البرامج الانتخابية تستعيد زخمها تركياً

04 أكتوبر 2015
اتخذت القضية الكردية حيّزاً كبيراً من البرنامجين (أوكان أوزير/الأناضول)
+ الخط -
بدأت مختلف الأحزاب التركية مرحلة الكشف عن برنامجها الانتخابي، قبل أقل من شهر من موعد الانتخابات التشريعية المبكرة في الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل. وفي هذا الصدد، أعلن كل من حزب "الشعب الجمهوري" (أكبر أحزاب المعارضة)، وحزب "الشعوب الديمقراطي" برنامجيهما الانتخابيين، من دون تغييرات كبيرة على برامجهما السابقة.

وتحت شعار "تركيا أولاً"، كشف زعيم "الشعب الجمهوري" كمال كلجدار أوغلو، عن البرنامج الانتخابي، الذي لم يشهد أي تغييرات جوهرية، باستثناء الموقف من اللاجئين السوريين. ولم يركّز كلجدار أوغلو على الاقتصاد فقط، كما في الانتخابات السابقة، كان للقضية الكردية أيضاً، وللشباب حصة الأسد منه.

واتخذت القضية الكردية حيّزاً واسعاً هذه المرة في برنامج "الشعب الجمهوري"، تحت عنوان "المصالحة الاجتماعية والقضية الكردية"، من دون أن تطرأ أي تغييرات في موقف الحزب من عملية السلام بين الحكومة والأكراد. ويدعو "الشعب الجمهوري" إلى إعادة عملية السلام إلى البرلمان، مما يعني تحويل "الشعوب الديمقراطي" إلى ممثل شرعي ووحيد للمطالب القومية الكردية، واستبعاد حزب "العمال" الكردستاني، الذي صعّد ضد الحكومة التركية، وشنّ عدداً من الهجمات لاستعادة "شرعيته" كطرف رئيس إلى جانب زعيمه عبد الله أوجلان في العملية.

اقرأ أيضاً: تركيا: داود أوغلو يحيّد أردوغان عن الحملات الانتخابية

ووجّه البرنامج انتقادات شديدة للطريقة التي اعتمد خلالها "العدالة والتنمية" حلّ القضية الكردية، من خلال المفاوضات السرية مع أوجلان عبر القيادات الأمنية والاستخبارات. كما ينتقد البرنامج المفاوضات مع "العمال الكردستاني" بوساطة "الشعوب الديمقراطي، معتبراً إياها "تجاوزاً للبرلمان، ومفتقدة الشرعية الديمقراطية". ويشير إلى أن "هذه الطريقة تمنح المزيد من القوة لأولئك الذين يحملون السلاح"، في إشارة إلى "العمال".

وسيشمل برنامج "المصالحة الاجتماعية": إنشاء لجنة برلمانية للتحقيق في عمليات التعذيب في سجن ديار بكر، وعمليات القتل التي انتشرت في التسعينات وتُعرف باسم "جرائم الفاعل المجهول"، التي تتحمل الاستخبارات التركية مسؤولية جزء كبير منها، إلى جانب "الكردستاني".

كما يشمل البرنامج التحقيق في مجزرة ديرسيم (تونجلي)، التي ارتكبتها السلطات التركية بحق العلويين البكداشيين (أكراد وأتراك) في عام 1937، ومجزرة روبوسكي (28 ديسمبر/كانون الأول 2011) التي أدت إلى مقتل مدنيين أكراد، بعد أن قامت الطائرات التركية بقصفهم، إثر إخبارية خاطئة عن كونهم عناصر تابعة لـ"الكردستاني". كما يتضمن البرنامج طلب اعتبار يوم عيد النوروز في 21 مارس/آذار من كل عام عطلة رسمية، وحماية الحقوق الاجتماعية والاقتصادية لتنظيم "حماة القرى"، الذي أنشأه الجيش التركي، من القرويين الأكراد لمواجهة "الكردستاني".

وفي ما يخص الوعود الاقتصادية، لم تختلف عن تلك التي احتواها برنامج الانتخابات السابقة (7 يونيو/حزيران الماضي)، والتي وُصفت حينها بـ"الوعود الأفلاطونية غير القابلة للتحقق"، كـ"مشروع تركيا المركز"، الذي يهدف لتحويل تركيا إلى مركز لوجستي عالمي. ويتضمن المشروع: إنشاء مدينة كبيرة وسط الأناضول بكلفة 200 مليار دولار على مدى 20 عاماً، ويهدف إلى تشغيل 2.2 مليون تركي.

وفي حال فوزه الانتخابي، وعد "الشعب الجمهوري"، بأنه سيتخذ "الترتيبات اللازمة في أول 100 يوم له في السلطة، لدفع راتب إضافي للمتقاعدين خلال الأعياد الدينية، واعتماد قانون بشأن التأمين الأُسري، ووضع حد التوظيف من الباطن (الموظفين غير المسجلين بالدولة ولا يتمتعون بالتأمين الاجتماعي والصحي)، ورفع الحدّ الأدنى للأجور، وإعفاء المواطنين من 80 في المئة من ديونهم بسبب القروض وبطاقات الائتمان، وتأجيل تسديد القروض الجامعية لحين تخرج الطالب وحصوله على فرصة عمل".

أما على مستوى السياسة الخارجية، فلم يطرأ تغيير كبير من موقف الحزب الموالي للنظام السوري، سوى باستخدام لهجة أقل وضوحاً في دعمه. ويؤكد البرنامج أن "الحزب لن يتخذ سياسات خارجية طائفية، لذلك سيقوم بتعزيز العلاقات مع كل من مصر وإسرائيل وسورية، ويعيد فتح السفارات".

