نتنياهو يستغلّ كورونا للتحالف مع اليمين المتشدد في أوروبا والبرازيل

بروباغندا نتنياهو: استغلال كورونا لتأسيس تحالف مع اليمين المتشدد في أوروبا والبرازيل

13 مارس 2021
يحاول نتنياهو الاستفادة من الاختلاف حول سياسة اللقاحات المشتركة (عبير سلطان/فرانس برس)
+ الخط -

يسعى رئيس وزراء الاحتلال الاسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى استغلال جائحة كورونا، والتأخير الأوروبي في تطبيق سياسة لقاح مشترك، من خلال بروباغندا انتخابية بتحالف مع تيار يميني قومي متشدد في أوروبا والبرازيل.

فإذا كانت كوبنهاغن لم تهدأ بعد على خلفية سفر رئيسة الوزراء ميتا فريدركسن، يسار وسط، برفقة مستشار النمسا، سبستيان كورتز، إلى تل أبيب قبل أكثر من أسبوع، ودخولها في "شراكة" مع رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، حيث يصنفها "حزب الشعب الاشتراكي" اليساري بأنها "محاولة جعل الدنمارك كغبي مفيد لنتنياهو"، على ما نقلت عن هذا الحزب صحيفة "بوليتيكن" اليوم السبت، فإن الأمر لا يبدو كذلك لرئيسي وزراء المجر وجمهورية التشيك، فيكتور أوربان وأندريه بابيس.

فالسياسيان القوميان المحافظان قاما الأربعاء الماضي بذات الخطوة النمساوية والدنماركية السابقة، حيث يبدو أن نتنياهو يسعى أكثر نحو إقامة علاقات بين معسكره اليميني المتشدد وهذا النوع من الزعامات الأوروبية، التي يُنظر إليها على أنها تشق السياسة المشتركة لدول الاتحاد الأوروبي. وقبل أقل من أسبوعين على انتخابات الكنيست، يحاول نتنياهو الاستفادة بأقصى طاقة من حالة الاختلاف الأوروبي حول سياسة اللقاحات المشتركة، وبالأخص مع انضمام المستشار النمساوي إلى جوقة منتقدي تلك السياسات.

وعلى الرغم من الشكوك التي يطرحها مراقبون وأحزاب سياسية أقرب إلى الليبراليين واليسار على حدّ سواء، حول جدوى "تحالف مواجهة كورونا"، الذي يوحي الجانب الإسرائيلي أنه بصدد تشكيله، يبدو أن نتنياهو ماضٍ بالفعل في مسار استغلال السجال الأوروبي. فقد عبّرت رئيسة وزراء النرويج (ليست عضواً في النادي الأوروبي)، إيرنا سولبيرغ، يمين محافظ، عن رغبتها أيضاً أمس الجمعة، بـ"تقييم ما إذا كان من الممكن الانضمام إلى التعاون مع إسرائيل"، بحسب ما نقلت صحيفة "داغيغنس نيوهتر".

من جهته، ينظر رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل بتشكيك إلى خطوة التقارب الأوروبي القومي المحافظ مع الجانب الإسرائيلي، وخصوصاً أنها خطوة "البحث عن كبش فداء"، في تلميح إلى أن الدول التي تتقارب مع تل أبيب توجه سهام انتقادها للاتحاد الأوروبي. وفي رسالة مفتوحة الأسبوع الماضي، ذكّر ميشيل بمثل أوروبي يقول "لا يجب عبور النهر للحصول على الماء، فمعظم جرعات اللقاح المستخدمة في إسرائيل جاءت أصلاً من بلجيكا"، في انتقاد مبطن لمحاولة دولة الاحتلال تسويق نفسها وكأنها مصدر اللقاحات.

وفقاً لحديث مصادر من داخل البرلمان الدنماركي لـ"العربي الجديد" فإن رئيسة الوزراء مدعوة الأسبوع القادم للمثول أمام لجنة الدفاع والخارجية في البرلمان الدنماركي، بعد أن تزايدت الانتقادات لسياساتها المتقاربة مع تل أبيب

ووجهت انتقادات مبطنة للنمساوي كورتز، بعد تصاعد انتقاداته لسياسة اللقاح الأوروبي، ووصلت إلى ما يشبه انقساماً في معسكر المستشار نفسه، حيث عبّر في فيينا وفي ستراسبورغ عدد من ساسة يمين الوسط عن رفضهم لخطوة التقارب مع نتنياهو، هذا بالإضافة إلى انتقادات وجهها حزب "الخضر" و"الاجتماعي الديمقراطي" النمساويَّين للزيارة واستمرار هجمات كورتز على المعسكر الأوروبي.

ويبدو أن نهج نتنياهو لخلق ما يشبه تحالفاً يمينياً متشدداً وقومياً محافظاً مع معسكره تجاوز في البروباغندا الانتخابية القارة الأوروبية باتجاه رئيس البرازيل اليميني الشعبوي جايير بولسونارو، على ما ذهبت إليه صحيفة "تايمز أوف إسرائيل".

