"حماس" وإيران تتّجهان إلى إذابة جليد الخلافات

"حماس" وإيران تتّجهان إلى إذابة جليد الخلافات

16 ديسمبر 2014
مصلحة متبادلة بين الطرفين لاستئناف العلاقات(عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -
تعكس الزيارة الأخيرة لوفد من حركة "حماس" إلى العاصمة الإيرانية طهران، والإشادة الإيرانيّة الدائمة بالحركة، إلى جانب الشكر الذي وجّهه أخيراً، الناطق العسكري لكتائب القسّام، أبو عبيدة، وخصّ به إيران، الرغبة المشتركة لدى الجانبين في استئناف العلاقات، بعد "انقطاع" أو "فتور" دام سنوات عدّة، منذ اندلاع الثورة السوريّة، التي رفضت في بدايتها الحركة الإسلاميّة، دعم النظام والوقوف إلى جانبه ضدّ شعبه.
وكما ترغب "حماس" في إعادة الودّ إلى علاقتها مع أكبر الداعمين لها، ماليّاً وعسكريّاً للخروج من أزمتها السياسيّة وعزلتها، فإن إيران ترغب، أيضاً، في أن تكون علاقتها متينة مع كلّ الأطراف الفاعلة على الساحة الفلسطينيّة، خصوصاً "حماس"، التي تتقاطع أفكارها وسياساتها مع أهداف الثورة الإيرانيّة المتعلّقة بالقضيّة الفلسطينيّة.

ولم يتردّد الناطق العسكري لكتائب القسام، أبو عبيدة، في احتفال غزة بانطلاقة "حماس"، في شكر "كل من دعم المقاومة، وعلى رأسهم جمهورية إيران الإسلامية"، والتي قال إنّها "لم تبخل علينا بالمال وبالسلاح وبأمور أخرى، وأمدّتنا في المقاومة بالصواريخ التي دكّت حصون الإسرائيليين في صولات وجولات مضت مع المحتل". ولم يغفل كذلك الإشارة إلى أنّها "دعمتنا بالصواريخ النوعيّة المضادة للدبابات والتي حطمت، بقوة الله تعالى ثم بإيمان مجاهدينا، أسطورة الميركافا الإسرائيلية"، مقدّماً الشكر كذلك إلى قطر وتركيا على دعمهما القطاع والمقاومة الفلسطينيّة.

ويشير القيادي في حركة "حماس"، إسماعيل رضوان، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ الزيارة التي قام بها وفد رفيع من حركته إلى طهران، تهدف إلى "ترتيب وتجديد وإعادة العلاقات مع النظام الإيراني"، لافتاً إلى أنّ "علاقات حماس مع إيران لم تنقطع ولكنّها شهدت نوعاً من الفتور، بسبب موقف الحركة من الأزمة السوريّة".
ويوضح رضوان أنّ "الزيارة جاءت لاستئناف العلاقات بين النظام الإيراني وحماس، لتحقيق مصالح الشعب الفلسطيني والمقاومة"، لكنّه يتحفّظ على الإفصاح عن مدى تطوّر هذه العلاقة، بانتظار معرفة نتائج الزيارة.

من جهته، يذكّر الكاتب السياسي، إبراهيم المدهون، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، بأنّ "إيران كانت من أكبر الداعمين لحركة حماس قبيل الأزمة السورية، وعلى الرغم من حالة الفتور التي أصابت العلاقات بين الجانبين، لكنّها لم تنقطع بشكل كامل". ويوضح أنّ "هناك الكثير من الأوراق التي تحتاج إلى إعادة ترتيب في المنطقة، خصوصاً بعد الكبوة التي أصابت الربيع العربي، وتحاول حماس، من خلال استئناف علاقتها مع إيران، ترتيب بعض أوراقها"، لافتاً إلى أنّ "حماس معنيّة بإعادة العلاقة ما بين النظام الإيراني والمقاومة الفلسطينيّة، خصوصاً في ما يتعلق بالدعم المالي والعسكري والسياسي لها".
ولا يستبعد المدهون رغبة إيران، من جهتها، في إعادة العلاقة مع حركة حماس، للإبقاء على بعض علاقاتها العربيّة، "خصوصاً بعد ما أنتجته الأزمة السوريّة من مواقف إيرانيّة لم تُعجب العرب بشكل عام"، لكنّه يستبعد أنّ "تعود العلاقات بين الطرفين إلى ما كانت عليه قبل الأزمة السورية بشكل سريع، وإن كانت ستتقدّم في الوقت الراهن بخطوات إيجابية كبيرة، على طريق استئناف تلك العلاقات بقوة في وقت لاحق".
ويتوقّع المدهون "خطوات أكثر عمقاً مستقبلاً، في العلاقات بين إيران وحماس، ومن أهمها زيارة رئيس المكتب السياسي للحركة، خالد مشعل، إلى طهران ليتمّ بعد ذلك استئناف الدعم المادي والمعنوي للحركة".

وتُدرك "حماس"، وفق ما يقوله المحلل السياسي، تيسير محيسن، لـ"العربي الجديد"، من خلال زيارة وفدها طهران، أنّه "لا بدّ من إعادة تصحيح العلاقة مع إيران، لأن مصلحة القضية الفلسطينية تستدعي تجاوز أيّ نقطة خلاف مع أي طرف عربي أو إسلامي". ويرى أنّ "إيران لم تغلق الباب أمام حماس، لأنّ مصلحتها تستدعي أن يكون لديها علاقات مع كل الأطراف الفاعلة على الساحة الفلسطينية وحماس من أهمها"، مشدّداً على أنّ "إيران تعتبر أنّ كلّ الأطراف التي تتبنّى خطّ المقاومة في فلسطين، هي أطراف تتقاطع توجّهاتها مع أهداف الثورة الإيرانيّة".

وفي حين يستبعد أن "يذوب جليد العلاقات بين حماس وطهران في لقاء أو اثنين، باعتبار أنّ عودة العلاقات يحتاج إلى وقت كاف، واللقاء الأخير ستتبعه لقاءات أخرى حتى تعود العلاقات أفضل مما كانت عليه"، يرى محيسن أنّ "حماس تحاول حلّ أزماتها الداخلية، خصوصاً في قطاع غزة، من خلال الأطراف الداعمة لها والتي تتقاطع معها في الموقف السياسي والتوجّهات بشكل عام والتي تعتبر إيران من أهمها".
وكانت حركة "حماس" على علاقة متينة مع النظام الإيراني، لكنّ هذه العلاقة تأثرت بموقف الحركة المؤيّد للثورة السوريّة ضد نظام الرئيس السوري، بشار الأسد، والتي تعتبر إيران أحد أهم الداعمين له في المنطقة. وتأثرت "حماس" بتوقّف الدعم الإيراني عنها.