ووفقاً لكلجدار أوغلو، فإن "الحزب سيبتعد عن السياسات التركية الحالية بما يتعلق بالأزمة السورية، وسيتخذ موقفاً حيادياً، وسيقوم بالعمل مع كل من المعارضة السورية والنظام السوري لحلّ الأزمة. سنُبقي على علاقاتنا مع المعارضة، وسنعمل على الاتصال بالحكومة السورية".

وبعد فشل برنامج تدريب وتسليح المعارضة السورية المعتدلة، تعهّد "الشعب الجمهوري" بـ"إنهاء العمل بالاتفاقية الموقعة مع واشنطن في هذا الشأن"، معتبراً إياها "مخالفة للقانون الدولي وعلاقات حسن الجوار". كما يبدو أن الحزب ينوي التراجع عن مشروع "المنطقة الآمنة"، إذ يضع كلجدار أوغلو شرطاً واحداً من أجل إنشاء هذه المنطقة، وهو أخذ الإذن من النظام السوري ودعم قوى التحالف الدولي ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).

وعن الموقف من اللاجئين السوريين، فقد اتخذ الحزب هذه المرة موقفا أقل حدّة من الموقف الذي اتخذه أثناء الانتخابات السابقة، والذي أثار انتقادات شديدة له، إذ لم يدع كلجدار أوغلو هذه إلى إعادة السوريين إلى بلادهم، لكنه أطلق عليهم اسم "لاجئين" لا "ضيوف" كما يرد في أدبيات الحكومة التركية. ويشدّد الحزب على أن "جميع احتياجات السوريين من تعليمية وصحية وسكن، يجب تأمينها"، مشيراً في هذا السياق، إلى أنه "يخطط لإقامة مؤتمر دولي للاجئين السوريين، تحت سقف الأمم المتحدة، بمشاركة كل من الأردن ولبنان".

في غضون ذلك، كشف حزب "الشعوب الديمقراطي"، في العاصمة أنقرة، يوم الجمعة، عن برنامجه الانتخابي تحت شعار "مصرّون على السلام. مصرّون على الحرية. مصرّون على الشعوب الديمقراطي". ولم يخرج خلالها عن البرنامج الانتخابي السابق سوى بإضافة مطالب "الحكم الذاتي" إلى الوعود.

ويلفت الرئيس المشارك لـ"الشعوب الديمقراطي" صلاح الدين دميرتاش، إلى أن حزبه "يمثل الخيار الثالث في البلاد، فنحن حزب الكتلة المظلومة، حتى الآن كان يُقدم لنا خياران، إما أن نكون عرقاً واحداً، أو أن نفترق". ويضيف "أضعنا الكثير من الوقت بين خياري التمرّد والإنكار (إنكار وجود الأقليات)، ونحن كحزب نقول بإننا لسنا مجبرين على أحد هذين الخيارين".

كما يُفرد برنامج "الشعوب الديمقراطي" فصلاً كاملاً من أجل حقوق المرأة والمساواة في المعاملة مع الرجل، كما خصّص فصلاً بعنوان "لأجل وطن مشترك وحياة حرة"، يؤكد من خلاله على إصراره على حلّ ديمقراطي وسلام دائم. ويُحمّل الحزب في هذا الإطار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مسؤولية عودة الاشتباكات مع "الكردستاني"، قائلاً: "على الطرفين أن يسكتا السلاح، ويوقفا إراقة الدماء، ويعودا إلى طاولة المفاوضات".

وبعد اعتقال عدد من رؤساء البلديات التابعة لحزب "الشعوب الديمقراطي"، بسبب "إعلانهم للحكم الذاتي" إثر اندلاع الاشتباكات بين أنقرة و"الكردستاني"، في يوليو/تموز الماضي، أضاف الحزب مطلب "الإدارة الذاتية" إلى البرنامج الانتخابي، معتبراً أن "ذلك يوحّد الدولة التركية، ومن الممكن تحقيقه في ظل نظام برلماني ديمقراطي".

ويلفت في هذا الصدد، إلى أنه "علينا أن نقوم بخطوات دستورية لإزالة وصاية المركز على الإدارات المحلية، الأمر الذي سيشمل تركيا كلها. وسنأخذ بعين الاعتبار العوامل الاجتماعية والسياسية والثقافية والبيئية والاقتصادية والجغرافية، وسيتم تحديد الأقاليم، وتشكيل مجالس نيابية لكل إقليم، وتطوير مفهوم إدارة محلية، قادرة على محاربة الفساد والسرقة، ويُسمح لها أيضاً باستخدام اللغة الأم، في المجال العام ونشر فكرة البلديات متعددة اللغات".

كما يُبدي برنامج "الشعوب الديمقراطي" معارضته النظام الرئاسي، مطالباً بـ"إزالة العتبة الانتخابية، وإصلاح القضاء، وإنهاء نظام قوات حماة القرى، ومحاكمة أولئك المتهمين بارتكاب جرائم منهم، وإلغاء إدارة الشؤون الدينية واستبدالها بمؤسسة شؤون المعتقدات والأديان، وإنهاء وصاية الدولة عن هذا المجال، وأيضاً رفع الحدّ الأدنى للأجور إلى ألفي ليرة تركية (669 دولاراً)".

اقرأ أيضاً: قوائم مرشحي الانتخابية التركية: انتفاضات و"ستاتيكو"