والمثير في الخطوات المتسارعة قبيل انتخابات الكنيست، اشتراك ابن نتنياهو، يائير، في هذه البروباغندا المتعلقة بتشكيل تحالف يميني متشدد، يجعل تل أبيب وكأنها محوره، حيث قدّم نفسه على طريقة ديكتاتوريات العالم الثالث، من دون صفة رسمية له، على موقعه على "تويتر" برفقة ابن الرئيس البرازيلي إداوردو بولسونارو، كحريص على إنجاز التنسيق الجديد "تنسيق بين المسيحيين واليهود"، وهو خطاب أقرب للخطاب الشعبوي.

ويلفت اليسار الدنماركي الانتباه إلى أن "مراهنة نتنياهو على جعل الدنمارك جزءاً من هذا التحالف يجب أن تُرفض بشكل واضح، وعلينا ألا نتحول إلى أدوات غبية بيد تحالف اليمين المتشدد"، وفقاً لما يذكر القيادي في "اللائحة الموحدة" اليساري هانس يورغ لـ"العربي الجديد". وفي ذات السياق، عبّر أيضاً مقرّر الشؤون الخارجية في البرلمان عن الحزب سورن سونداغورد، عن رفضه الزج ببلاده في هذا التحالف "بين سياسيين مشبوهين". ووفقاً لمعلومات ساسة اليسار، فإن نتنياهو يحاول أن يدفع بجمهورية التشيك والمجر لاتخاذ خطوات بنقل سفارتيهما على الطريقة البرازيلية، إلى القدس المحتلة.

وحذرت أستاذة السياسات الأوروبية بجامعة كوبنهاغن، آنا راسموسن، من السياسات التي ينتهجها نتنياهو لجر بلادها إلى هذا التحالف الذي يستغله اليمين المتشدد الإسرائيلي قبيل الانتخابات. واعتبرت راسموسن أن فريدركسن "وقعت في فخ أن معظم من تحالف معهم نتنياهو هم من معسكر يهاجم الاتحاد الأوروبي، وبالتالي جر الدنمارك إليه سيعني أنها في صفوف اليمين الشعبوي".

وجدير بالذكر أن المجري فيكتور أوربان، المصنف أوروبياً بأنه يمين قومي متشدد، دُفع أخيراً لمغادرة الكتلة البرلمانية الأوروبية المحافظة، ممثلاً بحزب "فيديز"، وأطلق بعدها جملة من التصريحات المعادية للمعسكر الأوروبي الذي تنتمي بلاده إليه، معتبراً أن "الاتحاد الأوروبي يضيق على الديمقراطية"، ويقود حملة تحريض عليه داخل بلده. ولا يختلف الأمر كثيراً لدى زملائه من ساسة اليمين الشعبوي والمتشدد في التشيك والنمسا وإيطاليا وغيرها من دول القارة.

وللمفارقة، يقرأ مسؤول السياسات الخارجية في حزب "فينسرا" الليبرالي المعارض (أكبر أحزاب يمين الوسط) في كوبنهاغن، ميكال استروب، خطوة رئيسة وزراء بلده التقارب مع نتنياهو بكثير من الانتقاد، قائلاً: "لا أفهم كيف يصمت عليها (ميتا فريدركسن) معسكرها الاجتماعي الديمقراطي في البرلمان الأوروبي في تنسيقها وذهابها إلى معسكر قوى محافظة. وما يقلقني هو هذا التدخل في الانتخابات الإسرائيلية، حيث تبدو الأطراف داعمة لبنيامين نتنياهو، وهو ما شهدناه في زيارة أوربان وبابيس إلى إسرائيل". وأكد أستروب أنه "يتعين على فريدركسن أن تعي أن زيارتها عنت أيضاً دعمها لنتنياهو في الانتخابات، وأي تفسير آخر غير هذا يعتبر تخيلات غير حقيقية (يوتوبيا)".

ووفقاً لمصادر من داخل البرلمان الدنماركي لـ"العربي الجديد" فإن رئيسة الوزراء، فريدركسن، مدعوة الأسبوع القادم للمثول أمام لجنة الدفاع والخارجية في البرلمان الدنماركي، بعد أن تزايدت الانتقادات لسياساتها المتقاربة مع تل أبيب، وخصوصاً إمعانها في تجاهل "سلب الفلسطينيين اللقاحات وتقديم دعم إعلامي لنتنياهو"، وظهرت كوبنهاغن وكأنها في "تحالف يميني متشدد دولي، يستغله بنيامين نتنياهو، لترسيخ صورته في إسرائيل"، بحسب تلك المصادر، التي تؤكد طلب الأحزاب "إعلانا عن أن كوبنهاغن ليست جزءاً من هذا التحالف".

وكان نتنياهو، على الرغم من الانتقادات الدولية لحرمان الاحتلال الفلسطينيين من الحصول على اللقاح، وجّه بتسليم جمهورية التشيك، في خطوة رمزية، نحو 5 آلاف جرعة لقاح "موديرنا"، بعد إعلان رئيس وزرائها بابيس "افتتاح تمثيل دبلوماسي" في القدس المحتلة، وهي خطوة جرى التراجع عنها لاحقاً.

المساهمون