حزب أو أكثر أو مجموعة من المستقلين، ولكن ليس هناك تخطيط لذلك. وتؤكد وجود اتصالات مستمرة مع الأحزاب جميعها، بما فيها حزبا "المصريين الأحرار"، و"الوفد"، وغيرهما.

اقرأ أيضاً: مصر: أحزاب رجال الأعمال والوصول إلى "الثلث المُعطل"؟

موقف "مستقبل وطن"، لم يكن بعيداً عن حزب "الوفد"، الذي رفض هو الآخر الانضمام إلى ائتلاف "دعم الدولة"، بإجماع أعضاء هيئته العليا. وتقول مصادر في الهيئة العليا إن "الوفد" اتخذ هذا الموقف بسبب الاعتراضات على توجّهات وسياسات الائتلاف، فضلاً عن طريقة الإجبار في الانضمام إليه. وتضيف أن قيادات الحزب اعترضت لدى رئيس "الوفد" السيد البدوي، حول الانضمام واتخاذه قراراً منفرداً ولو بشكل مبدئي بالانضمام للائتلاف. وتشير إلى أن البدوي كان يظن أن بإمكانه أن يسير بالحزب إلى طريق التماهي مع الائتلاف لمجرد أنه تابع للنظام الحالي، ولكن هناك اعتراضات كبيرة على ما اعتبره "تجييش" كل الأحزاب حول السيسي لشخصه.

من جهته، يقول الخبير السياسي، محمد عز، إنه لا يمكن التكهن بأي حال من الأحوال، بأسباب الانسحابات المفاجأة للأحزاب من ائتلاف "دعم الدولة". ويشير عز لـ"العربي الجديد"، إلى أن قيادات حزبي "الوفد" و"مستقبل وطن"، أعلنوا أنهم لم ينضموا من الأساس، وهو ما يطرح تساؤلاً حول سبب عدم نفي الانضمام قبل أسابيع، خصوصاً أنه تردد على لسان منسّقي الائتلاف أنهم ضمن التشكيل الرئيسي.

ويذهب إلى إمكانية استبدال اليزل بشخص آخر يجمع كل الأحزاب، خصوصاً بعد ظهور خلافات بين الرجل ومساعديه وقيادات الأحزاب الأخرى، وبالتالي يهدد بارتباك شديد في المشهد الحالي. ويتوقع عز أن تكون هناك محاولات ضاغطة من الأحزاب المنسحبة بسبب خلافات على تقسيم المصالح بينها، وبالتالي الفرصة قائمة للعودة، لو تمت ترضيتها بمناصب ومكاسب معينة.

من جهته، يقول الخبير في مركز الأهرام، يسري العزباوي، إن "الائتلاف سيتفكك بشكل كبير إما عاجلاً أو آجلاً، نظراً لعدم وجود رابط أيديولوجي، والرابط الأساسي هو المصلحة، وإذا كانت المصلحة مع طرف آخر سينتقل النواب إلى تكتل جديد قد ينشأ خلال جلسات المجلس، وليس بالضرورة الآن". ويضيف العزباوي لـ"العربي الجديد"، أن "الكتلة الرئيسية في الائتلاف هم المستقلون، ويصعب السيطرة عليهم بالصورة التي يتحدثون عنها، وبالتالي كتلة الـ400 لن تدوم خلال جلسات المجلس".

اقرأ أيضاً: فتنة "ائتلاف الدولة" تضرب الأحزاب المصرية

المساهمون